تقرير أممي يكشف عن استغلال الأطفال نظير المساعدات بالدول المنكوبة
تقرير أممي يكشف عن استغلال الأطفال نظير المساعدات بالدول المنكوبة
كثيرا ما تعمل الأمم المتحدة في أوضاع ميدانية معقدة تتسم بالصراع والعنف وانعدام الأمن وحالات الطوارئ الإنسانية، وفي مثل هذه السياقات، تؤدي عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام وعملياتها الإنسانية دورا بالغ الأهمية في مساعدة الدول والشعوب على الخروج من الأزمات يحدوها الأمل في مستقبل أفضل.
بيد أنه منذ أوائل تسعينيات القرن العشرين، والأمم المتحدة تصارع مع ادعاءات واسعة الانتشار مؤداها ارتكاب حالات استغلال جنسي وانتهاكات جنسية، منها ما هو مرتكب ضد الأطفال، ومرتكبو هذه الجرائم هم نفس الأشخاص الذين جرى نشرهم وتكليفهم بدعم وحماية الأفراد والمجتمعات المعرضة للخطر ومنع تعرضهم للأذى.
جاء ذلك في تقرير المقررة الخاصة المعنية ببيع الأطفال واستغلالهم جنسيا والاعتداء عليهم جنسيا، ماما فاطمة سينغاتيه، حول الاعتداء الجنسي على الأطفال في سياقي حفظ السلام والعمل الإنساني، المقدم لمجلس حقوق الإنسان في دورته الـ58 التي تتواصل فعالياتها حتى 4 أبريل المقبل، واطلع "جسور بوست" على نسخة منه.
ووفقا لنشرة الأمين العام بشأن التدابير الخاصة للحماية من الاستغلال والاعتداء الجنسيين، فإن الاستغلال الجنسي هو أي استغلال فعلي أو محاولة استغلال لحالة ضعف أو تفاوت في القوة أو للثقة، والأغراض جنسية، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، الاستفادة ماليا أو اجتماعيا أو سياسيا من الاستغلال الجنسي للغير، في حين أن الاعتداء الجنسي يعني الاقتحام الجسدي الفعلي أو المهدد به ذا الطبيعة الجنسية، سواء بالقوة أو في ظل أوضاع غير متكافئة أو قسرية.
وتضع اتفاقية حقوق الطفل تعريفا للطفل مفاده أنه أي شخص يقل عمره عن 18 عاما، وكل نشاط جنسي مع طفل من الأطفال يُصنف بشكل لا لبس فيه على أنه اعتداء جنسي.
ولأغراض هذا التقرير، يشير الاعتداء الجنسي على الأطفال في سياقي حفظ السلام والعمل الإنساني إلى الجرائم التي يرتكبها موظفو الأمم المتحدة والأفراد المرتبطون بها، كما يلي:
- موظفو عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام وموظفو البعثات السياسية الخاصة، بمن فيهم الأفراد العسكريون وأفراد الشرطة والموظفون المدنيون.
- موظفو الوكالات والصناديق والبرامج التابعة للأمم المتحدة ممن هم موظفون في الوكالات المتخصصة والمنظمات ذات الصلة التابعة للأمم المتحدة.
وبحسب التقرير، يمكن أن يتخذ الاعتداء الجنسي على الأطفال في سياقي حفظ السلام والعمل الإنساني شكل الاغتصاب والاعتداء الجنسي واستدراج الأطفال للإساءة إليهم جنسيا باستخدامهم في البغاء والاتجار بهم لأغراض الاستغلال والاعتداء الجنسيين.
وجرى الإبلاغ على نطاق واسع عن حالات مختلفة على مر السنين، ففي مخيمات اللاجئين في غينيا وليبيريا وسيراليون، ظهرت ادعاءات في عام 2001 مفادها أن العاملين في المجال الإنساني -من منظمات غير حكومية ووكالات تابعة للأمم المتحدة على السواء -قد مارسوا أنشطة جنسية مع الأطفال مقابل الحصول على مساعدات مثل الغذاء، والخدمات الطبية والنقل والتسجيل من أجل العودة إلى الوطن، والتسجيل للحصول على بطاقات تموين ومنح دراسية تعليمية.
وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، أفيد في عام 2004 بأن بنات صغيرات السن تعرضن للاغتصاب من جانب أفراد حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة وأعطين المال أو الطعام بعد ذلك لإعطاء الانطباع بأن الاغتصاب كان بالتراضي، ما خلق حالة من التبعية أدت إلى استمرار دوامة هابطة من الاعتداء الجنسي والتبعية.
وفي هايتي، حدث في الفترة من عام 2004 إلى عام 2007، أن قام 134 من أفراد قوات حفظ السلام في هايتي بالاعتداء الجنسي على ما لا يقل عن 9 أطفال هايتيين مقابل الحصول على الطعام أو النقود أو أشياء أخرى، وكانت أعمار بعض الضحايا لا تتجاوز 12 عاما، وبعضهن تعرضن للاعتداء الجنسي من جانب أكثر من 30 جنديا على مدار فترة الثلاث سنوات.
وفي جمهورية إفريقيا الوسطى، ادُعي أن عددا من الأطفال في مخيم للنازحين داخليا في جمهورية إفريقيا الوسطى قد تعرضوا في عام 2014 لأفعال جنسية مقابل حصص غذائية عسكرية أو مبالغ نقدية صغيرة من جانب أفراد قوات حفظ السلام الدولية.
وقالت المقررة الخاصة إن العواقب الرئيسية للاعتداء الجنسي على الأطفال في البيئات المذكورة أعلاه تشمل المخاطر الصحية المرتبطة بحمل المراهقات والمرض والإصابة بل وحتى الوفاة نتيجة للمضاعفات المرتبطة بالحمل، ووفيات الرضع المولودين لأمهات مراهقات، وحدوث معدلات مرتفعة من الأمراض المنقولة جنسيا والتعرض للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية.
وحذّرت من أن الأطفال النازحين، ولا سيما في مناطق العبور ومخيمات اللاجئين والنازحين داخلياً، قد يكونون معرضين بدرجة أكبر لمخاطر الاعتداء الجنسي.
وأوضحت أن الفتيات اللاتي يتعرضن للاعتداء الجنسي ويجدن أنفسهن حوامل كثيرا ما يتركن مع أطفالهن، وكثيرا ما لا يتحمل الأفراد الذين أنجبوا الأطفال أي مسؤولية عن الطفل، أو عن الأم الصغيرة، وقد يجري التخلي عنهم عند نقل أو إنهاء البعثات التي يكلف هؤلاء الأفراد بالخدمة فيها.
وتكمن أساسيات الاستغلال والاعتداء الجنسيين، بما في ذلك في سياق عمليات حفظ السلام والأزمات الإنسانية، في علاقات القوة غير المتكافئة.
ويتمتع موظفو الأمم المتحدة والعاملون المرتبطون بها بنفوذ وسيطرة كبيرين على الموارد التي لا بد منها للبقاء على قيد الحياة، ما يؤدي إلى احتمال إساءة استخدام وضع القوة في سياقات مختلفة، بحسب التقرير.
وعلى مدى العقود الماضية، أجرت الأمم المتحدة كثيرا من الإصلاحات لمعالجة مسألة الاستغلال والاعتداء الجنسيين، بدءا من اعتماد سياسة عدم التسامح مطلقا، إلى وضع حقوق الضحايا وكرامتهم في مركز الصدارة في جميع الاستجابات. بحسب التقرير.
وعلى الرغم من هذا التقدم المعتبر، لا تزال حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال مستمرة في سياقي حفظ السلام والعمل الإنساني والافتقار إلى نهج قائم على حقوق الطفل، إذ إنه وعمليات المساءلة المراوغة من ضمن الثغرات الموجودة في استجابة المنظمة لحالات الاعتداء الجنسي على الأطفال في سياقي حفظ السلام والعمل الإنساني.