"مخبز رستم".. أحد 4 مخابز فقط تعمل في الحصار بجنوب غزة (صور)

مقارنة بـ20 قبل الحرب

"مخبز رستم".. أحد 4 مخابز فقط تعمل في الحصار بجنوب غزة (صور)

قبل بضعة أسابيع فقط، كان مخبز "رستم" في جنوب غزة يقدم للعملاء البيتزا وسندويشات الشاورما واللفائف التايلاندية، وحتى لديه خدمة توصيل، ولكن بعد 4 أسابيع من القصف الإسرائيلي المستمر، لا يستطيع المخبز في بلدة خان يونس إنتاج سوى عنصر أساسي واحد: أرغفة الخبز الرقيقة التي يصطف الآلاف من الناس لساعات كل يوم للحصول عليها.

ونقلت صحيفة "فايننشيال تايمز" عن صاحب المخبز قوله: "الوضع صعب وخطير، لكننا نشعر بأننا مضطرون للاستمرار من أجل الشعب".

وأضاف "رستم": "أصيب عمال المطعم الـ15 بالرعب عندما أصيب المبنى المجاور.. غادر بعضهم.. لا أستطيع إيقافهم".

انتقل ما يصل إلى مليون فلسطيني نازح إلى جنوب غزة بعد أن طلبت منهم إسرائيل إخلاء الشمال "حفاظا على سلامتهم" بينما تمضي قدما في هجماتها الجوية والبرية على مدينة غزة.

وعلى الرغم من الحاجة المتزايدة للغذاء، اضطرت العديد من المخابز في الجنوب إلى إغلاق أبوابها "بسبب الخطر ونقص الإمدادات الضرورية".

وبحسب "رستم"، أصبح هناك 4 مخابز فقط كانت تعمل في جنوب غزة مقارنة بـ20 قبل الحرب.

ووفقا لمسؤولي الأمم المتحدة، فإن العائلات تعاني من الجوع، بعد أن حظرت إسرائيل دخول الوقود والبضائع، بما في ذلك الغذاء، إلى القطاع الذي يعتمد على المساعدات.

منذ 21 أكتوبر، سمحت إسرائيل بوصول كمية ضئيلة من الإمدادات الإنسانية إلى غزة عبر المعبر الوحيد للقطاع مع مصر، لكن مسؤولي الأمم المتحدة وصفوا الكميات التي تصل بأنها "فتات" مقارنة باحتياجات 2.3 مليون فلسطيني في القطاع.

وقال رئيس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، فيليب لازاريني، هذا الأسبوع بعد زيارة إلى غزة إنه لم ير شعبها هكذا من قبل، موضحا: "كان الجميع يطلبون الماء والطعام فقط.. بدلا من الذهاب إلى المدرسة والتعلم، كان الأطفال يطلبون رشفة من الماء وقطعة خبز.. كان الأمر مؤلما للقلب".

قتل أكثر من 9250 فلسطينيا في الغارات الإسرائيلية على غزة، حسب ما ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية، وبدأت إسرائيل قصفها العنيف للقطاع ردا على أسوأ هجوم في تاريخ البلاد، حيث قتل مسلحو حماس ما لا يقل عن 1400 شخص في 7 أكتوبر، وفقا لأرقام الحكومة الإسرائيلية.

وفي مخبز "رستم"، يتم توفير الدقيق والوقود من قبل الأونروا مجانا، يبدأ العمال في غربلة الدقيق في الساعة 10 مساء ويخبزون طوال الليل لإنتاج 2000 عبوة من الخبز، تحتوي كل منها على 50 رغيفا.

قال رستم: "هذه تنفد في غضون ساعتين.. أشعر بالعجز وعدم كفاية عندما لا يكون هناك المزيد من الخبز".

يبدأ بعض العملاء في الوقوف في طوابير أثناء الليل، قال رستم إنه وجد أشخاصا ينامون في الشارع خارج مخبزه في الساعة 11 مساء، وأوضح: "عندما سألتهم عن سبب وجودهم هناك، قالوا إنهم يحجزون مكانا في الطابور".

رامي الأشقر، 19 عاما، طالب تكنولوجيا المعلومات، كان يعمل في المخبز بدوام جزئي قبل الحرب، لكنه ذهب بدوام كامل بعد أن شنت إسرائيل هجومها.

غاب "الأشقر" عن العمل 3 أيام تحت ضغط من والدته التي "ارتفعت مخاوفها عندما سمعت أنباء عن إصابة المخابز في القصف".

قال: "لكن عندما علمت أن أعمامي وإخوتي ينتظرون لساعات للحصول على الخبز، وأحيانا يعودون بدونه، وافق والدي على السماح لي بالعودة.. وبهذه الطريقة يمكنني الحصول على الخبز لعائلتي والعمل في نفس الوقت".

وخارج المخبز، انتظر الآلاف في طابور يمتد حتى نهاية الشارع، وحاولت أم محمد النجار، البالغة من العمر 36 عاما، برفقة ابنها الصغير، حبس دموعها وهي تقول إنها وأطفالها الأربعة نزحوا إلى مدرسة تابعة للأونروا تستخدم الآن كملجأ.

وقالت: "يعطون كل واحد منا رغيف خبز وكوبا صغيرا من الماء كل يوم.. أشفق رجل جاء لزيارة الأصدقاء في المدرسة على ابني وأعطانا 20 شيكلا (5 دولارات)، جئت لشراء الخبز وسأحصل على بعض الأطعمة المعلبة.. سأحاول أيضا شراء جالون من الماء، لكن ذلك يتطلب انتظارا طويلا آخر".

انهارت في البكاء عندما بدأ ابنها يصرخ لشرب الماء، وحاولت نساء أخريات مواساتها، وتدخل رجل: "اهدأ، ستحصل على الخبز، وإذا لم تستطع، فسوف أشاركك ما أحصل عليه"، ومع ذلك، كانت الأعصاب تشتعل في أماكن أخرى من الطابور بعد أن اتهم رجل آخر بأخذ مكانه.

قال علي السقا (61 عاما)، وهو عامل في المخبز: "عندما ينفد الخبز، ولا يزال الناس ينتظرون، أحيانا يصرخون بالإساءة أو يحاولون مهاجمتنا"، كما "أنهم يتجمعون حولنا ويبدو أن الجميع في حالة حرب مع الجميع لأنهم يعتقدون أن لديهم الأولوية.. حتى الشرطة لا تستطيع فرض النظام".

على الرغم من هذه التوترات، فهو مكرس لعمله، يسافر 5 كيلومترات كل يوم إلى المخبز سيرا على الأقدام، وأحيانا تحت القصف الإسرائيلي، واضطر إلى نقل عائلته من منزلهم في شمال خان يونس إلى غرب البلدة بعد أن طلب الإسرائيليون من الناس في منطقتهم الإخلاء.

توسلت إليه زوجته وأحفاده للتوقف عن العمل لأنهم يخشون على سلامته، لكنه يعتقد أن لديه "مسؤولية" للاستمرار.

يقول: "أعمل 14 ساعة في اليوم على الأقل.. عندما تكون هناك غارات إسرائيلية، أنام في المخبز.. لا أستطيع رؤية طفل جائع ولا أفعل شيئا حيال ذلك".
 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية