سريلانكا تغرق.. إعصار يحوّل المدن إلى مناطق منكوبة ويدفع الآلاف للنزوح
سريلانكا تغرق.. إعصار يحوّل المدن إلى مناطق منكوبة ويدفع الآلاف للنزوح
تجتاح كارثة مزدوجة عاصمة سريلانكا ومحيطها، حيث حوّل إعصار «ديتواه» مساحات واسعة إلى بحيرات طينية، ودفع آلاف الأسر إلى نزوح قسري، في حين تتفاقم المخاطر الصحية والإنسانية على الفئات الأكثر هشاشة، في مشهد يختبر قدرة الدولة والمجتمع الدولي على الاستجابة العادلة والمنصفة.
اجتاحت الفيضانات، اليوم الأحد، أحياءً كاملة من العاصمة كولومبو مع استمرار ارتفاع منسوب المياه في نهر كيلاني، بعدما غادرت العاصفة مسارها المباشر وبقيت أمطارُها المنحدرة من المناطق المرتفعة تصبّ في المناطق المنخفضة، مهددةً آلاف المنازل بالغرق والانهيار، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس".
أطلقت السلطات، في محاولة لاحتواء الموقف، تحذيرات عاجلة للسكان في شمال كولومبو ومحيطها، مطالبةً بإخلاء فوري للأحياء الأكثر عرضة للخطر، في حين شرعت فرق الطوارئ في إقامة سدود مؤقتة، لكنها بدت عاجزة أمام تسارع تدفق المياه وزيادة شدتها ساعة بعد أخرى.
حصيلة مأساوية
أعلن مركز إدارة الكوارث السريلانكي، ارتفاع عدد القتلى إلى 159 شخصًا على الأقل، في حين لا يزال 203 آخرون في عداد المفقودين، بينهم أطفال ونساء ومسنون.
وأوضح مركز إدارة الكوارث أن العاصفة، ورغم ابتعادها عن السواحل، لا تزال تتسبب بأمطار غزيرة في مناطق المنبع، ما يؤدي إلى استمرار غمر القرى الواقعة على ضفاف النهر، وزيادة عدد الضحايا يومًا بعد يوم.
ودمرت السيول العنيفة أكثر من 20 ألف منزل تدميرًا كليًا أو جزئيًا، تاركةً خلفها عشرات الآلاف من العائلات دون مأوى، في حين اضطرّ نحو 122 ألف شخص إلى اللجوء إلى ملاجئ مؤقتة تديرها الدولة، تفتقر في كثير من الأحيان إلى الحد الأدنى من معايير الأمن الصحي والإنساني.
احتاج أكثر من 833 ألف مواطن إلى مساعدات طارئة من الحكومة، سواء في الغذاء أو المياه النظيفة أو الأدوية، في وقت تنهار فيه الخدمات الأساسية وتتعطل شبكات الاتصال، ما يعقّد إيصال الدعم إلى المناطق المعزولة.
شلل البنية التحتية
توقفت الحياة في نحو ثلث البلاد، بعدما انهارت خطوط الكهرباء ومرافق تحلية المياه، وانقطعت خدمة الإنترنت والاتصالات في مناطق واسعة، ما زاد من عزلة السكان وصعّب مهمة فرق الإغاثة في تحديد مواقع المفقودين.
عطّلت الأمطار الطرق الرئيسية، خاصة في المقاطعة الوسطى التي تُعدّ الأكثر تضررًا، حيث أصبحت القرى محاصرة بالمياه، واضطر السكان إلى التنقل بالقوارب البدائية وسط مخاطر الغرق والانهيارات الأرضية.
وأعلن الرئيس أنورا كومارا ديساناياكي حالة الطوارئ، ودعا المجتمع الدولي إلى تقديم مساعدات عاجلة لمواجهة آثار الإعصار، في خطوة تعكس حجم الكارثة التي تفوق إمكانيات البلاد المحدودة.
ونُشرت قوات من الجيش والبحرية والقوات الجوية، إلى جانب متطوعين وعمال مدنيين، في سباق مع الزمن لإنقاذ العالقين وتوزيع الإمدادات، إلا أن ضعف المعدات ونقص الموارد يحدّ من فعالية هذه الجهود.
تضامن دولي أولي
بادرت الهند بإرسال إمدادات إغاثية عاجلة ومروحيتين للمساعدة في عمليات الإنقاذ الجوي، في أول استجابة خارجية ملموسة، في حين تعهدت اليابان بإرسال فريق لتقييم الاحتياجات الميدانية وتقديم دعم إضافي في المرحلة المقبلة.
وطالبت منظمات حقوقية وإنسانية بضرورة توسيع دائرة التضامن الدولي، محذّرة من أن التأخر في التدخل قد يؤدي إلى كارثة صحية تشمل تفشي الأوبئة وتلوث مصادر المياه.
واعتُبر إعصار «ديتواه» الأكثر دموية في سريلانكا منذ عام 2017، حين أودت الفيضانات والانهيارات الأرضية بحياة أكثر من 200 شخص وشردت مئات الآلاف، في تذكير قاسٍ بعجز البنية التحتية الهشة عن مقاومة التغيرات المناخية المتطرفة.











