فيضانات جنوب شرق آسيا.. أكثر من 1800 قتيل في إندونيسيا وسريلانكا وخسائر تتفاقم
فيضانات جنوب شرق آسيا.. أكثر من 1800 قتيل في إندونيسيا وسريلانكا وخسائر تتفاقم
ارتفعت حصيلة الفيضانات والانهيارات الأرضية في جزيرة سومطرة الإندونيسية إلى 961 قتيلاً وخمسة آلاف جريح، وفق ما أفاد مركز إدارة الكوارث، اليوم الاثنين.
وأوضح المركز أن الكارثة التي طالت ثلاث مقاطعات دمرت عدداً كبيراً من المنازل والطرق والبنية التحتية، وأسفرت عن فقدان 293 شخصاً.
وتمثل هذه الحصيلة جزءاً من موجة من العواصف الاستوائية والأمطار الموسمية التي اجتاحت جنوب شرق آسيا، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 1800 شخص في إندونيسيا وسريلانكا وماليزيا وتايلاند وفيتنام، نتيجة الانزلاقات الأرضية والفيضانات المفاجئة بحسب فرانس برس.
تكلفة إعادة الإعمار
وقدر رئيس مركز إدارة الكوارث سوهاريانتو مساء الأحد أن تكلفة إعادة الإعمار في مقاطعات سومطرة الثلاث قد تصل إلى 51,82 تريليون روبية، أي ما يعادل 3,1 مليار دولار، مع الإشارة إلى أن الأضرار شملت المرافق العامة والمنازل الخاصة والمباني الحكومية، إضافة إلى الطرق والجسور الحيوية.
يعد إقليم آتشيه الواقع شمال غرب جزيرة سومطرة، والذي سبق أن دمره تسونامي عام 2004، المنطقة الأكثر تضرراً، حيث بلغ عدد القتلى 386 شخصاً، مع نزوح مئات الآلاف من السكان.
وأشار حاكم الإقليم مزاكير مناف إلى أن الوضع في آتشيه يفتقر إلى كافة الموارد الأساسية، ومنها الفرق الطبية والأطباء والأدوية والسلع الأساسية. وأكد أن الأولوية الآن تكمن في توفير الدعم الإنساني الطارئ وتقديم الرعاية للمتضررين.
فيضانات واسعة النطاق
يشهد قسم كبير من جنوب شرق آسيا ذروة موسم الرياح الذي يُعد أساسياً لزراعة الأرز، لكنه غالباً ما يؤدي إلى فيضانات واسعة النطاق.
وأوضح خبراء المناخ أن التغيرات المناخية أسهمت في زيادة هطول الأمطار الغزيرة؛ لأن الغلاف الجوي أصبح أكثر احتراراً ويحتفظ بكمية كبرى من الرطوبة، كما أن احترار المحيطات يزيد من حدة العواصف الاستوائية.
وأشار الخبراء إلى أن إزالة الغابات في إندونيسيا أسهمت في تفاقم الانهيارات الأرضية والفيضانات المفاجئة في جزيرة سومطرة، بسبب فقدان الغطاء النباتي الذي يثبّت التربة.
الاستجابة الإنسانية في سريلانكا
وفي سريلانكا التي ضربها إعصار عنيف أودى بحياة 627 شخصاً في مختلف أنحاء البلاد، أعلن الجيش، الاثنين، عن مضاعفة عدد عناصره المنتشرين لمساعدة المتضررين، إذ وصل عددهم إلى 38,500 عنصر.
وقال قائد الجيش لاسانثا رودريغو إن القوات المشاركة تعمل على إعادة بناء الطرق والجسور المتضررة وتنظيف آبار مياه الشرب الملوثة بمياه الفيضانات.
وتضرر أكثر من مليوني سريلانكي، أي نحو 10 بالمئة من السكان، جراء إعصار ديتواه الذي يعد الأسوأ منذ مطلع القرن، وتركزت الأضرار بشكل خاص في المنطقة الوسطى الخصبة، حيث تُزرع مساحات واسعة من الشاي.
وسجلت السلطات مقتل 471 شخصاً في هذه المنطقة، وقال الرئيس أنورا كومارا ديساناياكي إن الكارثة تمثل أصعب تحدٍّ واجهته البلاد على الإطلاق.
