«فرانس برس»: كوبا تراهن على الشمس.. ألواح تنتج الكهرباء للخروج من أزمة الطاقة
«فرانس برس»: كوبا تراهن على الشمس.. ألواح تنتج الكهرباء للخروج من أزمة الطاقة
قرب أطلال مشروع نووي لم يُكتب له الاكتمال، انهمك عمال كوبيون في تركيب 44 ألف لوح شمسي في مدينة سينفويغوس وسط البلاد، في خطوة جديدة ضمن مساعي الجزيرة للخروج من أزمة طاقة خانقة طال أمدها في كوبا، وتقليل اعتمادها شبه الكامل على الوقود الأحفوري.
رافعات شوكية تنقل الألواح بين الهياكل الخرسانية، وعشرات الحاويات الصينية مصطفة قرب المشروع الذي يحمل اسم "لا يوكا"، استعدادًا للربط بالشبكة الكهربائية مع انتهاء الأعمال المقررة في مايو المقبل.
مشروع شمسي بطموح وطني
تضم كوبا ثماني محطات كهرباء قديمة وعددًا كبيرًا من المولدات التي تعمل بالوقود الأحفوري. ورغم أن عدد سكانها لا يتجاوز 9,7 ملايين نسمة، فإن البلاد تعاني عجزًا كهربائيًا يوميًا يناهز 1500 ميغاواط، ما دفعها إلى إطلاق خطة طموحة لبناء 55 محطة للطاقة الشمسية بحلول عام 2025، بينها خمس في مقاطعة سينفويغوس.
تُعد هذه المنطقة بالغة الأهمية نظرًا لاحتضانها ميناء صناعيًا، ومصفاة، ومحطة طاقة، وهي ذاتها التي كانت مسرحًا لمشروع نووي توقف في تسعينيات القرن الماضي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
وصف وزير الطاقة والمناجم فيسنتي دي لا أو ليفي الوضع بالحرج، موضحًا أن أكثر من نصف الوقود المستورد يُستهلك لإنتاج الكهرباء، ما يجعل تكلفته تفوق الإنفاق على الغذاء والدواء وقطاعات أساسية أخرى.
خلال الأشهر الستة الماضية فقط، انهارت الشبكة الكهربائية الوطنية في كوبا أربع مرات بالكامل، وسط انقطاعات طويلة أرهقت السكان وحولت الحياة اليومية إلى معركة مع الظلام.
حياة تحت رحمة التيار
على مقربة من مجمع شمسي افتتح مؤخرًا في سينفويغوس، تعيش بلكيس فيلا (59 عامًا) التي تبيع الملابس من منزلها، فصولًا متكررة من انقطاع التيار. تقول: "الكهرباء تقطع أكثر مما تأتي".
أما جارتها خوانيتا روا (70 عامًا)، فقد لجأت إلى الطهو باستخدام فحم الخشب، موضحة أن النساء في الحي يستيقظن في الثالثة صباحًا للطهو وغسل الثياب خلال فترة التيار المحدودة.
الرهان الصيني في قلب الأزمة
يحظى المشروع بدعم مالي كبير من الصين، رغم عدم إعلان كوبا عن تفاصيل الاستثمار، وتسعى هافانا إلى إنتاج 1200 ميغاواط من الطاقة الشمسية بحلول نهاية عام 2025، في ظل طموح لتوفير 12% من طاقتها من مصادر متجددة بحلول 2025، و37% بحلول عام 2030.
إلا أن الباحث في جامعة تكساس، خورخي بينيون، طرح تساؤلات حول غياب أنظمة التخزين الليلي للطاقة الشمسية، وعدم موازنة العرض والطلب، فيما أشار الوزير دي لا أو ليفي إلى أن حاويات التخزين وصلت فعلًا إلى كوبا، لكن البطاريات لم توضع فيها بعد.
دروس من النووي المُجهض
يبعد المجمع الشمسي الجديد 15 كيلومترًا فقط عن قبة خرسانية ضخمة تعلو موقع المفاعل النووي غير المكتمل. هناك، لا تزال نقوش اللغة الروسية محفورة على الجدران، شاهدة على حلم طاقي ضاع مع سقوط الاتحاد السوفيتي.
يتذكّر إليسير ماشين، الفيزيائي الذي تدرّب في الاتحاد السوفيتي، لحظة التخلي عن المشروع قائلاً إنها "كانت ضربة قاسية"، أما اليوم، فيعيش ماشين في "المدينة النووية" التي كانت مخصصة لموظفي المحطة، لكنه يكسب رزقه من تربية الخنازير، في صورة رمزية عن مسارات مهدورة وآمال تُعاد صياغتها على ضوء الشمس.