في اليوم العالمي.. منظمات حقوقية تطالب بمحاسبة المسؤولين عن جرائم غزة
في اليوم العالمي.. منظمات حقوقية تطالب بمحاسبة المسؤولين عن جرائم غزة
يصادف اليوم 10 ديسمبر 2025 اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يحتفي فيه العالم بذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويحمل هذا العام شعار “حقوق الإنسان ركيزة كرامتنا في الحياة اليومية”، إلا أن المناسبة تحل بينما يعيش الفلسطينيون في الأراضي المحتلة واحدة من أسوأ المآسي الإنسانية منذ عقود، في ظل استمرار الانتهاكات الواسعة التي تطول المدنيين بشكل يومي وتحرمهم من أبسط ما نص عليه الإعلان العالمي من حقوق أساسية.
وتشير مؤسسات حقوقية دولية وفلسطينية في بيانات صدرت اليوم الأربعاء إلى أن الفلسطينيين يواجهون حرماناً ممنهجاً من حقهم في الحياة وتقرير المصير والمستوى المعيشي الملائم والرعاية الصحية والتعليم، في وقت يتعرض فيه آلاف المعتقلين الفلسطينيين لانتهاكات جسيمة تشمل التعذيب وسوء المعاملة والحرمان من الزيارة والمحاكمة العادلة، وفق المركز الفلسطيني للإعلام.
هجمات مستمرة
ورغم دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي، تواصل القوات الإسرائيلية عملياتها البرية والجوية والبحرية على نطاق واسع في قطاع غزة، مستهدفة المناطق السكنية ومواقع النزوح.
وتشير المعطيات الميدانية إلى سيطرة القوات الإسرائيلية على أكثر من 53 في المئة من مساحة القطاع، فيما تتكرر حوادث إطلاق النار على المخيمات والخيام وعلى أطراف الأحياء التي نزح منها السكان.
وأسفرت الهجمات الإسرائيلية منذ بدء وقف إطلاق النار في قطاع غزة عن استشهاد 386 فلسطينيا وإصابة 980 آخرين وفق مصادر حقوقية، كما يستمر منع حرية الحركة والتنقل، خصوصا للمرضى والجرحى الذين يحتاج أكثر من 15000 منهم للسفر لاستكمال العلاج في ظل انهيار المنظومة الصحية وعجز الأدوية بنسبة 55 في المئة والمستهلكات الطبية بنسبة 71 في المئة.
أزمة إنسانية في غزة
ويمر سكان قطاع غزة بواقع معيشي يزداد قسوة مع كل يوم نتيجة القيود المفروضة على دخول البضائع، إذ لا يتجاوز متوسط عدد الشاحنات اليومية الداخلة إلى القطاع 171 شاحنة مقارنة بنحو 600 شاحنة كانت تصل قبل الحرب، ما يعني نقصا حادا في الغذاء والدواء والوقود ومواد الإيواء.
وتعاني عشرات الآلاف من الأسر النازحة من غياب المأوى الملائم وتواجه نحو 288000 أسرة مخاطر شديدة مع اقتراب المنخفضات الجوية وغرق آلاف الخيام تحت الأمطار، وتزداد معاناة العائلات مع تسجيل أعداد متزايدة من حالات الوفاة بسبب البرد والجوع والعطش، إذ تشير تقارير ميدانية إلى وفاة 457 شخصا من الأطفال والنساء وكبار السن نتيجة الظروف القاسية والحرمان من الخدمات الأساسية.
ولا يقتصر تأثير الهجمات الإسرائيلية على المدنيين ومراكز الأحياء فحسب، بل يمتد إلى البنية التحتية الحيوية التي تعرضت لتدمير واسع طال المنشآت الصناعية والزراعية ومرافق الخدمات، بما يشمل شبكات المياه والكهرباء والطرق، كما أصاب الدمار مواقع أثرية وسياحية تعود إلى آلاف السنين، مهددا الذاكرة التاريخية للمدينة، وتفاقم الأزمة بشكل أكبر الدمار الواسع الذي طال المؤسسات التعليمية من مدارس وجامعات ورياض أطفال، ما أدى إلى توقف العملية التعليمية للعام الثالث على التوالي.
وتظهر تقارير تربوية تراجعا غير مسبوق في مستوى التحصيل المعرفي للطلاب والباحثين نتيجة الانقطاع الطويل عن التعليم، وغياب البيئة الآمنة للتعلم، وانتشار الأمراض في مراكز النزوح التي يعيش داخلها مئات الآلاف دون مرافق صحية مناسبة.
دعوات لتدخل دولي
وقال مركز الميزان لحقوق الإنسان، في بيان اليوم الأربعاء، بمناسبة اليوم العالمي إن ما يجري في قطاع غزة يمثل حرب إبادة جماعية وانتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني، وأكد المركز أن الاحتلال يواصل تجاهل تفاهمات وقف إطلاق النار وقرارات محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
وطالب المركز المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لفرض وقف فوري للإبادة، وضمان انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وتمكين المرضى والجرحى من حرية السفر للعلاج وتسهيل دخول المساعدات الغذائية والطبية بشكل كاف، كما دعا إلى إنهاء سياسة الإفلات من العقاب عبر ملاحقة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين، مؤكدا أن استمرار الصمت الدولي يفاقم المعاناة ويمنح السلطات الإسرائيلية فرصة لمواصلة سياساتها دون رادع، وطالب المركز شعوب العالم بتكثيف حملات التضامن والضغط على حكوماتها للتحرك الجاد من أجل حماية المدنيين الفلسطينيين ووقف الحرب وضمان احترام الالتزامات القانونية والأخلاقية للدول.
صوت حقوق الإنسان
في هذه المناسبة، أعادت مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية والدولية التأكيد على أن اليوم العالمي لحقوق الإنسان ليس مجرد احتفالية رمزية، بل فرصة لتجديد الالتزام بمبادئ الكرامة الإنسانية، وشددت على أن الفلسطينيين يمثلون اليوم إحدى أكثر الفئات التي تتعرض لاضطهاد ممنهج يحرمها من كل ما نص عليه الإعلان العالمي.
وأكدت المؤسسات أن تجارب العقود الماضية أثبتت أن الحماية الدولية ضرورة وليست خيارا في ظل عجز النظام الدولي عن وقف الانتهاكات التي تتكرر دون محاسبة، كما شددت على أن الإنسان الفلسطيني يستحق حياة آمنة وعادلة وكريمة، وأن استمرار الاحتلال والحصار والحرب يعني المزيد من اليأس والفقدان والمعاناة اليومية التي لا تنتهي.
يوافق اليوم العالمي لحقوق الإنسان العاشر من ديسمبر من كل عام، وهو مناسبة تعتمدها الأمم المتحدة لإحياء ذكرى صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، ويعد هذا اليوم مساحة سنوية للتذكير بالقيم الأساسية التي تضمن كرامة الإنسان وحقه في الحرية والأمان والعدالة والمساواة دون تمييز، ولتقييم حالة الحقوق حول العالم ورصد الانتهاكات التي ما زالت مستمرة رغم مرور أكثر من 77 عاما على اعتماد الإعلان.
ويهدف هذا اليوم إلى حث الحكومات والمجتمعات على الالتزام بواجباتها تجاه حماية الإنسان من التعذيب والاعتقال التعسفي والتمييز والعنف، إضافة إلى دعم جهود المنظمات الحقوقية التي تعمل من أجل تعزيز العدالة وبناء عالم أكثر إنصافا واحتراما لحقوق الإنسان.











