بعد انتهاء الحرب الأهلية.. رحلة "ليبيريا" من أكثر الدول "تقلباً" إلى أكثرها سلمية

من "مدونة" مسؤولة الأمم المتحدة في غرب إفريقيا

بعد انتهاء الحرب الأهلية.. رحلة "ليبيريا" من أكثر الدول "تقلباً" إلى أكثرها سلمية

يصادف شهر أغسطس من هذا العام مرور عشرين عاما على السلام في ليبيريا بعد انتهاء الحرب الأهلية الوحشية هناك، التي أعقبها انتقال ديمقراطي ناجح.

في مدونة المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في الدولة الواقعة في غرب إفريقيا، تتأمل كريستين ن. أوموتوني، في التقدم الهائل الذي أحرزه الليبيريون بعد الحرب الأهلية التي أودت بحياة أكثر من 200 ألف شخص.

وتم توقيع اتفاق سلام شامل في أغسطس 2003 في أكرا، غانا، ومنذ ذلك الحين حافظت ليبريا على فترة من الاستقرار المتواصل، استطاعت فيه التحول من واحدة من أكثر الدول تقلبا إلى واحدة من أكثر الدول سلمية في غرب إفريقيا.

وتقول "أوموتوني": "على مر السنين، خطا هذا البلد، الذي أفتخر بالعمل فيه كمنسق مقيم للأمم المتحدة، خطوات كبيرة في رحلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية.. لقد أظهر الليبيريون مرونة هائلة، حيث كافحوا الآثار المدمرة للإيبولا وكوفيد-19، وواجهوا التضخم المتزايد، وحشدوا القيادة الشعبية، وأحدثوا خدوشا بطيئة ولكن أكيدة في معالجة وفيات الرضع".

وأضافت: "ومع ذلك، لجني الفوائد الاقتصادية والاجتماعية الكاملة لهذا السلام الذي تم التوصل إليه بشق الأنفس، لا يزال هناك الكثير مما ينبغي عمله".

وأوضحت: “لا تزال مستويات الفقر على الصعيد الوطني مرتفعة، ولا تزال أوجه عدم المساواة بين الجنسين والدخل واضحة، ويقدر أن 57% من الأطفال في سن الدراسة يظلون خارج الفصول الدراسية”.

علاوة على ذلك، أدى ارتفاع تكاليف السلع الأساسية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا إلى زيادة التحديات الاقتصادية في ليبيريا.

وشددت المسؤولة الأممية: "الآن أكثر من أي وقت مضى، هناك حاجة إلى رؤية طويلة الأجل وخطة منسقة لتحقيق تنمية دائمة ومستدامة، ويعمل فريق الأمم المتحدة القطري على دعم الحكومة مع شركائنا".

اتخاذ القرارات القائمة على البيانات

في العصر الرقمي، تعد البيانات أداة لا غنى عنها لصنع القرار وهي خط الأساس للتخطيط الإنمائي الفعال، في نهاية عام 2022، دعم الفريق القطري التابع للأمم المتحدة الحكومة لإجراء أول تعداد وطني منذ 14 عاما، وشمل ذلك بيانات حيوية عن المجتمعات الأكثر حرمانا وعوامل مثل عدم الحصول على الرعاية الصحية الجيدة والتعليم، والتي تتركها وراءها.

وبصفتها الرئيس المشارك للجنة التوجيهية الوطنية للتعداد الوطني للسكان والمساكن، سهلت الأمم المتحدة عملية التعداد بأكملها من البداية إلى النهاية.

تقول "أوموتوني": "إلى جانب سفير الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وبصفتي المنسق المقيم، ساعدنا في الجمع بين الأحزاب السياسية والمؤسسات الإحصائية الوطنية لبناء توافق في الآراء بشأن أهمية التعداد بالنسبة للتخطيط الإنمائي الوطني".

وأوضحت: "قدم فريقنا القطري، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، الخبرة التقنية اللازمة في هذا المسعى.. لعب مسؤول إدارة البيانات لدينا، على وجه الخصوص، دورا حيويا في تسهيل الجهود الوطنية في جمع بيانات التعداد وتحليلها واستخدامها".

ويشكل هذا أيضا أساس خطة التنمية الوطنية الجديدة في ليبيريا ودراسة قادمة حول "محركات التنمية الشاملة والمستدامة" بقيادة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) وبدعم من وكالات الأمم المتحدة الأخرى وكذلك شركاؤنا في التنمية، وستوفر الدراسة مخططا مشتركا لليبيريا لعبور خط النهاية نحو خطة عام 2030. 

التركيز على الشباب

وقالت "أوموتوني": "من معالجة الفقر، ومعالجة بطالة الشباب، وتعزيز الزراعة الريفية، لا يمكن الاستعانة بمصادر خارجية لسياسة التنمية الفعالة، بل يجب أن تأتي من القاعدة إلى القمة.. هذا هو السبب في أن تدخلاتنا مصممة ومنفذة بطريقة تشجع الملكية المحلية وتمكين المجتمعات كعوامل للتغيير الخاص بها".

يشير التعداد إلى أن الشباب يشكلون 79% من السكان، لذلك تساعد اثنتان من مبادرات الأمم المتحدة -مشروع "نهوض الشباب" وبرنامج "الشباب المعرضون للخطر"- على معالجة بطالة الشباب وضعفهم، وتمكين الجيل القادم بالمهارات والتدريب المهني والوظائف العملية في قطاعات مثل الزراعة والبناء والأخشاب والتعدين.

يساعد هذا التدريب على تحفيز الاقتصادات الريفية المحلية، وتحسين التماسك الاجتماعي، ومواجهة الهجرة الضخمة للشباب إلى المدينة، حيث يصعب العثور على عمل في كثير من الأحيان. 

وشددت "أوموتوني": "إن تحقيق هذا العائد الديموغرافي أمر بالغ الأهمية لرحلة التنمية في ليبيريا، وهذا هو السبب في أن فريق الأمم المتحدة لدينا ملتزم بدعم الحكومة لتوسيع استثماراتها في تمكين الشباب، وتوسيع فرص العمل اللائق، وإعادة النظر في خطط التعليم الوطنية من قمة تحويل التعليم في العام الماضي".

إنهاء العنف ضد المرأة

ولا يزال عدم المساواة بين الجنسين والعنف ضد المرأة منتشرين على نطاق واسع في أجزاء كثيرة من البلد.. في عام 2020، قدر أن 49% من النساء اللائي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عاما اللائي كن في علاقات تعرضن للعنف الجسدي و/ أو الجنسي من الشريك الحميم مرة واحدة على الأقل في حياتهن.

في الواقع، ساعد هذا النوع من البيانات التي جمعتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة في رسم صورة حية لمدى خطورة المشكلة وساعد في لفت انتباه صانعي السياسات على المستوى الوطني إلى ذلك. 

وفي فبراير 2022، من خلال دعم برنامج مخصص للأمم المتحدة، تم إحراز تقدم رائد بتوقيع وقف اختياري لمدة ثلاث سنوات لتعليق تشويه الأعضاء التناسلية للإناث (ختان الإناث)، بين حكومة ليبيريا والممارسين التقليديين.

وكان مفتاح هذا النجاح هو قبول الزعماء التقليديين، والذي تحقق جزئيا من خلال جهود الدعوة المستهدفة لهؤلاء القادة والمجتمع الأوسع.

وبالإضافة إلى التقدم التشريعي، أدت شراكة الأمم المتحدة مع الاتحاد الأوروبي والحكومة الليبيرية من خلال مبادرة تسليط الضوء أيضا إلى إنشاء مراكز تعليمية مخصصة، والتي أتاحت لممارسي ختان الإناث التقليديين والشابات فرصة لتعلم مهارات جديدة لكسب العيش، ما أسهم في تحقيق الهدف الأوسع المتمثل في القضاء على تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في ليبيريا. 

واختتمت "أوموتوني" بـ"سيتوقف ما سيأتي بعد ذلك بالنسبة لليبيريا على مواصلة الجهود لبناء الاقتصاد من خلال الموارد المحلية وتسخير قوة الشباب وأصواتهم.. وبصفتنا الأمم المتحدة، فإننا لا نزال ثابتين في دعمنا واستثمارنا في رحلة التنمية الشاملة للبلاد في السنوات المقبلة".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية