قبل إنهاء مهمتها.. الرحيل "الطوعي" لـستيفاني وليامز يعمّق الأزمة في ليبيا

قبل إنهاء مهمتها.. الرحيل "الطوعي" لـستيفاني وليامز يعمّق الأزمة في ليبيا
ستيفاني وليامز

خبير سياسي ليبي لـ"جسور بوست": ستيفاني كانت تملك جميع خيوط الأزمة

المسؤولة الأممية تجيد التعامل مع السياسيين الانتهازيين.. ورحيلها يأتي في وقت حساس

 

متنازلة طواعية عن منصبها كمستشارة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، ألقت الأمريكية ستيفاني وليامز بغمامة الضباب على التسوية السياسية للأزمة الليبية المتعثرة.

وقبل أيام، أعلن نائب المتحدث الرسمي للأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، مغادرة المستشارة الخاصة للأمين العام المعنية بالشأن الليبي ستيفاني وليامز، منصبها في يوليو الماضي.

وأوضح حق: "نحاول في أسرع قت ممكن تسمية شخص مؤقت للقيام بنوع المهمّات التي تقوم بها ستيفاني وليامز، ولكن ليس لدينا أحد لتسميته الآن".

انتهت مهمة ويليامز، كمستشارة أممية في ليبيا في 31 يوليو الماضي، بسبب "التزامات أخرى" ما فتح النقاش مجددا حول خليفة ويليامز الذي سيتولى رئاسة البعثة الأممية أو على الأقل كمستشار للأمين العام، إذا تعذر الاتفاق في مجلس الأمن حول تسمية مبعوث أممي.

ويقول مراقبون، إن عدم اتفاق مجلس الأمن على تعيين مبعوث أممي جديد، يعكس الخلافات بين أطراف الصراع في ليبيا، والتي صعبت مهمة الخروج من المراحل الانتقالية وصولا إلى الاستحقاقات الانتخابية.

ورغم تكثيف جهودها خلال السنوات الأخيرة، وصلت ويليامز إلى طريق مسدود، عقب إصرار أطراف الصراع في ليبيا على استمرار المرحلة الانتقالية والنزاع السياسي.

وتشهد ليبيا مرحلة انتقالية خامسة بعد تمديد الوضع الانتقالي الصعب، في ظل غياب مؤسسات الدولة، وانعدام سيطرة السلطة الانتقالية على كامل التراب الليبي، ما يحول دون الوصول إلى البر الآمن في البلاد.

وفي نهاية يونيو الماضي، فشل وفدان من مجلسي النواب في طبرق والأعلى للدولة (نيابي استشاري)، خلال اجتماعهما بالقاهرة، من الوصول إلى اتفاق بشأن قاعدة دستورية للانتخابات الليبية.

وسعت ويليامز إلى إنقاذ "الفرصة الأخيرة" بعد اجتماع بين عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، وخالد المشري رئيس مجلس الدولة، في جنيف، دون جدوى، إذ أصر الأول على ترشح مزدوجي الجنسية للانتخابات الرئاسية، بينما رفض الثاني ما وصفه بـ"تفصيل قاعدة دستورية على مقاس خليفة حفتر قائد قوات شرق ليبيا".

وعلقت وليامز على الفشل في تحقيق هذه المهمة التوافقية، قائلة: "بعض الأشخاص اختطفوا المستقبل السياسي في ليبيا"، ليخلق رحيلها حالة من الفراغ الأممي في البلد العربي المأزوم.

ولا يزال الحديث عن خليفة ستيفاني وليامز يشوبه الغموض، وسط ترجيحات بتعيين مستشار للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لا سيما بعد فشل مجلس الأمن في الاتفاق على مبعوث أممي.

وعندما استقال المبعوث الأممي اللبناني غسان سلامة، في مارس 2020، لم يتمكن مجلس الأمن من اختيار خليفة له سوى بعد 10 أشهر بتعيين يان كوبيتش في يناير 2021.

وبعد استقالة يان كوبيتش، في نوفمبر 2021، لم يتم تعيين بديل له رغم مرور نحو 9 أشهر، ما يعكس صعوبة اختيار مبعوث أممي جديد في ليبيا.

وتخيم المخاوف في أن يؤدي الانقسام الدولي حول تسمية المبعوث الأممي على الوضع الداخلي في ليبيا، ليزداد تأزما واحتقانا، إلى جانب تعزيز سيناريوهات سقوط البلاد في مواجهات عسكرية تعيدها إلى المربع صفر.

وجود مؤثر

بدوره اعتبر الكاتب والباحث السياسي الليبي فوزي حداد، لـ"جسور بوست" أن رحيل ستيفاني وليامز سيكون مؤثر جدا في الأزمة الليبية، لا سيما وأن تواجدها الأول في طرابلس كمساعدة للمبعوث الأممي غسان سلامة واستمرار جهودها ساهم في توحيد الشتات وتشكل حكومة وحدة وطنية آنذاك.

وأوضح حداد: "كادت ستيفاني أن تنجح في خطتها بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في ليبيا ديسمبر 2021، لولا أن مدتها انتهت وسادت الخلافات بين أطراف الصراع مجددا، ثم جاءت إلى البلاد مجددا بتكليف أممي عساها أن تعيد الأمور إلى نصابها".

وأضاف: "الوجود الأخير لستيفاني وليامز كان كمستشارة للأمين العام للأمم المتحدة وليست مبعوثة أممية، وبالتالي لم يكن لها الصلاحيات أو القوة نفسها، لترميم البلد المأزوم".

وتابع حداد: "سيكون لغياب المستشارة الأممية تأثير كبير، خاصة على جهود توحيد مجلس نواب طبرق والمجلس الأعلى للدولة على قاعدة دستورية تقود ليبيا إلى انتخابات رئاسية مقبلة".

ومضى قائلا: "مجلس الأمن يعجز عن اختيار مبعوث أممي جديد إلى ليبيا، بسبب الخلافات الدولية، وخاصة الخلافات الروسية الأمريكية الأوروبية بعد الحرب الأوكرانية، والتي تمنع التوافق داخل مجلس الأمن".

خيوط الأزمة

وعن مواطن قوة المستشارة الأممية أوضح: "ما يميز ستيفاني أنها فهمت أبعاد القضية الليبية فهما جيدا، لأنها عقدت لقاءات بجميع أطراف الصراع، كما أنها كانت تمتلك ملفا سريا لكل جهود الأمم المتحدة وكواليس مباحثات جنيف، إضافة إلى الملفات السوداء بشأن تشكيل الحكومة الحالية بقيادة عبدالحميد الدبيبة".

وأضاف فوزي حداد: "كل ذلك جعل وليامز سيدة تملك مختلف خيوط الأزمة الليبية، وتجيد التعامل مع السياسيين الليبيين الذين يغلب عليهم الانتهازية، وبالتالي فإن رحيلها سيكون مؤثرا لأنه يأتي في وقت حساس قبل إنهاء مهمتها في البلاد".

وكانت الأمم المتحدة، من خلال ستيفاني وليامز شكلت لجنة المسار الدستوري والتي عقدت 3 جولات مباحثات، وفق مبادرة لها لحل الأزمة الليبية، للتوافق بشأن قاعدة دستورية تقود البلاد إلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.

ولم تتوصل المؤسسات الرسمية في ليبيا إلى اتفاق بشأن قانون الانتخاب، كما أثيرت الانتقادات بشأن وجود حكومتين تتنازعان الشرعية، يجعل من الصعب إجراء الانتخابات وتأمينها وتوفير الدعم اللوجيستي لمفوضية الانتخابات لإنجاحها.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية