مكتب حماية الطفل يوفر حياة جديدة لأطفال فقدوا أهلهم بشمال سوريا

مكتب حماية الطفل يوفر حياة جديدة لأطفال فقدوا أهلهم بشمال سوريا
رعاية الأطفال في شمال سوريا

يحتضن مكتب حماية الطفل في شمال وشرق سوريا عشرات الأطفال الذين فقدوا والديهم بسبب الحرب، موفّراً لهم بيئة آمنة ورعاية شاملة تعيد إليهم الإحساس بالحياة بعد سنوات من الفقد والخوف، في تجربة إنسانية تحاول ترميم ما دمّرته الحرب في نفوس الصغار قبل بيوتهم.

يؤمّن المكتب، منذ عام 2015، منازل خاصة للأطفال الأيتام بإشراف هيئة المرأة، لتكون ملاذاً ثابتاً بعد أن حُرم هؤلاء من الاستقرار العائلي، حيث يعيش الأطفال في مناخ هادئ يضمن لهم الحماية والتعليم والدعم النفسي والاجتماعي، ويمنحهم فرصة حقيقية لبناء مستقبل جديد بعيداً عن أهوال النزاع، بحسب ما ذكرت وكالة "أنباء المرأة"، اليوم الثلاثاء.

وتشرح الإدارية في مكتب حماية الطفل، نودم شيرو، أن إنشاء هذه المنازل جاء استجابة لحجم المأساة الإنسانية التي خلّفتها الحرب، قائلة إن اندلاع المعارك في مناطق شمال وشرق سوريا ترك عدداً كبيراً من الأطفال دون أم أو أب، وبدون أي مكان آمن يلجؤون إليه، ما فرض ضرورة إيجاد إطار مؤسسي يحميهم من الضياع والاستغلال.

البدايات لم تكن سهلة

تؤكد شيرو أن البدايات لم تكن سهلة، فكل طفل وصل إلى هذه المنازل كان يحمل جراحه الخاصة وخلفيته الثقافية واللغوية المختلفة، الأمر الذي جعل عملية التكيّف مع المكان الجديد صعبة، خاصة في تقبّل فكرة الأم البديلة والبيت الجديد، بعد صدمة الفقد والانفصال القسري عن العائلة.

وتعمل إدارة المكتب على تجاوز هذه التحديات عبر برامج تربوية ونفسية طويلة الأمد، حيث يتم التركيز على إعادة بناء الثقة لدى الأطفال، وتعليمهم أسس الحياة اليومية، والانضباط، والتعامل الإيجابي مع الآخرين، في محاولة لإعادة تشكيل شعور الأمان الذي فقدوه في سن مبكرة.

تدير هذه المنازل كفاءات تربوية واجتماعية، إذ يضم البيت 42 موظفاً بين معلمين ومربين وعاملين، يتولون مسؤوليات متعددة تشمل التعليم، الرعاية الصحية، الدعم النفسي، والنظافة، إضافة إلى مرافقة الأطفال في تفاصيل حياتهم اليومية، بما يخلق بيئة أقرب إلى الأسرة.

تعليم القراءة والكتابة

توفّر المنازل برامج تعليم القراءة والكتابة للأطفال، إلى جانب أنشطة تعليمية وترفيهية متنوعة، وندوات نفسية تهدف إلى معالجة آثار الصدمة، ومساعدتهم على التعبير عن مشاعرهم، وبناء شخصيات متوازنة قادرة على الاندماج في المجتمع.

وتوضح شيرو، أن الأطفال يُنشّؤون على مبادئ المجتمع الديمقراطي، مع التركيز على تعريفهم بثقافتهم وهويتهم، وتنمية إحساسهم بالمسؤولية والانتماء، معتبرة أن التعليم وحده لا يكفي ما لم يُرفق بدعم نفسي عميق يعالج آثار الحرب.

وتشير المسؤولة إلى أن المكتب لا يقتصر على رعاية الأيتام فقط، بل يستقبل أيضاً أطفالاً تسببت مشكلات أسرية في تركهم دون رعاية أو مأوى، حيث يتم احتضانهم مؤقتاً إلى حين حل قضاياهم العائلية، قبل إعادتهم إلى أسرهم بطريقة منظمة تضمن سلامتهم.

بداية حياة مستقلة

تلفت شيرو، إلى أن الأطفال الذين لا يمكن إعادتهم إلى عائلاتهم يبقون في هذه المنازل حتى بلوغهم سن الثامنة عشرة، ليكونوا قادرين على تحديد مستقبلهم بأنفسهم، بعد أن يحصلوا على التعليم والدعم اللازمين لبداية حياة مستقلة.

تختم نودم شيرو حديثها بالتأكيد على أن المرحلة المقبلة ستشهد إطلاق مشاريع جديدة لدعم الأطفال وتنمية مواهبهم، مشددة على أن كثيرين منهم يمتلكون قدرات تحتاج فقط إلى من يكتشفها ويرعاها، وأن الهدف الأساسي هو ضمان ألا يُحرم أي طفل من حقوقه الأساسية، لأن هؤلاء الأطفال، رغم جراحهم، يمثلون مستقبل المجتمع بأكمله.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية