840 ناجياً خلال أيام.. كريت تتحول إلى خط مواجهة إنساني مع الهجرة

840 ناجياً خلال أيام.. كريت تتحول إلى خط مواجهة إنساني مع الهجرة
إنقاذ مهاجرين في البحر الأبيض المتوسط

شهدت السواحل الجنوبية لجزيرة كريت خلال الأيام الخمسة الماضية سلسلة عمليات إنقاذ واسعة نفذها خفر السواحل اليونانيون أسفرت عن إنقاذ 840 مهاجراً كانوا يحاولون عبور البحر في رحلات محفوفة بالمخاطر نحو الاتحاد الأوروبي. وأكدت شرطة الميناء اليونانية أن هذه العمليات جاءت في ظل تصاعد ملحوظ في أعداد القوارب القادمة من مسارات الهجرة الجنوبية.

إنقاذ جديد قبالة غافدوس

صباح السبت تمكن خفر السواحل من إنقاذ 131 مهاجراً قبالة السواحل الجنوبية لكريت في واحدة من أحدث هذه العمليات، وأفادت السلطات بأن المهاجرين كانوا على متن قارب صيد يبحر على بعد 14 ميلاً بحرياً جنوب جزيرة غافدوس الصغيرة قبل أن تتدخل وحدات خفر السواحل مستخدمة قاربين لإنقاذهم ونقلهم إلى بر الأمان، وفق فرانس برس.

مئات آخرون خلال يوم واحد

وقبل ذلك بيوم واحد فقط تم إنقاذ 395 مهاجراً آخرين قبالة جزيرة غافدوس أثناء محاولتهم الوصول إلى الأراضي الأوروبية، ويعكس هذا العدد الكبير في عملية واحدة حجم الضغط المتزايد على طرق الهجرة البحرية جنوب اليونان ويبرز خطورة الرحلات التي يخوضها المهاجرون بحثاً عن ملاذ آمن أو فرصة حياة فضلى.

بعد عمليات الإنقاذ نُقل المهاجرون الذين لم تُحدد جنسياتهم إلى ميناء غافدوس حيث خضعوا لإجراءات الاستقبال الأولية، وتواجه السلطات المحلية تحديات كبيرة في التعامل مع هذا العدد المتزايد من الوافدين في ظل محدودية الإمكانات والبنى التحتية في الجزر الصغيرة.

طرق هجرة محفوفة بالموت

يحاول آلاف المهاجرين سنوياً عبور البحر إما من تركيا باتجاه الجزر اليونانية في بحر إيجه أو من ليبيا باتجاه جزيرة كريت في مسار يعد من أخطر طرق الهجرة في البحر المتوسط، وغالباً ما تتم هذه الرحلات على متن قوارب مكتظة وغير صالحة للملاحة ما يجعل خطر الغرق حاضراً في كل لحظة.

في بداية شهر ديسمبر عادت المأساة لتخيم على سواحل كريت بعدما عُثر على جثث 17 شخصاً معظمهم من السودانيين والمصريين إثر غرق زورقهم في البحر، كما أُبلغ عن فقدان 15 شخصاً آخرين في الحادثة نفسها ولم ينجُ منها سوى شخصين فقط. هذه الحادثة أعادت إلى الواجهة حجم المخاطر التي يواجهها المهاجرون خلال محاولاتهم اليائسة للوصول إلى أوروبا.

بحسب بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وصل أكثر من 16770 شخصاً إلى جزيرة كريت منذ بداية العام الجاري، ويعد هذا الرقم الأعلى مقارنة بأي جزيرة أخرى في بحر إيجه ما يشير إلى تحول كريت إلى نقطة استقبال رئيسية على خارطة الهجرة غير النظامية في المنطقة.

قرارات حكومية مثيرة للجدل

في ظل هذا التدفق المتزايد علقت الحكومة اليونانية برئاسة كيرياكوس ميتسوتاكيس في شهر يوليو عملية مراجعة طلبات اللجوء لمدة 3 أشهر خاصة للأشخاص القادمين إلى كريت من ليبيا، وبررت الحكومة هذا القرار بأنه إجراء ضروري للغاية لمواجهة ما وصفته بالضغط غير المسبوق على نظام اللجوء والقدرات الوطنية.

أثار هذا التوجه الحكومي جدلاً واسعاً داخل اليونان وخارجها خاصة مع تصريحات وزير الهجرة الذي ينتمي إلى حزب يميني متطرف تم حله سابقاً. فقد أكد الوزير في أكثر من مناسبة أن اليونان ليست فندقاً للأشخاص الساعين إلى اللجوء وكرر توجيه رسالة مباشرة للمهاجرين مفادها أنهم غير مرحب بهم في البلاد.

لا تقتصر تداعيات الهجرة على المهاجرين وحدهم بل تمتد إلى المجتمعات المحلية في الجزر اليونانية التي تجد نفسها في مواجهة أعداد متزايدة من الوافدين مع موارد محدودة، ويعبر سكان بعض الجزر عن قلقهم من الأثر الاقتصادي والاجتماعي لهذه التدفقات في ظل غياب حلول أوروبية شاملة.

تشهد منطقة شرق المتوسط تصاعداً في حركة الهجرة غير النظامية منذ سنوات نتيجة الأزمات المتلاحقة في الشرق الأوسط وإفريقيا، ولا سيما ليبيا والسودان ومناطق الساحل، ومع تشديد الرقابة على بعض المسارات التقليدية اتجه المهربون والمهاجرون إلى طرق أكثر خطورة باتجاه جزيرة كريت التي أصبحت بوابة جديدة نحو أوروبا، وفي ظل غياب توافق أوروبي شامل حول تقاسم المسؤوليات تظل دول مثل اليونان في الخطوط الأمامية للأزمة تتحمل أعباءً إنسانية وأمنية متزايدة، في حين يواصل آلاف المهاجرين المخاطرة بحياتهم في رحلة قد تنتهي بالنجاة أو بالموت في عرض البحر.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية