حظر ارتداء الحجاب بالمباريات الأوروبية.. نقاش يثير الجدل حول الحرية الدينية

حظر ارتداء الحجاب بالمباريات الأوروبية.. نقاش يثير الجدل حول الحرية الدينية

فرنسا تخالف قانون الفيفا وتحظر ارتداء الحجاب أثناء المباريات

في وقت تعتبر فيه الرياضة ركيزة أساسية في حياة الكثيرين، تثار قضية حظر ارتداء الحجاب في المباريات، موضوعا حساسا ينقسم فيه الرأي العام بشكل كبير.. حظر قد يؤثر على العديد من اللاعبات والمشجعات المسلمات والرياضة النسائية، ويعد تحديًا لمفهوم الحرية الدينية والتعددية الثقافية في المجتمعات الرياضية. 

تأخذ هذه القضية أبعادًا أكثر أهمية في ضوء توجه المؤسسات الرياضية نحو التعايش الثقافي واحترام القيم الدينية المتنوعة، وتعتبر قوانين منظمات رياضية مثل الفيفا واللجنة الأولمبية الدولية الانفتاح والشمولية أسسًا لأية نشاطات رياضية. 

ومع حظر ارتداء الحجاب في دول مثل بلجيكا وبلغاريا النمسا والدنمارك وفرنسا تم تجاهل هذه المبادئ وباتت بعض اللاعبات والمشجعات عالقات بين حبهن للعبة والتمسك برمزية دينية مهمة في حياتهن. 

وكان مجلس الدولة الفرنسي قرر الخميس الماضي حظر ارتداء لاعبات كرة القدم للحجاب، معلنًا عن استمرار حظر ارتداء الحجاب للاعبات في رياضة كرة القدم، ويأتي هذا الحظر في ظل الجدل الواسع الذي تثيره قضية الرموز الدينية في المجتمع الفرنسي، وقد أدت هذه القضية إلى احتجاجات من الطبقة السياسية وبعض الفئات المجتمعية التي اعتبرت الحظر تمييزًا ضد المسلمين. 

وتسمح دول أوروبية أخرى بارتداء الحجاب في الرياضة وعلى سبيل المثال، تسمح دولة ألمانيا بذلك، ما يثير تساؤلات حول الاتجاه الفرنسي في هذا الشأن. 

ويبرز النقاش المستمر حول الأمن وسلامة اللاعبات وارتداء الحجاب في المباريات، فهناك آراء تقول إن الحجاب قد يشكل عقبة للأداء الرياضي أو يعرض اللاعبات للإصابات ومع ذلك، هناك من يؤكد أن حظر ارتداء الحجاب يعد قرارًا تمييزيًا ويستهدف فئة معينة من الرياضيات. 

الحظر أثار احتجاجات مدعومة بالحقوق الإنسانية ودفاع عن الحريات الدينية، والنظر في جوانب الحرية الدينية والقيم الرياضية في مجال المساواة والتنوع. 

وكانت مجموعة النساء المسلمات التي تعرف بـ"المحجبات" طعنت في المحكمة في شرعية المادة الأولى من لوائح الاتحاد الفرنسي للعبة التي تحظر منذ عام 2016 "ارتداء أي علامة أو ملابس تظهر بوضوح الانتماء السياسي أو الفلسفي أو الديني أو النقابي". 

واستندت بشكل خاص إلى قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" التي سمحت للاعبات منذ 2014 بالمشاركة في المسابقات الدولية بالحجاب، وحصلت هذه المجموعة على دفعة إيجابية، الاثنين، عندما خلص المستشار القانوني للدولة إلى أن القاعدة غير مبررة من خلال اعتبار أنه لا يوجد "دعوة" ولا "استفزاز" بمجرد ارتداء الحجاب أو "ضرورة الحياد"، ما أدى إلى موجة من الإدانات السياسية.

"جسور بوست" يستكشف من خلال خبراء ومحللين التحديات والتأثيرات التي يمثلها حظر ارتداء الحجاب في المباريات، على أمل فهم أعمق لتوازن القيم الرياضية والحرية الدينية في مجال الرياضة.

 فرنسا: المقرر العام يؤيد ارتداء الحجاب في مباريات كرة القدم

حيثيات الحظر

يبرر مجلس الدولة الفرنسي حظر ارتداء الحجاب باعتباره رمزًا دينيًا قد ينتهك مبدأ إشارات الدين في الأماكن العامة. 

ويبرز البيان أن هذا الحظر يسري على الجميع بما في ذلك جميع الأديان، وبشكل عام، تناقش القضية المتعلقة بالرموز الدينية في الرياضة بأوساط السياسة فرض تشريعات جديدة للتعامل مع هذا الموضوع. 

واعتبر مجلس الدولة في قراره أن اللاعبات يَقُمن بخدمة عامة وبالتالي لا يخضعن لواجب "الحياد"، ولكن يمكن للاتحاد الفرنسي لكرة القدم أن يسن القوانين التي يراها ضرورية لـ"حسن سير" المباريات. 

وأوضح مجلس الدولة في بيان صحفي أنّ "الاتحادات الرياضية، المسؤولة عن ضمان حسن سير الخدمات العامة المنوطة بإدارتها، يمكنها أن تفرض شرط الحياد على اللاعبات من ناحية الملابس أثناء المنافسات والأحداث الرياضية من أجل ضمان حسن سير المباريات ومنع أي صدام أو مواجهة". 

وعلى الرغم من أن قرار مجلس الدولة الفرنسي يعكس السياسة الحالية في البلاد، فإن الدعوات لتشريع الموضوع لا تزال مستمرة، وستظل هذه القضية محل جدل ونقاش داخل الساحة السياسية والمجتمعية في الأشهر القادمة.

فرنسا: مجلس الدولة يبقي على قرار حظر ارتداء الحجاب في مباريات كرة القدم  للسيدات - Media90

قمع وتمييز

علق المحلل الرياضي علاء خليف بقوله، إن حظر بعض الدول الأوروبية ارتداء الحجاب في المباريات الرياضية أمر تعاني منه السيدات المسلمات، وليس الأمر قاصرا فقط على معاناة اللاعبات، وإنما ينعكس أيضًا على كرة القدم، وبعض اللاعبات الفرنسيات المسلمات نظمن مباريات لعبن فيها وهن يرتدين الحجاب نوعا من الاحتجاج على قرار مجلس الدولة الفرنسي، وهناك محاولات عن طريق القضاء للوصول لحل لهذا الأزمة على اعتبار أن ذلك تمييز ومن حقوقهن المشاركة في المباريات مرتديات الحجاب، خاصة وأنه يُعد قمعا وتمييزا ضد اللاعبات المسلمات، وهو نوع من تقييد حرية التعبير، خاصة أنه معبر عن هويتهن الدينية ولا يمثل ضررا لأحد.

وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست"، على أوروبا معرفة أن هذا حق من حقوق الإنسان مثله مثل أي حق يدافعون عنه تحت مسمى "حقوق الإنسان"، ومنع ارتداء الحجاب يأتي عكس الجهود المبذولة من المؤسسات الرياضية في مختلف أنحاء العالم لمحاولة نشر الرياضات النسائية، فكيف ينشرون الرياضة النسائية وهم يجردون اللاعبات من حقوقهن، على فرنسا وغيرها أن يعوا لما يفعلونه ويشجعوا السيدات على ممارسة حقوقهن الرياضية، وأن يعطوهن حقوقهن وحريتهن في التعبير عن هويتهن.

Aucune description disponible.

قمع بموجب القانون

بدوره، علق خبير القانون الدولي مصطفى السعداوي من الناحية القانونية بقوله، إن الحرية إما أن تكون موجودة أو لا، فلا يجوز أن تضحى حرية المرأة حبيسة النصوص والمواثيق الدولية، وإذا كانت الدول الأوروبية تتغنى في كل المناسبات بأنها تحمل لواء الحرية فالتطبيق العملي يناهض ما تضمنته المواثيق الدولية، فعلى سبيل المثال فرنسا الدولة التي تزعم تواجدها في الصفوف الأولى التي تكفل الحقوق، تحظر ارتداء الحجاب وذلك بموجب نص قانوني صريح صدر  عام 2004، بل إنها في عام 2010 حظرت ارتداء النقاب وهو ما يناقض المادة الأولى من دستور 58 التي تؤكد حرية المعتقد، وكذلك النصوص الأوروبية التي تفرض على الدول احترام ممارسة الشعائر الدينية التي تنبثق من معتقدات الأفراد.

مصطفى السعداوي

وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست" الأمم المتحدة اجتمعت على التوقيع على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وأصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1979.

وأتم، بعض الدول الأوروبية تسمح بارتداء الحجاب أثناء اللعب والبعض يحظر كفرنسا، رغم أن المواثيق الدولية تقر حق المرأة في ارتداء الحجاب، لكن تشريعات الدول تختلف بين مانع ومانح.


 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية