الأمم المتحدة: أفغانستان تواجه في 2026 أزمة إنسانية تهدد 22 مليون شخص
الأمم المتحدة: أفغانستان تواجه في 2026 أزمة إنسانية تهدد 22 مليون شخص
تواجه أفغانستان عام 2026 بوصفها واحدة من كبرى بؤر الأزمات الإنسانية في العالم، إذ يتوقع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تقرير صدر الثلاثاء بعنوان “دورة البرنامج الإنساني لأفغانستان 2026: خطة الاحتياجات والاستجابة الإنسانية” أن يحتاج نحوُ 22 مليون شخص، أي 45٪ من سكان البلاد، إلى مساعدات إنسانية خلال العام المقبل.
التقرير يؤكد أن سنوات طويلة من النزاعات والهشاشة الاقتصادية وضعف الاستثمار في الخدمات الأساسية والانتهاكات المتسارعة للحقوق الأساسية، أدّت إلى تآكل قدرة قطاعات واسعة من السكان على الصمود، وفق شبكة "أفغانستان إنترناشيونال".
ضغوط متفاقمة وأزمة مستمرة
وأشار التقرير إلى أن الضغوط المزمنة تفاقمت بفعل تصاعد انعدام الأمن الغذائي، وعودة واسعة للاجئين الأفغان، والجفاف المرتبط بتغير المناخ، إضافة إلى الكوارث الطبيعية المتكررة والإقصاء المنهجي للنساء والفتيات من الحياة العامة، وأوضح المكتب أن محدودية قدرة إدارة طالبان على التعامل مع هذه الكوارث وحالات النزوح الواسعة تشكل ضغطاً كبيراً على أنظمة تقديم الخدمات في البلاد.
تزامن هذه التحديات مع نمو سكاني سريع بسبب موجات العودة وارتفاع معدلات الولادة، ما فرض ضغطاً غير مسبوق على الخدمات الأساسية. ورغم ذلك، استمرت إدارة طالبان خلال عام 2025 في التركيز على الشؤون الأمنية وتنفيذ مشاريع بنية تحتية واقتصادية كبرى، في وقت تعتمد فيه الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم إلى حد كبير على الدعم الدولي.
فقر متعدد الأبعاد وهشاشة مستمرة
حذّر التقرير من أن أفغانستان تواجه فقرًا متعدد الأبعاد، إذ يعيش 65٪ من السكان في فقر حاد، في حين يعاني نحو 40٪ من حرمان شديد متعدد الأبعاد ترتفع نسبته في المناطق الريفية إلى 75٪، وتعتمد غالبية الأسر على العمل اليومي والزراعة المعيشية والمشاريع الصغيرة غير الرسمية، ما يجعلها شديدة الهشاشة أمام تقلبات السوق والصدمات الموسمية والاضطرابات المفاجئة.
وأضاف التقرير أن الفقر المزمن، ومحدودية فرص العمل، واتساع نطاق الديون، وعمليات العودة الواسعة، ونقص الخدمات الأساسية، إلى جانب الصدمات المناخية والزلازل المتكررة، أبقت ملايين الأفغان عالقين في دائرة مستمرة من الهشاشة. وأكد أن الاحتياجات الإنسانية في البلاد ذات طابع بنيوي وليست مؤقتة، وأن المساعدات المنقذة للحياة يجب أن تتكامل مع جهود تلبية الاحتياجات الأساسية، خصوصاً في مناطق العودة المرتفعة والمناطق المتضررة من الجفاف والكوارث.
انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية
أوضح التقرير أن انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية الحاد لا يزالان من أخطر وأكثر العوامل انتشاراً في تحديد الاحتياجات الإنسانية، وتوقع المكتب أن يواجه 17.4 مليون شخص، أي أكثر من ثلث السكان، مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي في عام 2026، منهم 4.7 مليون في وضع طارئ، وهو ما يمثل تدهوراً ملحوظاً مقارنة بالعام السابق.
وأشار التقرير إلى أن مستويات انعدام الأمن الغذائي ما زالت أعلى بكثير من تلك التي كانت سائدة قبل عام 2021، ومن المتوقع أن تستمر حتى عام 2026، وأدى الجفاف المستمر إلى تدمير نحو 80٪ من محصول القمح في عدد من الولايات الشمالية والغربية، ما حرم كثيراً من الأسر من مخزونها الغذائي لفصل الشتاء.
الحالة الصحية للماشية تدهورت بشكل حاد نتيجة نقص المراعي والأعلاف، مع تسجيل حالات بيع اضطراري ونفوق قطعان وصلت إلى 50٪ في المناطق الأشد تضرراً، وأفاد التقرير بأن هذه الصدمات الغذائية، إلى جانب انتشار الأمراض المعدية، فاقمت أزمة التغذية، متوقِّعاً أن يعاني نحو 3.7 مليون طفل من سوء التغذية الحاد في عام 2026، إضافة إلى إصابة 1.2 مليون امرأة حامل ومرضع بسوء تغذية حاد.
أثر الإقصاء الاجتماعي في النساء والفتيات
أشار التقرير إلى أن الإقصاء المنهجي للنساء والفتيات من الحياة العامة يزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية؛ حيث يحد من وصولهن إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية، ويزيد من تعرضهن للفقر والجوع والاستغلال، كما أن محدودية قدرة إدارة طالبان على التعامل مع التحديات المناخية والاجتماعية تجعل النساء والفتيات أكثر هشاشة أمام الكوارث الطبيعية ونقص الموارد.
نظام الخدمات وقيود الدعم المحلي
رغم الجهود الدولية المحدودة، تعتمد الخدمات الأساسية في البلاد بشكل كبير على الدعم الخارجي، في ظل ضعف قدرة الحكومة المحلية على تقديم حلول فعالة. يبرز هذا الوضع بشكل خاص في المناطق الريفية والمناطق التي شهدت نزوحاً واسعاً للسكان، حيث يفتقر الأطفال والنساء إلى التغذية الكافية، ويواجهون نقصاً في التعليم والخدمات الصحية الأساسية.
أفغانستان تعيش هشاشة بنيوية منذ عقود نتيجة النزاعات المستمرة، والفقر المزمن، وضعف الاستثمار في البنى التحتية والخدمات الأساسية، يؤدي الجفاف المتكرر وتغير المناخ إلى تدمير المحاصيل الزراعية وقطعان الماشية، ما يزيد من خطر انعدام الأمن الغذائي، وتفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية نتيجة عودة اللاجئين وارتفاع معدلات الولادة، ما يفرض ضغطاً مضاعفاً على الموارد والخدمات، كما يؤدي الإقصاء المتعمد للنساء والفتيات إلى تفاقم الفقر والجوع ويزيد من المخاطر الإنسانية، ما يجعل الحاجة إلى تدخلات إنسانية عاجلة ومستدامة أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.











