الأمم المتحدة تطلق نداءات لوقف العنف في كولومبيا

الأمم المتحدة تطلق نداءات لوقف العنف في كولومبيا
الممثل الخاص للأمم المتحدة لشؤون كولومبيا، رويز ماسيو

أطلق كبار مسؤولي الأمم المتحدة وممثلي المجتمع المدني، نداءات لتهدئة الأوضاع في كولومبيا، حيث شهد شمال شرق البلاد اندلاع أعمال عنف دامية، الأسبوع الماضي.

وذكر موقع أخبار الأمم المتحدة، اليوم الخميس، أن هذه النداءات تهدف إلى منع عودة البلاد إلى حرب داخلية خلّفت أكثر من 9.5 مليون ضحية منذ ستينيات القرن الماضي، يشمل هذا الرقم أيضاً الأشخاص الذين نزحوا من ديارهم.

وقال الممثل الخاص للأمم المتحدة لشؤون كولومبيا، رويز ماسيو، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي خُصص لمناقشة الوضع في البلاد: "أثارت الموجة الجديدة من العنف التي تشهدها كولومبيا ذكريات مؤلمة عن أحلك الفترات في تاريخ البلاد".

اتفاق السلام وتقليل العنف

أسهم اتفاق السلام النهائي، الذي أُبرم عام 2016 بين الحكومة الكولومبية وحركة القوات المسلحة الثورية الكولومبية (FARC-EP) الماركسية سابقاً، في تقليل حدة العنف في كولومبيا، التي تُعتبر المنتج الأول عالمياً للكوكايين.

وقال ماسيو، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس بعثة الأمم المتحدة للتحقق في كولومبيا، وهي البعثة المسؤولة عن مراقبة تنفيذ بنود الاتفاق: "جاء هذا الاتفاق بعد عقود من الصراع الداخلي، لكن لسوء الحظ، تميزت الأيام الأولى من العام الجديد بعودة العنف".

اشتباكات في منطقة نائية

كشف الممثل الخاص للأمم المتحدة أن اشتباكات عنيفة اندلعت في نهاية الأسبوع الماضي في منطقة كاتاتومبو، وهي منطقة نائية تقع في شمال شرق البلاد، شهدت هذه المنطقة هجوماً شنّه مقاتلون من جيش التحرير الوطني (ELN) ضد جماعة مسلحة منافسة تُعرف باسم "هيئة الأركان العامة للكتل والجبهات" EMFB.

وأوضح ماسيو أن هذا الهجوم يأتي في سياق تصاعد العنف بين عدة جماعات مسلحة تتنافس للسيطرة على مناطق مختلفة من البلاد، حيث يتضاءل الوجود الفعلي للدولة.

وأصدر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بياناً عبر المتحدث الرسمي باسمه مساء الثلاثاء، أدان فيه بشدة أعمال العنف التي شهدتها منطقة كاتاتومبو، والتي أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا من المدنيين، من بينهم مقاتلون سابقون من حركة FARC-EP الذين وقعوا على اتفاق السلام، بالإضافة إلى مدافعين عن حقوق الإنسان.

تعليق مفاوضات السلام

أشار الأمين العام للأمم المتحدة أيضاً إلى قرار الرئيس الكولومبي، غوستافو بيترو، بتعليق جميع أشكال الحوار مع جيش التحرير الوطني (ELN) على خلفية الهجوم الأخير، حيث تُعتبر هذه المرة الثانية خلال الأشهر الخمسة الماضية التي تُعلق فيها محادثات السلام بين السلطات الكولومبية وهذه الجماعة اليسارية المتطرفة بسبب تجدد أعمال العنف.

ودعا غوتيريش إلى وقف فوري للأعمال العدائية، كما حثّ على تسريع وتيرة تنفيذ اتفاق السلام، الذي وصفه بأنه "حجر الزاوية" في عملية ترسيخ السلام في كولومبيا.

وزار الرئيس الكولومبي بيترو، الذي كان عضواً في شبابه في حركة حرب عصابات يسارية متطرفة تُعرف باسم" أم-19"، المنطقة التي شهدت أعمال العنف، وقام بتعبئة جهود الوكالات الحكومية لتقديم المساعدة للمتضررين وآلاف المدنيين الذين نزحوا بسبب هذه الأحداث.

وأكد ماسيو أمام مجلس الأمن: "في غياب سلطة الدولة، تنشط الجماعات المسلحة غير القانونية وتتنافس للسيطرة على الأراضي والمجتمعات".

الحفاظ على اتفاق السلام

أثنى الممثل الخاص للأمم المتحدة على التزام الرئيس بيترو بالحفاظ على الميزانيات المخصصة لتنفيذ اتفاق السلام، على الرغم من الظروف المالية الصعبة التي تمر بها البلاد.

وأفاد ممثل الطرف المتعاقد الأعلى في لجنة المتابعة والترويج والتحقق من الاتفاق النهائي، دييغو توفار، بمقتل نحو 100 شخص في منطقة كاتاتومبو خلال الأيام الستة الماضية، وحذر من احتمالية امتداد دائرة العنف إلى مناطق أخرى.

وأوضح توفار أن معدل الإفلات من العقاب في جرائم قتل المقاتلين السابقين في كولومبيا لا يزال مرتفعاً للغاية، حيث لم يُكشف عن ملابسات 90% من هذه الجرائم.

كما أشار إلى أن 76% من المقاتلين السابقين يعانون من البطالة بعد مرور ثماني سنوات على توقيع اتفاق السلام، ودعا الحكومة الكولومبية إلى الوفاء بالتزاماتها تجاه آلاف المقاتلين السابقين الذين تخلوا عن أسلحتهم طواعية في عام 2016.

وضع السكان الأصليين

أشار توفار إلى أن 60% من المتضررين من أعمال العنف الحالية ينتمون إلى السكان الأصليين، ما يستدعي تعزيز تنفيذ البنود المتعلقة بهم في اتفاق السلام، الذي يُعتبر أحد المجالات التي شهدت أقل تقدم، ولا تزال عملية إعادة دمج المقاتلين السابقين من السكان الأصليين، الذين يُقدر عددهم بنحو 3000 شخص، متوقفة. 

وأكد أرماندو ووريو فال بوينا، من المنتدى رفيع المستوى حول السكان الأصليين في كولومبيا، أهمية هذا البعد العرقي، حيث يُشكل السكان الأصليون عُشر سكان كولومبيا ويشغلون ثلث أراضيها.

وأعرب فال بوينا عن أسفه لتنفيذ 28% فقط من بنود الاتفاق المتعلقة بالسكان الأصليين، بينما حددت الحكومة هدفاً بتنفيذ 60% منها بحلول نهاية ولايتها في عام 2023.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية