"المرصد السوري": اتساع رقعة الإضراب في الساحل رغم الضغوط الحكومية
"المرصد السوري": اتساع رقعة الإضراب في الساحل رغم الضغوط الحكومية
دخل الإضراب العام في مناطق الساحل السوري يومه الثاني وسط حالة شلل شبه كاملة في الحركة التجارية والأسواق، حيث تخيّم أجواء الهدوء على المدن والبلدات التي استجابت للدعوة.
وسجّل اليوم الأول من الإضراب استجابة واسعة لافتة في المناطق ذات الغالبية العلوية، وفي مقدمتها اللاذقية وريفها، وجبلة وأريافها، وبانياس وطرطوس وصافيتا والدريكيش والشيخ بدر، إضافة إلى ريف مصياف وبعض أحياء مدينة حمص وريفها، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم الثلاثاء.
والتزم آلاف السكان بإغلاق محالهم والتوقف عن ممارسة الأعمال اليومية تجاوباً مع الدعوة التي أطلقها الشيخ غزال غزال، رئيس المجلس الإسلامي العلوي الأعلى، للإضراب لمدة خمسة أيام احتجاجاً على الظروف المعيشية والضغوط الاقتصادية المتفاقمة.
اتساع المشاركة باليوم الثاني
تشير تقارير المرصد إلى أنّ رقعة المشاركة تتسع بشكل ملاحظ مع دخول الإضراب يومه الثاني، حيث تُظهر المؤشرات الميدانية انضمام مناطق جديدة بشكل تدريجي، في ظل شعور متزايد بالسخط الشعبي تجاه استمرار التدهور الاقتصادي وانهيار الخدمات الأساسية.
ويعكس هذا التفاعل الشعبي، وفق مراقبين، رغبة فئات واسعة من سكان الساحل في التعبير عن غضبهم من غياب الاستجابة الحكومية للمطالب المعيشية، خاصة في بيئة تُعرف تاريخياً بولائها النسبي للنظام السوري.
وتتحرك المؤسسات التعليمية والدوائر الحكومية في الساحل السوري لاحتواء الإضراب عبر تشديد الإجراءات على الموظفين، من خلال تعميمات تلزم العاملين بالدوام الكامل تحت طائلة اتخاذ إجراءات عقابية قد تصل إلى الفصل التعسفي.
ومنعت السلطات منح الإجازات، وطلبت من الإدارات مراقبة الحضور بدقة، في محاولة للحد من تأثير الإضراب داخل القطاع الحكومي الذي يُعد إحدى أكثر المؤسسات حساسية للنظام.
وتفيد معلومات المرصد بأن السلطات أرسلت خطابات "تحريضية" أو "تحذيرية" للموظفين في بعض المؤسسات الرسمية لإجبارهم على الالتزام بالدوام، إلا أنّ تأثير هذه الضغوط ظل محدوداً، خاصة مع المشاركة الواسعة التي سجّلها الأهالي خلال اليومين الأولين.
خلفية أوسع للاحتقان الشعبي
تتزامن هذه التحركات الاحتجاجية مع أزمة اقتصادية خانقة يعيشها الساحل السوري منذ سنوات، حيث ترتفع أسعار السلع الأساسية بشكل غير مسبوق، وتتراجع القدرة الشرائية للسكان إلى أدنى مستوياتها، في حين تستمر أزمات الوقود والكهرباء والدواء دون حلول تذكر.
وأدّت هذه الأوضاع إلى تفاقم الاحتقان الشعبي في مناطق كانت تُعد سابقاً الأكثر هدوءاً واستقراراً مقارنة بباقي المناطق السورية. ومع مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد، لا تزال البلاد غارقة في فراغ سياسي وأمني، ما يزيد من هشاشة الوضع المعيشي ويجعل أي توتر قابل للاشتعال بسرعة.
ويُظهر استمرار الإضراب -رغم الضغوط الإدارية المتصاعدة- مدى عمق الغضب الشعبي في الساحل السوري، وسط تساؤلات متزايدة حول قدرة السلطات على احتواء هذه الحالة فيما تبقّى من أيام الإضراب المعلن.
ويحذّر مراقبون من أنّ استمرار الشلل التجاري وتوسع رقعة الامتناع الشعبي قد يفتح الباب أمام موجة احتجاجية أوسع، وربما غير مسبوقة في مناطق تُعد تقليدياً حاضنة للنظام، ما يجعل الأيام المقبلة حاسمة في تحديد مسار هذه الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة في الساحل.











