أثار جدلاً حقوقياً.. قرار قضائي يمنع وصاية الأمهات على أبنائهن في سوريا
أثار جدلاً حقوقياً.. قرار قضائي يمنع وصاية الأمهات على أبنائهن في سوريا
أصدرت وزارة العدل السورية تعميمًا قضائيًا جديدًا أثار موجة واسعة من الجدل الحقوقي، بعدما نصّ على حرمان الأم بشكل كامل من الولاية على النفس لأبنائها، وحصر هذه الولاية بالأب ثم بسلسلة طويلة من الأقارب الذكور، مهما بَعُدت صلتهم بالقاصر.
ويأتي هذا التعميم الذي حمل الرقم (17)، ليكرّس نهجًا قانونيًا يُقصي الأم حتى في الحالات التي تكون فيها الحاضنة الفعلية والمسؤولة اليومية عن رعاية الطفل، ما ينعكس مباشرة على حقوق الأطفال في السفر والتعليم والعلاج، ويضع العراقيل أمام معاملاتهم الرسمية.
نصّ التعميم الذي نشرته الوزارة على صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، الجمعة، على منع المحاكم الشرعية من تعيين وصي على النفس في حال وجود أي قريب ذكر، حتى وإن كان بعيد الصلة، مانعًا الأم من مراجعة أي معاملة تتعلق بجوازات السفر أو تأشيرات الخروج أو شؤون الهجرة.
تعطيل مصالح الأطفال
وفق القرار، لا تُمنح الأم أي صفة قانونية مباشرة في هذه الملفات، ما يعني عمليًا تعطيل مصالح الأطفال في حال غياب الأب أو امتناعه أو عجزه عن أداء دوره.
وسّع التعميم دائرة الأولياء الذكور بشكل غير مسبوق، بدءًا من الأب والجد، مرورًا بالأخ والعم وأبناء العم، وصولًا إلى أقارب بعيدين قد لا تربطهم علاقة فعلية بحياة الطفل.
ويرى حقوقيون أن هذا الترتيب يتجاهل معيار “المصلحة الفضلى للطفل”، ويستبدله باعتبار النوع الاجتماعي معيارًا وحيدًا للأهلية القانونية.
تبريرات وانتقادات حقوقية
برّرت وزارة العدل القرار بالسعي إلى تخفيف الضغط عن المحاكم وتسريع الإجراءات، مستندة إلى ما وصفته بـ“أسبقية الأقارب الذكور” في التقاليد الاجتماعية، إضافة إلى ادعاءات بعدم قدرة بعض الأمهات على إدارة الشؤون القانونية.
وقوبلت هذه التبريرات بانتقادات حادة، اعتبرتها منظمات نسوية وحقوقية تكريسًا للوصاية الذكورية وإضفاء شرعية قانونية على التمييز ضد النساء.
ومن جانبه، أدان مجلس المرأة السورية التعميم معتبرًا إياه مخالفًا للاتفاقيات الدولية التي التزمت بها سوريا، وعلى رأسها اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية “سيداو”.
وأكد المجلس أن القرار يقيّد سلطة القضاء في تقدير الأصلح للقاصر، ويعطّل شؤونه الأساسية، مطالبًا بإلغائه فورًا وإعادة الاعتبار لحق الأم في الولاية عند غياب الأب أو فقدانه الأهلية.
ودعا المجلس إلى تعديل قوانين الأحوال الشخصية ورعاية القاصرين بما يضمن المساواة وعدم التمييز، محذرًا من أن استمرار هذه السياسات يهدد استقرار الأسرة السورية ويُعمّق التهميش القانوني للنساء، في وقت يفترض أن تُعزز فيه التشريعات حماية الأطفال وحقوقهم الأساسية.











