تقرير أممي: 4 ملايين شخص بالعالم يعانون من «الجذام» دون رعاية صحية
تقرير أممي: 4 ملايين شخص بالعالم يعانون من «الجذام» دون رعاية صحية
كشف تقرير حقوقي أممي، أن حوالي 4 ملايين شخص بالعالم يعيشون بإعاقات جسدية وآلام نفسية، ويعانون الوصم جراء إصابتهم بمرض الجذام.
جاء ذلك في تقرير أممي، بعنوان "الحق في أعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية للأشخاص ذوي الجذام وأفراد أسرهم".
ويأتي ذلك في إطار انعقاد الدورة العادية الخمسين لمجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، خلال الفترة من 13 يونيو إلى 8 يوليو 2022، بالمدينة السويسرية جنيف.
والجذام هو مرض مزمن ومعدٍ تسببه بكتيريا عضوية تُسمى المنفطرة الجذامية التي تتكاثر بمعدلات بطيئة، وتبلغ فترة حضانة المرض 5 سنوات في المتوسط، ويمكن أن تظهر الأعراض في مدة تتراوح بين عام واحد و20 عاماً، وفق منظمة الصحة العالمية.
وأفاد التقرير بأن "تأثير جائحة كورونا على الأشخاص المصابين بالجذام، لم يهدد حق هؤلاء المصابين في الصحة فحسب، بل يقوض الجهود المبذولة على مدى عقود".
وأوضح أن "الجذام هو أحد الأمراض المدارية المهملة، والتي لها أثر اجتماعي واقتصادي مدمر على مليار شخص بالعالم، خاصة السكان الفقراء في إفريقيا وآسيا".
وأضاف: "تشترك الأمراض المدارية المهملة في نمط الحرمان، والوصم، وضعف فرص الحصول على خدمات الدولة، وسمة الإعاقة، ونقص المشاركة في صنع القرار".
وتابع: "تتسبب معظم الأمراض المدارية المهملة في الإعاقة أكثر من الموت، لأن العبء الذي تلقيه على الأفراد وأسرهم ومن ثم الاقتصاديات والمجتمعات ثقيل".
وتشكل تفاعلات مرض الجذام أحد أبرز التحديات في الرعاية الطبية، إذ تسبب معاناة جسدية وعقلية كبيرة، وتقترن تلك التفاعلات في أغلب الأحيان بتلف الأعصاب، والذي يعد السبب الرئيسي في العاهات البدنية.
وقال التقرير: "رغم أنه من الممكن الشفاء من الجذام بفضل العلاج متعدد العقاقير، إلا أن المرض يتحول في حال عدم اكتشافه وعلاجه في وقت مبكر إلى مرض مزمن يتطلب متوالية رعاية طبية ونفسية واجتماعية تشمل إعادة التأهيل والجراحات الترميمية وتوفير أجهزة طبية معينة".
وتابع: "تم اكتشاف ما مجموعه 202 ألف و256 إصابة جديدة بمرض الجذام في 118 بلدا خلال عام 2019، كما تشير التقديرات إلى أن 3 أو 4 ملايين شخص يعيشون بإعاقات جسدية واضحة بسبب الجذام".
وأوضح: "لا يدفع نحو 90% من الأشخاص ذوي الجذام تكاليف العلاج متعدد العقاقير، و77% ثمن الأدوية الرامية إلى إدارة تفاعلات الجذام، فيما يتلقى 75% العلاج بواسطة خدمات الرعاية الصحية العامة، نظرا لارتفاع تكاليف نفقات العلاج".
وأضاف التقرير: "لم يتمكن نحو 71% من الأشخاص ذوي الجذام من الحصول على الدعم المالي من الحكومة أثناء فترة العلاج، في حين لم يتمكن حوالي 59% منهم من الحصول على إعانات الإعاقة".
ولرصد حجم معاناتهم، أفاد التقرير بأن "88% من الأشخاص ذوي الجذام قد عانوا من الشعور بالألم والضيق النفسي والوصم، فيما احتاج نحو 71% منهم إلى رعاية إضافية بعد شفائهم من الجذام".
وكشف أن "السياسات الحكومية نادرا ما تشجع على التمكين وإعادة التأهيل الاجتماعي والاقتصادي للأشخاص من ذوي الجذام، ما يؤدي إلى إهدار حقهم في مستوى معيشة صحية وتحقيق الرفاهية البدنية والعقلية".
وعاب التقرير على الدول الموبوءة -يقدر عددها بـ15 بالعالم- نقص اهتمامها بأنشطة التوعية والتثقيف الصحي، فضلا عن تراجع اهتمام الوسائط الإعلامية المحلية بمرض الجذام.
وأوضح أن النساء يعانين من تأخيرات أطول مما يعانيه الرجال في التشخيص، بسبب الحواجز الاجتماعية والثقافية في العديد من الدول، ما يؤدي إلى تعرضهن لخطر أكبر للإصابة بالعاهات الجسدية والإعاقة المرتبطة بالجذام.
وأوصى التقرير الأممي بـ"القضاء على التمييز ضد الأشخاص ذوي الجذام وأفراد أسرهم، وقيام الحكومات بإنشاء لجان تتناول الأنشطة المتصلة بحقوق الإنسان للأشخاص ذوي الجذام".
ودعا كذلك إلى "تشجيع جمع البيانات بصورة منهجية عن طريق خدمات الرعاية الصحية الأولية، مع الاحترام التام لمبدأي المشاركة والخصوصية، واستخدام هذه البيانات لتحديد الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالجذام والعاهات".
وطالب التقرير بـ"الاستثمار في التثقيف الصحي وضمان الحق في الحصول على المعلومات في جميع مراحل الرعاية الصحية والوقاية من مرض الجذام، إضافة إلى ضمان تركيز المعلومات المقدمة على الحد من الوصم".
فيما أشار إلى "ضرورة تعميم مراعاة الجذام في برامج الحد من الفقر، وتعزيز التغطية الصحية الشاملة ودمج الجذام في الرعاية الصحية الأولية وضمان وصول الجميع إليها من خلال الخدمات العامة، مع مراعاة الفوارق بين الجنسين".
وأكد التقرير ضرورة توفير الأجهزة المساعدة مجانا لتسهيل أنشطة الحياة اليومية لمرضى الجذام، والاستثمار في تخفيف المعاناة الناجمة عن آلام الأعصاب والوصم الاجتماعي للمصابين".
ودعا أيضا إلى "إقامة شراكات مع المنظمات غير الحكومية، لتوفير خدمات التمكين وإعادة التأهيل في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والمهنية، وتمكين النساء من ذوي الجذام من خلال إنشاء التعاونيات والتعليم المستمر".
واختتم التقرير الأممي بمطالبة الدول غير الموبوءة بالوفاء بالتزاماتها في مجال التعاون الدولي، وتطوير العقاقير وتمكين حصول الفقراء في العالم على أدوية عالية الجودة.
ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).
ويجوز لمجلس حقوق الإنسان، إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددهم 47)، أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.