الآثار النفسية والاجتماعية
بعيداً عن الأضرار المادية، خلفت الفيضانات والانهيارات الأرضية آثاراً نفسية واجتماعية كبيرة في السكان المتضررين، خاصة الأطفال والنساء وكبار السن، وأدى فقدان المساكن والممتلكات إلى نزوح واسع، ما خلق حاجة عاجلة إلى المأوى والرعاية الصحية والتعليم المؤقت.
كما تسبب نقص الموارد الطبية في ارتفاع معاناة المصابين والجروح، ما زاد من الضغوط على السلطات المحلية والمنظمات الإنسانية.
وتشير الدراسات المناخية إلى أن ظاهرة الاحترار العالمي تؤدي إلى زيادة شدة العواصف الموسمية والأعاصير في جنوب شرق آسيا، ما يجعل هذه الكوارث أكثر تكراراً وقوة، وتضيف هذه الظاهرة أبعاداً جديدة لتحديات إدارة الكوارث، إذ تتطلب استجابة عاجلة وفعالة لتقليل الخسائر البشرية والمادية.
وحذرت الأمم المتحدة من أن استمرار تغيّر المناخ سيزيد من احتمالات الفيضانات المفاجئة والانهيارات الأرضية في المناطق الساحلية والجبلية، مع آثار طويلة المدى في الأمن الغذائي والاقتصادي والاجتماعي في المنطقة.
التنسيق الإقليمي والدولي
استجابة لهذه الكوارث، كثفت الحكومات المحلية التعاون مع المنظمات الإنسانية الدولية لتقديم الدعم الطارئ، ومنه توزيع الغذاء والمياه النظيفة والمستلزمات الطبية، كما تم تنسيق جهود الإغاثة بين الدول المجاورة والمنظمات الإقليمية لضمان وصول المساعدات إلى المناطق الأكثر تضرراً بسرعة، وتقليل المخاطر الناجمة عن الكوارث الموسمية المستقبلية.
جنوب شرق آسيا يُعد من أكثر المناطق عرضة للفيضانات والانهيارات الأرضية بسبب الطبيعة الجغرافية والمناخية، حيث تتقاطع الجبال والغابات مع السواحل والمجاري المائية. ويشكل موسم الرياح الموسمية جزءاً أساسياً من دورة الزراعة، لكنه غالباً ما يؤدي إلى كوارث طبيعية مفاجئة. ومع الاحترار العالمي، أصبح من المتوقع أن تهطل كميات كبرى من الأمطار، ما يزيد من مخاطر الفيضانات والانهيارات الأرضية.
وتشير التقارير الأممية إلى أن آثار هذه الكوارث تمتد إلى الأمن الغذائي، الصحة العامة، الاقتصاد المحلي، والاستقرار الاجتماعي، ما يفرض على الحكومات والمجتمع الدولي تعزيز نظم الإنذار المبكر، والبنية التحتية المقاومة للكوارث، وسياسات الحد من إزالة الغابات وإعادة التشجير لضمان التخفيف من الأضرار المستقبلية.
دوامة تدمير ذاتي
وفي وقت سابق، حذرت الأمم المتحدة، من دخول البشرية في "دوامة تدمير ذاتي"؛ بسبب تجاهل المخاطر الكبيرة للتغيرات المناخية، مؤكدة أن العالم يعاني من تصور خاطئ للمخاطر يفاقم الأنشطة والسلوكيات التي تسبب عدداً متزايداً من الكوارث حول العالم".
وتوقع تقرير مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث حدوث كوارث ناجمة عن الجفاف ودرجات الحرارة القصوى والفيضانات المدمرة بوتيرة كبرى في السنوات المقبلة، حسبما أفادت قناة الحرة الإخبارية الأمريكية.
يذكر أن معظم الخسائر المتعلقة بالكوارث لا تغطيها شركات التأمين، فمنذ عام 1980 تم تغطية نحو 40% فقط من الخسائر على مستوى العالم، لكن النسبة تتراجع في البلدان النامية إلى أقل من 10%.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن كوكب الأرض يواجه حالياً أزمة ثلاثية تتمثل في الاختلال المناخي، وفقدان الموارد الطبيعة والتنوع البيولوجي، والتلوث والنفايات.
وبحسب "غوتيريش" فإن الأزمة تهدد حياة الملايين من الناس وسبل بقائهم في جميع أنحاء العالم، موضحاً أن أسس الحياة السعيدة والعيش بصحة جيدة -وقوامها الماء النظيف والهواء النقي والمناخ المستقر- أصابها اختلال شديد؛ ما يعرض تحقيق أهداف التنمية المستدامة للخطر.











