بشائر الحوار الوطني بمصر.. ترحيب كبير بإطلاق سراح أكثر من 130 سجيناً

بشائر الحوار الوطني بمصر.. ترحيب كبير بإطلاق سراح أكثر من 130 سجيناً

خبير سياسي لـ«جسور بوست»: القائمون على الحوار الوطني لم يستغلوا الفرصة الممنوحة لهم من السلطة

 

بترحيب محلي ودولي، أطلقت السلطات المصرية مؤخرا سراح أكثر من 130 سجينا، بالتزامن مع إطلاق حوار وطني بين مختلف الفصائل والتيارات السياسية في البلاد.

وفي 5 يوليو الجاري، شهدت العاصمة المصرية القاهرة، انطلاق أول حوار سياسي في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي تولى مقاليد الحكم منذ عام 2014 وحتى الآن.

وجاء ذلك استجابة لدعوة أطلقها السيسي في شهر إبريل الماضي، إلى إجراء حوار سياسي بهدف التأسيس لـ"وطن يتسع الجميع"، وسط ترحيب العديد من القوى المعارضة داخل وخارج البلاد.

دفعة جديدة

وعلى مدى أكثر من 8 سنوات، كانت مصر هدفا لانتقادات دولية، بسبب ما اعتبرته بعض المنظمات الحقوقية، يمثل تقييدا لمجال العمل العام وحبس معارضين سياسيين، على وقع التخلص من حكم جماعة الإخوان المسلمين في منتصف عام 2013، رغم تأكيد السلطات مرارا التزامها بالقانون والدستور.

والجمعة، أفادت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية بمصر، بإصدار قرار عفو رئاسي عن 7 سجناء معارضين أبرزهم الصحفي اليساري هشام فؤاد، والباحث الحقوقي أحمد سمير طنطاوي والفنان طارق النهري.

وفق وسائل إعلام محلية، صدرت بحق السجناء السبعة أحكام في قضايا مختلفة ذات طابع سياسي خلال السنوات الماضية، بعضها أحكام نهائية وباتة من محاكم أمن الدولة.

ووفق إحصاءات غير رسمية، يرتفع عدد المعفو عنهم والمُخلى سبيلهم والمطلق سراحهم من النشطاء المعارضين إلى 138 بحسب قرارات رئاسية وقضائية خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

الحوار الوطني

وعقد مجلس أمناء الحوار الوطني، برئاسة نقيب الصحفيين المصريين ضياء رشوان (يضم 19 عضوا بينهم رموز للمعارضة والمستقلين) 3 جلسات خلال شهر يوليو الجاري، لإنهاء تشكيل اللجان النوعية، وإنهاء صياغة اللائحة المنظمة لعمل مجلس الأمناء واللجان الفرعية.

وقال رشوان والذي يشغل أيضا منصب رئيس هيئة الاستعلامات التابعة لرئاسة الجمهورية، إن "هناك عددا كبيرا من الموجودين بالخارج (لم يسمهم) لديهم رغبة في العودة لمصر، والدخول في أنشطة المجتمع".

وأضاف: "مصر تفتح ذراعيها لكل أبنائها للمشاركة في الحوار باستثناء من ارتكب عنفا أو حرض عليه ومن لا يعترف بالدستور".

ويضم مجلس الأمناء الحوار الوطني، رموز العمل السياسي والمعارضين والمستقلين، أبرزهم الناشط الحقوقي نجاد البرعي، واليساري البارز جودة عبدالخالق، والمفكر سمير مرقص (عٌين مساعداً للرئيس الأسبق محمد مرسي)، وعمرو هاشم ربيع نائب مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية (مملوك للدولة).

وفي 6 يوليو الجاري، عاد المعارض المصري البارز عمرو حمزاوي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة (حكومية) إلى القاهرة قادما من الولايات المتحدة الأمريكية التي أقام بها قرابة 8 سنوات، للمشاركة في الحوار الوطني.

وقال حمزاوي، في لقاء متلفز عقب عودته: "لم يمر يوم إلا وكنت أحلم بالعودة لمصر. تلقيت دعوة من رئاسة الجمهورية للمشاركة في الحوار الوطني واتصالاً من ضياء رشوان، المنسق العام للحوار الوطني".

وأضاف: "أتمنى أن أقدم أي شيء لبلدي وهذه المشاركة تسعدني وتشرفني، اختلفت مع بعض التوجيهات السياسية للدولة المصرية، لكن أسعى لأن أشارك في الحوار الوطني بالجانب السياسي والعلاقات الإقليمية والدولية".

وفتح الحوار الوطني حراكا وأملا أمام النشطاء والخبراء السياسيين المعارضين الذين غادروا البلاد خلال السنوات الأخيرة خشية الملاحقات الأمنية، من العودة إلى أرض الوطن.

خطوط حمراء

بدوره، قال عضو البرلمان المصري ولجنة العفو الرئاسي النائب محمد عبدالعزيز، إن الإفراج عن عدد من المحبوسين على ذمة قضايا النشر أو مخالفة قانون التظاهر يأتي في سياق حزمة إجراءات تعزز التوجهات الرئاسية لتأسيس الجمهورية الجديدة.

وأضاف عبدالعزيز، في مداخلة هاتفية بثتها فضائية "النهار" الخاصة، أن مصر بعد هزيمة الإرهاب هزيمة ساحقة، منحت فرصة جديدة للمحبوسين من غير المتورطين في ارتكاب أعمال عنف بالبلاد.

وأوضح: "هناك بعض السجناء المفرج عنهم صدرت بحقهم أحكام نهائية تستوجب عفوا رئاسيا للإفراج عنهم، والسيد الرئيس استخدم حقه الدستوري في إطلاق سراحهم بمقتضى ترشيحات لجنة العفو بعد مراجعة وفحص ملفاتهم".

وتابع: "هناك مجموعات قادمة من قوائم السجناء الذين سيفرج عنهم مرحليا خلال الفترة المقبلة، نحن لا ننظر للأسماء المشهورة ولا توجد محاذيز أو خطوط حمراء سوى المتهمين بارتكاب أعمال العنف". 

و"الجمهورية الجديدة" مصطلح تردد مؤخرًا في مصر كدليل على التحول الشامل الذي تشهده البلاد في المجالات كافة، لا سيما المتعلقة منها بالسياسة والحريات العامة في المجتمع.

بطء مُسبب

ومن جانبه، عاب الدكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية بمصر، في تصريح لـ"جسور بوست"، بطء السلطات المصرية في عملية الإفراج عن سجناء الرأي، قائلا: "أقل من التوقعات والتطلعات".

وفسّر عودة أسباب ذلك بـ"التوقيت الذي استغرق في مراجعة وفحص ملفات السجناء على ذمة قضايا النشر والتظاهر والحريات العامة"، معربا عن تطلعه لتسريع تلك الوتيرة خلال الفترة المقبلة.

وقال جهاد عودة، إن الأمانة الفنية للحوار الوطني لم تنجز سوى تشكيل اللجنتين الاجتماعية والاقتصادية فحسب، رغم انطلاق جلسات الحوار منذ نحو شهر، ما يضفي على المشهد السياسي نوعا من القتامة والارتباك.

وأضاف: "تصريحات منسق الحوار الوطني نقيب الصحفيين ضياء رشوان جاءت مخيبة للآمال، عندما أكد أن هناك خطوطاً حمراء لأن الأصل في التحاور السياسي هو عدم وجود محاذير أو ممنوعات".

وتابع قائلا: "هناك أخطاء في فهم إدارة الحوار السياسي بمصر، وهو ما سيكون أحد الأسباب المتوقعة لورود انتقادات سلبية، وتوريط السلطة السياسية في البلاد". 

واختتم جهاد عودة، حديثه: "حتى الآن ليس هناك استغلال أمثل للفرصة الممنوحة من السلطة السياسية في مصر".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية