قراءة للمكتسبات والتحديات.. كتاب جديد يناقش مسار حقوق الإنسان بالمغرب
قراءة للمكتسبات والتحديات.. كتاب جديد يناقش مسار حقوق الإنسان بالمغرب
صدر للدكتور يوسف البحيري، الأستاذ الجامعي المغربي، مؤلَّف أكاديمي جديد بعنوان "حقوق الإنسان والحريات العامة.. التجربة المغربية بين المكتسب والرهان"، في عمل فكري يسعى إلى تفكيك مسار حقوق الإنسان بالمغرب، ورصد تحوّلاته وتحدياته، انطلاقاً من مقاربة شاملة تمزج بين الأبعاد الدستورية والقانونية والسياسية.
ويأتي هذا المؤلَّف، الصادر حديثاً، في سياق وطني وإقليمي يتسم بتنامي النقاش حول مستقبل الحقوق والحريات، وحدود التوازن بين متطلبات الاستقرار وضمان الكرامة الإنسانية، بحسب ما ذكر موقع "هيسبريس" المغربي، اليوم السبت.
ويعكس الكتاب، وفق ما يورده مؤلفه، رغبة واضحة في تقييم التجربة المغربية بعيداً عن الأحكام الجاهزة، من خلال قراءة نقدية للمكتسبات التي تحققت، مقابل الرهانات التي ما تزال مطروحة، سواء على مستوى التشريع أو الممارسة أو الثقافة المجتمعية.
ويستند العمل إلى تراكم علمي وميداني راكمه الدكتور البحيري داخل الجامعة وفضاءات البحث، ما يمنحه بعداً تحليلياً يتجاوز الوصف إلى التفكيك والاستشراف.

الدستور كمرجعية حقوقية
يتوقف المؤلَّف بشكل موسّع عند دستور 2011 باعتباره محطة مفصلية في مسار الحقوق والحريات بالمغرب، ويحلل كيف شكّل هذا الدستور مرجعية أساسية لإعادة صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع في المجال الحقوقي.
ويبرز الكتاب أن التنصيص الدستوري على سموّ الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وعلى توسيع دائرة الحقوق والحريات الفردية والجماعية، أسهم في إرساء إطار قانوني متقدم مقارنة بمراحل سابقة.
ويرصد المؤلف التحولات التي عرفتها الترسانة القانونية، خاصة ما يتعلق بملاءمة التشريعات الوطنية مع الالتزامات الدولية، وتعزيز الضمانات القضائية، وتطوير آليات الحكامة المرتبطة بحقوق الإنسان، كما يتناول الإصلاحات التي طالت المنظومة القضائية، معتبراً إياها ركيزة أساسية لترسيخ دولة القانون وحماية الحقوق من الانتهاك.
بين المكتسبات والتحديات
يناقش الكتاب، بلغة تحليلية هادئة، جملة من الإشكالات التي رافقت التجربة المغربية، مبرزاً أن مسار ترسيخ حقوق الإنسان لم يكن معزولاً عن محيطه الدولي والإقليمي.
ويشير إلى تأثير الأزمات العالمية، وتداعيات التحولات الجيوسياسية، وتصاعد مظاهر التطرف والعنف، وما تفرضه من ضغوط على السياسات العمومية في مجال الحقوق والحريات.
ويؤكد المؤلف أن البيئة الثقافية والاجتماعية، بما تحمله من تمثلات وقيم متباينة، لعبت دوراً مزدوجاً، إذ أسهمت أحياناً في دعم مسار الإصلاح، وفي أحيان أخرى في إبطائه، خاصة في القضايا المرتبطة بالحريات الفردية والمساواة.
ويبرز الكتاب الحاجة إلى مقاربة شمولية لا تكتفي بالإصلاح القانوني، بل تراهن أيضاً على التربية والتوعية وبناء ثقافة حقوقية مجتمعية.
آفاق النقاش العمومي
تسلّط الورقة التقديمية للمؤلَّف الضوء على دور المؤسسات الوطنية في دعم الانتقال الحقوقي، وفي مقدمتها هيئة الإنصاف والمصالحة، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وآليات الرقابة الديمقراطية.
ويبرز الكتاب أهمية هذه المؤسسات في معالجة ماضي الانتهاكات، وترسيخ ثقافة الاعتراف والمساءلة، وبناء الثقة بين المواطن والمؤسسات.
ويُنتظر أن يسهم هذا الإصدار في إغناء النقاش الأكاديمي والمدني حول واقع حقوق الإنسان بالمغرب، وأن يشكّل مرجعاً علمياً للباحثين والطلبة والمهتمين بالشأن القانوني والسياسي، كما يفتح الكتاب، من خلال طروحاته، نقاشاً هادئاً حول مستقبل الحقوق والحريات، وحدود المكتسبات القائمة، والرهانات التي ما تزال معلّقة في مسار بناء دولة الحق والقانون.











