باحثون أمريكيون يدرسون الهجرة الجماعية مع تضييق ترامب على الحرية الأكاديمية

باحثون أمريكيون يدرسون الهجرة الجماعية مع تضييق ترامب على الحرية الأكاديمية
الولايات المتحدة- أرشيف

تزايدت في الأسابيع الأخيرة حالة القلق داخل أروقة الجامعات الأمريكية ومختبرات الأبحاث، في ظل سياسات الرئيس دونالد ترامب، وسط مخاوف من تقييد الحريات الأكاديمية وتقليص التمويل الفيدرالي. 

وفي ظل هذا المناخ المشحون، بدأ العديد من الباحثين والعلماء يدرسون بجدية خيار الهجرة إلى دول أكثر استقرارًا أكاديميًا، ككندا وألمانيا وفرنسا، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الثلاثاء.

أوضح جاي بي فلوريس، طالب دكتوراه في علم الوراثة بجامعة كارولاينا الشمالية، أن هذا القلق بات حديث الساعة بين زملائه، قائلاً إن "الجميع يتحدث عن هذا". 

وازدادت هذه النقاشات حدة بعد إعلان جيسون ستانلي، أستاذ الفلسفة في جامعة ييل والمتخصص في الفاشية، قبوله منصبًا جديدًا في كندا احتجاجًا على ما وصفه بـ"التوجه الاستبدادي" في الولايات المتحدة.

وأكد ستانلي لقناة "سي بي إس نيوز" أن قراره جاء بعد استسلام جامعة كولومبيا لضغوط إدارة ترامب، التي هددت بخفض تمويلها إذا لم تتخذ إجراءات صارمة ضد احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين. 

وعلّق بقوله: "ليس هذا وقت الخوف أو التردد"، مشددًا على أن "الولايات المتحدة باتت دولة استبدادية بلا شك".

مخاوف من مستقبل غامض

أظهر استطلاع رأي أجرته مجلة "نيتشر" العلمية في مارس، وشمل أكثر من 1600 باحث، أن أكثر من 75% من العلماء الأمريكيين يفكرون بمغادرة البلاد نتيجة السياسات التي تنتهجها إدارة ترامب. 

وبينت المجلة أن هذا التوجه يبرز بوضوح بين الباحثين في المراحل المبكرة من مسيرتهم.

واعتبرت دانييلا فوديرا، طالبة دكتوراه في الميكانيكا الحيوية بجامعة كولومبيا، والتي ألغيت منحتها البحثية، أن "الناس خائفون جدًا".

وأشارت إلى أن حالة عدم اليقين دفعت عددًا من المؤسسات الأكاديمية إلى تجميد التوظيف وتقليص فرص طلاب الدراسات العليا، ما أثر على مستقبلها الأكاديمي.

من جانبها، قالت كارين سفانوس، رئيسة مختبر أبحاث في جامعة جونز هوبكنز، إن العلماء يمرون بفترة "غريبة"، مشيرة إلى أن عدم وضوح مصير التمويل الحكومي يجعل التخطيط لمستقبل البحث العلمي شبه مستحيل.

وجهات جديدة للباحثين

مع تزايد المخاوف، بدأت جامعات أوروبية وكندية بإطلاق مبادرات لاستقطاب العقول الأكاديمية الأمريكية، في وقت لا يبدو فيه الأمر صعبًا، إذ إن الكثير من العلماء يحملون جنسية مزدوجة أو لديهم روابط عائلية بدول أوروبية. 

وقالت غوين نيكولز، الطبيبة والباحثة في سرطان الدم، إن بعض زملائها "قرروا الانتقال إلى ألمانيا أو فرنسا لإجراء أبحاثهم هناك".

وحذرت نيكولز من أن هذا النزوح العلمي المحتمل قد يؤدي إلى فقدان الولايات المتحدة لريادتها في مجال الابتكار، خصوصًا في قطاع الأدوية الحيوية. 

وأكد فلوريس أن "هجرة العقول" باتت حتمية إذا استمر هذا المسار، مشيرًا إلى أن المناخ السياسي والاقتصادي بات طاردًا للكفاءات.

جيل علمي مهدد بالضياع

ذكرت باحثة شابة في مجال المناخ، فضّلت عدم الكشف عن اسمها، أنها بدأت إجراءات الحصول على جنسية أوروبية، مشيرة إلى أن زملاءها في أوروبا "كانوا متعاطفين للغاية". 

ولفتت إلى أن الباحثين الذين يفتقرون للموارد المالية سيكونون الأقل قدرة على الانتقال، ما يعني أن الكثير منهم قد يضطرون لمغادرة المجال العلمي نهائيًا.

وأنهت حديثها، قائلة: "نحن بصدد خسارة جيل علمي كامل عبر مختلف التخصصات"، في ظل سياسات تُقصي الكفاءات وتخنق الإبداع وتُهدد واحدة من أقوى بيئات البحث العلمي في العالم.

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية