الأمم المتحدة: جنوب السودان على شفا كارثة إنسانية والحرب تهدد مستقبل السلام

الأمم المتحدة: جنوب السودان على شفا كارثة إنسانية والحرب تهدد مستقبل السلام
الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في جنوب السودان، نيكولاس هايسوم

حذّر الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في جنوب السودان، نيكولاس هايسوم، من خطورة اندلاع حرب جديدة في البلاد، مشيراً إلى أن جنوب السودان والمنطقة بأسرها لن يكون بمقدورها تحمّل عواقبها.

 وأوضح هايسوم، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي، الأربعاء، أن التصعيد بين الطرفين الرئيسيين في اتفاق السلام تحوّل من توتر سياسي إلى مواجهات عسكرية مباشرة، ما زاد من حدة التوتر في مختلف أنحاء البلاد وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.

وأشار هايسوم إلى أن شرارة التصعيد الأخيرة اندلعت في ولاية أعالي النيل في مارس، عندما سيطر "الجيش الأبيض" على حامية ناصر التابعة لقوات الدفاع الشعبي، وتلت ذلك غارات جوية يُزعم استخدامها لوقود حارق، ما أسفر عن خسائر بشرية جسيمة طالت النساء والأطفال، وأدت إلى نزوح أكثر من 80 ألف شخص من المنطقة، وفق تقديرات العاملين في المجال الإنساني.

تجنيد أطفال وتدخل أجنبي

وكشف هايسوم عن تقارير حول تعبئة جديدة في أعالي النيل، تشمل مزاعم بالتجنيد القسري للأطفال، بالإضافة إلى نشر قوات أوغندية بطلب من حكومة جنوب السودان، ما يزيد من قلق السكان، وعدّ اعتقال النائب الأول للرئيس، رياك مشار، دليلاً جديداً على غياب الثقة بين الأطراف الرئيسية في البلاد.

وصف المبعوث الأممي الوضع الحالي بأنه "تذكير قاتم" بما حدث خلال النزاعات السابقة في عامي 2013 و2016، والتي أودت بحياة أكثر من 400 ألف شخص.

وطالب هايسوم مجلس الأمن بدعم جهود معالجة التوترات فوراً، داعياً جميع الأطراف إلى الالتزام بوقف إطلاق النار واتفاق السلام، وضمان إطلاق سراح المعتقلين، والاحتكام إلى الحوار وتغليب مصلحة الشعب.

أزمة إنسانية غير مسبوقة

من جهتها، حذّرت إديم ووسورنو، مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، من تفاقم الأزمة الإنسانية، قائلة: "ما حذّرنا منه قبل ثمانية أشهر بدأ يتحقق، وتدهور الوضع بشكل كبير وأصبح أشبه بكابوس إنساني، وإذا لم تُحل الأزمة السياسية، فسيصبح هذا الكابوس واقعاً سريعاً".

وأوضحت ووسورنو أن نحو 9.3 مليون شخص -أي ثلاثة أرباع سكان جنوب السودان- بحاجة إلى مساعدات إنسانية، نصفهم من الأطفال، ويعاني 7.7 مليون شخص من الجوع الشديد، فيما يواجه 650 ألف طفل دون سن الخامسة خطر سوء التغذية الحاد الوخيم خلال العام الجاري.

وأشارت إلى وجود أكثر من 100 حادثة إبلاغ عن عراقيل تعوق الوصول الإنساني، تشمل انعدام الأمن والنهب والعوائق البيروقراطية، ما يحد من قدرة المنظمات على الاستجابة للاحتياجات الملحة.

تدفق اللاجئين السودانيين

لفتت ووسورنو إلى أن النزاع المستمر في السودان دخل عامه الثالث، وما زال يلقي بظلاله على جنوب السودان، إذ عبر أكثر من 1.1 مليون لاجئ وعائد الحدود، ما زاد الضغط على البنى التحتية الهشة والخدمات المحلية، وخصوصاً في المناطق الحدودية.

أعربت المسؤولة الأممية عن قلق بالغ من ارتفاع معدلات العنف الجنسي والمشكلات الصحية التي تواجهها النساء والفتيات اللاجئات، في ظل نقص الخدمات وانهيار النظام الصحي في بعض المناطق.

الكوليرا تهدد حياة الآلاف

كما حذّرت من استمرار تفشي الكوليرا الذي أصاب 49 ألف شخص وأدى إلى وفاة أكثر من 900، رغم حملات التلقيح التي شملت 5.2 مليون شخص. وأكدت أن خطر انتشار المرض سيتفاقم مع دخول موسم الأمطار.

ناشدت ووسورنو المجتمع الدولي لتوفير تمويل مرن وفوري، محذّرة من أن عدم الاستجابة سيؤدي إلى كارثة إنسانية واسعة النطاق. وأكدت أن خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2025 تحتاج إلى 1.7 مليار دولار لدعم 5.4 مليون شخص، قائلة: "الأرواح على المحك".

تشهد دولة جنوب السودان، التي انفصلت عن السودان عام 2011، اضطرابات سياسية وأمنية مزمنة، رغم توقيع اتفاق سلام هش عام 2018 أنهى حرباً أهلية دامت 5 سنوات، وتفاقم الوضع في الآونة الأخيرة مع اندلاع اشتباكات جديدة بين قوات الرئيس سلفا كير ونائبه الأول رياك مشار، ما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من السكان.

وإلى جانب الأزمة السياسية والأمنية، يعاني جنوب السودان كارثة صحية، إذ أعلنت منظمة اليونيسف أن البلاد تواجه أسوأ تفشٍّ للكوليرا منذ استقلالها عام 2011، مع تسجيل مئات الوفيات بينهم العديد من الأطفال، ما يفاقم الأوضاع الإنسانية في أحد أفقر بلدان العالم.
 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية