اليوم العالمي لحقوق الإنسان 2025.. رسالة عالمية للدفاع عن العدالة والمساواة
يحتفل به 10 ديسمبر من كل عام
يُحتفى باليوم العالمي لحقوق الإنسان سنويًا في 10 ديسمبر، تخليدًا لذكرى اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" في باريس عام 1948، الذي يُعد واحدًا من أعظم التعهدات الدولية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية لكل إنسان لمجرد كونه إنسانًا، بغض النظر عن العِرق أو اللون أو الدين أو الجنس أو اللغة أو الرأي السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر.
وقد أُعلن هذا اليوم في 10 ديسمبر 1948، ليضع لأول مرة الحقوق الأساسية في صميم القانون والسياسة الدولية، ويصبح معيارًا عالميًا يُحتذى به في سن القوانين الوطنية وتطوير السياسات العامة على جميع المستويات، ويُترجم الإعلان إلى 577 لغة، مما يجعله أكثر الوثائق ترجمة في العالم، من الأبخازية إلى الزولو، ليعكس بعده الشمولي وعالميته.
أهمية اليوم العالمي
يشكّل اليوم العالمي لحقوق الإنسان مناسبة دولية لتذكير جميع الشعوب بالدور المحوري لحقوق الإنسان في حياتنا اليومية، فهو لا يقتصر على الحماية القانونية والسياسية، بل يمتد إلى تعزيز الفرح والسعادة والأمان، ويؤثر في تفاصيل حياتنا اليومية من الطعام الذي نأكله، والهواء الذي نتنفسه، والكلمات التي ننطقها، إلى الفرص التي نسعى إليها والحماية التي تضمنها القوانين والسياسات المحلية والدولية.
وتعتبر حقوق الإنسان جوهرية، فهي أساسيات تشترك فيها جميع الشعوب، وتشكل الأرضية المشتركة التي توحد البشر رغم اختلافاتهم في العرق أو الجنس أو المعتقد أو الخلفية. كما أنها قابلة للتحقق، تبدأ من الأفعال الفردية اليومية مثل احترام الآخرين، والاعتراض على الظلم، والاستماع إلى الأصوات المهمشة، وتمتد لتصبح جهودًا جماعية عبر التعاون بين المجتمعات والدول والحركات الحقوقية، لبناء ثقافة عالمية قائمة على الكرامة والإنصاف.
بدأ الاحتفال باليوم رسميًا في عام 1950 بعد صدور القرار رقم 423 (V) من الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي دعا الدول والمنظمات الدولية لاعتماد 10 ديسمبر يومًا عالميًا لحقوق الإنسان، وأصبح اليوم مناسبة لتسليط الضوء على الحقوق والحريات التي يكفلها الإعلان العالمي لجميع الأفراد دون تمييز على أساس الجنسية أو مكان الإقامة أو الجنس أو الأصل الوطني أو العرقي أو الدين أو اللغة.
ورغم أن الإعلان ليس وثيقة ملزمة قانونيًا، فقد شكل مصدر إلهام لإعداد أكثر من 60 صكًا من صكوك حقوق الإنسان، لتشكل مجتمعة معيارًا دوليًا عالميًا يُلهم القوانين والسياسات الوطنية والدولية، ويؤكد التزام الأمم المتحدة بجدول أعمال التنمية المستدامة 2030.
وقد لعبت اليونسكو، في ديسمبر 1948، دورًا رياديًا في وضع الإعلان في صميم أعمالها، مستعينة بالتعليم ووسائل الإعلام لنشر المعرفة بالإعلان عالميًا، لتصبح حقوق الإنسان جزءًا من وعي الأجيال الحالية والمستقبلية.
موضوع اليوم لعام 2025
في ظل مرحلة تتسم بالاضطراب وعدم اليقين، وأجواء تزداد فيها مشاعر انعدام الأمن والاستياء والعزلة، جاء موضوع عام 2025 : "حقوق الإنسان ركيزة كرامتنا في الحياة اليومية" ليعيد تأكيد قيم حقوق الإنسان، ويبرز دورها الحاسم في حياتنا اليومية، تسعى الحملة إلى تقريب حقوق الإنسان من تجربة الأفراد اليومية، لتبيّن أن الحقوق ليست أفكارًا مجردة، بل أساسيات يعيشها الإنسان يوميًا، تشكّل خيارًا رابحًا للبشرية.
تركز الحملة على ثلاثة محاور رئيسية:
إيجابية حقوق الإنسان: حيث تعزز السعادة والأمان وتوفر حماية حقيقية.
جوهرية حقوق الإنسان: باعتبارها أساسيات مشتركة توحد الجميع رغم اختلافاتهم.
قابلية التحقيق: عبر ممارسات يومية واحترام الآخرين والعمل الجماعي لتعزيز العدالة والمساواة.
ومن خلال هذه الحملة، يُطلب من الأفراد مشاركة أساسيات حياتهم اليومية عبر المنصات الرقمية، موضحين كيف تجسّد حقوق الإنسان في يومهم، من خلال القصص والصور والرسائل باستخدام وسم الحملة #OurEverydayRights.
تستضيف الأمم المتحدة وشركاؤها مجموعة من الفعاليات المميزة ضمن إطار الاحتفالات باليوم العالمي لحقوق الإنسان لعام 2025:
- قمة (رايتس إكس): تمكين مستقبل حقوق الإنسان، بهدف دفع مسارات تعزيز حقوق الإنسان من خلال الذكاء الاصطناعي والابتكار.
- إطلاق إمكانات حقوق الإنسان، بهدف النهوض بالتثقيف في مجال حقوق الإنسان للشباب وبمشاركتهم الفاعلة.
- أساسياتكم اليومية، بهدف مشاركة الناس في أنحاء العالم ما يشكّل أساسيات حياتهم اليومية، والحقوق والقيم التي تعني لهم أكثر من سواها، لربط مفهوم حقوق الإنسان بتجارب الأفراد اليومية.
سفير الأمم المتحدة الرقمي
تم إطلاق أول نسخة متحركة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالشراكة مع الفنان الرقمي الفرنسي "ياك" (ياسين آيت كاسي)، لتصبح شخصيته "إليكس" أول سفير رقمي للأمم المتحدة، يستخدم الرسوم المتحركة لإحياء المواد الثلاثين للإعلان.
يقوم المفوض السامي لحقوق الإنسان بدور رئيسي في تنسيق جهود الاحتفال بيوم حقوق الإنسان سنويًا، بالتعاون مع الدول الأعضاء، لضمان تعزيز الوعي العام بالحقوق والحريات، ومتابعة تنفيذها على المستوى العالمي، وضمان نشر المعرفة بالحقوق الأساسية التي يكفلها الإعلان العالمي.
يمثل اليوم العالمي لحقوق الإنسان مناسبة لتأكيد التزام المجتمعات والدول بضمان احترام الحقوق الأساسية والحريات، وتعزيز المساواة والعدالة، ومكافحة التمييز، وتشجيع المشاركة المدنية الفاعلة، كما يسلّط الضوء على الحاجة الماسة إلى سيادة القانون، والتوازن بين الحقوق والواجبات، والتعاون الدولي لحماية حقوق الإنسان في مواجهة التحديات العالمية المتجددة.
وقد عبّرت أودري أزولاي، المديرة العامة السابقة لليونسكو، عن أهمية اليوم قائلة: "غدًا سيتولى الشباب زمام الأمور في مجتمعات عالمنا.. وعلينا أن نضمن لهم عالمًا يعيشون فيه بكرامة وعدالة"، وشددت على ضرورة تعزيز تعليم حقوق الإنسان، ونشر الوعي بين الشباب ليصبحوا عوامل تغيير فاعلة في بناء مجتمع عالمي أكثر عدلاً واستدامة.
الاحتفال بالذكريات والإنجازات
شهد الاحتفال السنوي على مر السنوات مجموعة من المواضيع التي ركزت على مختلف الجوانب الحقوقية والاجتماعية، من بينها:2024 "حقوقنا ومستقبلنا فورًا" 2022 "جميعنا بشر جميعنا متساوون"، 2020 "إعادة البناء بشكل أفضل"، 2019 "الشباب يدافعون عن حقوق الإنسان"، 2016 "قوموا اليوم ودافعوا عن حقوق إنسان"، 2015 "حقوقنا.. حرياتنا.. دائمًا".
وتؤكد هذه الاحتفالات على الاستمرارية في تسليط الضوء على أهمية حقوق الإنسان ودورها في بناء عالم قائم على العدالة والمساواة، مع إدماج الشباب والمجتمعات المحلية في جهود التوعية والحماية.
تشير البيانات الرسمية إلى أن حقوق الإنسان تشكل إطارًا يوميًا للحياة، من خلال توفير: الأمان والحماية للأفراد، وفرص المشاركة في القرارات التي تمس حياتهم الحق في التعبير الحر والرأي، والمساواة أمام القانون، بغض النظر عن الخلفية أو الظروف الشخصية.
ويؤكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن هذه الحقوق والحريات غير قابلة للتصرف، وأن احترامها وحمايتها مسؤولية جميع الدول والمجتمعات والأفراد، لتصبح أساسًا عالميًا للتعاون والسلام والعدالة.
في عام 2025، يكتسب اليوم العالمي لحقوق الإنسان أهمية خاصة، إذ يسلط الضوء على حقوق الإنسان كركيزة للكرامة في الحياة اليومية، ويعيد التأكيد على ضرورة جعل هذه الحقوق جزءًا ملموسًا من حياة كل فرد، من خلال العمل الفردي والجماعي، والتعليم، والمبادرات المجتمعية، والسياسات الوطنية والدولية.
ويشكل الاحتفال فرصة عالمية للتذكير بأن الدفاع عن حقوق الإنسان ليس خيارًا ثانويًا، بل ضرورة أساسية لضمان العدالة والمساواة، وتعزيز السعادة والأمان والكرامة في حياة البشرية جمعاء.











