رغم الإجراءات الحكومية.. السويد تواجه تحديات في مكافحة العنصرية
رغم الإجراءات الحكومية.. السويد تواجه تحديات في مكافحة العنصرية
أشار تقرير حديث للجنة القضاء على التمييز العنصري التابعة للأمم المتحدة إلى أن السويد تواجه “تحديات جدّية” في مكافحة العنصرية وجرائم الكراهية، رغم الإجراءات الحكومية الأخيرة.
وفي ردّ فعل رسمي، أعلنت وزيرة المساواة السويدية أن الحكومة تعتبر مكافحة العنصرية وجرائم الكراهية من “أعلى الأولويات”، وحثّت السياسيين وممثلي الدولة على تحمل مسؤولياتهم في تهدئة المناخ الاجتماعي وتخفيف الاستقطاب، بحسب ما ذكر موقع “alkompis”، اليوم الاثنين.
ورغم تزايد البلاغات عن جرائم كراهية، تُظهر بيانات لجنة القضاء على التمييز العنصري أن نسبة القضايا التي تنتهي بإدانة لا تتجاوز 6% تقريبًا.
وتنتقد اللجنة ما يُعرف بـ"مناطق التفتيش" (visitation zones)، التي تتيح للشرطة تفتيش أشخاص دون اشتباه مخصص، وهو ما رأت فيه لجنة CERD "انتهاكاً لاتفاقية القضاء على التمييز العنصري".
تمييز في الجنسية والإقامة
طالبت اللجنة بمراجعة القيود الجديدة المقترحة للحصول على الجنسية أو الإقامة، التي تشمل شروط لغة ومعرفة ثقافية تُخشى أن تُستَخدم ضد المهاجرين والأقليات.
تظهر هذه المؤشرات جليّة أن المسافة بين "قانون الدولة" و"واقع الناس" ما زالت طويلة للغاية.
أبرز مثال عملي على القلق الذي عبّرت عنه لجنة CERD هو الحكم الصادر مؤخراً على أربعة شبان ينتمون إلى شبكة يمينية متطرفة في السويد، بعد إدانة اعتداءات عنصرية طالت مهاجرين، من بينهم رجل سوري، تعرض الضحايا للضرب والصدمات، وبعض المعتدين نفّذوا تحيات نازية خلال الاعتداء.
تُظهر قضية كهذه أن العنف العنصري ليس محض مظاهر فردية أو حوادث عرضية، بل خطراً حقيقياً يواجه أشخاصاً بناءً على أصلهم أو هويتهم، ويتطلب استجابة قانونية ومجتمعية شاملة.
خطوات رسمية إيجابية
أعلنت الحكومة السويدية في ديسمبر 2024 خطة وطنية لمكافحة العنصرية وجرائم الكراهية، شملت مؤسسات العدالة، والمدارس، وسوق العمل، والإجراءات الاجتماعية، في محاولة لتفكيك البنى الهيكلية للتمييز.
كما عززت قوانين الحماية الجنائية ضد خطاب الكراهية، وأتاحت للضحايا الحق في طلب تعويضات.
لكن مؤسسات حقوقية مستقلة تنتقد أن هذه الإجراءات رسمية على الورق فقط، وتفتقر إلى تنفيذ فعلي ومستمر، كثير من ضحايا الكراهية لا يبلغون الشرطة، أو يُقبَل شكاواهم ثم تُركّ في أدراج القضاء، ما يضفي شعورًا بالإفلات من العقاب على مرتكبي هذه الجرائم.
معركة ضد التمييز
أظهرت مقابلات أجرتها منظمات مدنية مع أطفال من خلفيات مهاجرة أن العنصرية باتت “جزءاً من الحياة اليومية” في المدارس السويدية، بعضهم يقول إنه يُطلب منه “إثبات نفسه أكثر من غيره”، لأن له “خلفية أجنبية”، بينما أقرّ كثيرون بأن لديهم “معلم عنصري على الأقل”.
ويرى خبراء حقوقيون أن هذا الواقع يؤكد أن العنصرية في السويد لم تُمحَ بعد من العقل الجمعي -ولا من المؤسسات- ما يجعل الإجراءات القانونية وحدها غير كافية دون سياسات تعليمية وثقافية تساندها.
ورغم أن السويد اتخذت خطوات مهمة على الورق لمحاربة العنصرية وجرائم الكراهية، تشير المعطيات -من تقرير لجنة الأمم المتحدة إلى أحكام قضائية حديثة- فإن الواقع لا يزال قاتماً لكثير من المهاجرين والأقليات.











