«محافظ المركزي الإسرائيلي»: الرسوم الجمركية الأمريكية تضاعف أزمات الاقتصاد
«محافظ المركزي الإسرائيلي»: الرسوم الجمركية الأمريكية تضاعف أزمات الاقتصاد
فاقمت الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة من حدة الأزمات التي يعانيها الاقتصاد الإسرائيلي، خاصة مع اتساع دائرة المخاطر التي تحيط بالأسواق المحلية والاستثمارات في قطاع التكنولوجيا والخدمات، وجاءت هذه الضغوط في وقت بالغ الحساسية، مع استئناف إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة، ما زاد من حالة عدم اليقين التي تخيم على المشهد الاقتصادي.
وأكد محافظ البنك المركزي الإسرائيلي، الخبير الاقتصادي والأكاديمي السابق في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا، أمير يارون، في مقابلة مع تلفزيون "بلومبيرغ" من واشنطن، الأحد، أن اضطرابات الأسواق العالمية وتباطؤ حركة التجارة يمثلان أكبر التحديات أمام الاقتصاد الإسرائيلي.
وأشار يارون، إلى الاعتماد الكبير لصادرات إسرائيل على قطاع الخدمات، ما يجعلها عرضة للتقلبات العالمية بشكل مباشر.
استثمارات في مهب الريح
أوضح يارون أن جزءاً كبيراً من استثمارات صناديق التقاعد الإسرائيلية يتركز في سوق الأسهم الأمريكية، بالإضافة إلى أن قطاع التكنولوجيا الحيوي في إسرائيل يعتمد بشكل أساسي على تمويلات رأس المال الاستثماري القادم من الولايات المتحدة.
وحذر من أن استمرار حالة عدم اليقين العالمي تؤثر بشدة على هذه القطاعات، ما يزيد من هشاشة الاقتصاد الإسرائيلي ويضعه في دائرة المخاطر المتزايدة.
ولفت محافظ البنك المركزي إلى أن "القضية الجوهرية تكمن في ضرورة التوصل إلى ترتيبات اقتصادية مستدامة بأسرع وقت ممكن"، مؤكداً أن تحقيق ذلك سيؤدي إلى تعزيز الثقة الاقتصادية ليس فقط داخل إسرائيل، بل على المستوى الإقليمي والدولي أيضًا.
حرب غزة تعمق الأزمة
سلطت التطورات الأخيرة الضوء على التحدي الأكبر الذي يواجه إسرائيل حاليًا، والمتمثل في استئناف العمليات العسكرية على قطاع غزة بعد انتهاء هدنة استمرت شهرين.
وأسهمت هذه الحرب في زيادة التوترات الداخلية والخارجية، وأدت إلى تفاقم حالة الضبابية التي تؤثر سلباً في الاستقرار الاقتصادي.
وأشارت بيانات رسمية صادرة عن مكتب الممثل التجاري الأمريكي إلى أن إسرائيل سجلت فائضاً تجارياً مع الولايات المتحدة بقيمة 7.4 مليار دولار خلال عام 2024، دون احتساب قطاع الخدمات.
غير أن هذه الأرقام لم تكن كافية لتحصين الاقتصاد الإسرائيلي من التداعيات السلبية الناجمة عن فرض إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوماً جمركية بنسبة 17% على المنتجات الإسرائيلية، ما جعل إسرائيل من أكثر الدول تضررًا في الشرق الأوسط رغم علاقتها الاستراتيجية القوية بواشنطن.
توقعات نمو متراجعة
خفض البنك المركزي الإسرائيلي هذا الشهر توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2025 إلى 3.5%، بانخفاض نصف نقطة مئوية مقارنة بالتوقعات السابقة، وهو تراجع يعود في جزء كبير منه إلى الأعباء التي فرضتها الرسوم الجمركية الجديدة.
وبلغ معدل التضخم في إسرائيل 3.3% في شهر مارس الماضي، متجاوزًا هدف البنك المركزي البالغ 3.1%، ما دفع السلطات النقدية إلى الإبقاء على سياستها التقييدية لمواجهة الضغوط التضخمية.
وكشف محافظ البنك المركزي أن الطلب الداخلي ظل "مفرطاً" نتيجة نقص العمالة، متوقعًا أن يتراجع تدريجياً في النصف الثاني من العام، مما قد يتيح المجال لإجراء خفضين متتاليين لأسعار الفائدة خلال الاثني عشر شهرًا القادمة، بهدف تحفيز النمو وتقليل تكاليف الاقتراض.
سيناريوهات مرتبطة بالحرب
رسم البنك المركزي الإسرائيلي سيناريو آخر أكثر قتامة، يتوقع فيه استمرار التصعيد العسكري في غزة لمدة ستة أشهر إضافية، مع استدعاء أعداد أكبر من قوات الاحتياط.
وأوضح يارون أن هذا السيناريو قد يؤدي إلى تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3% فقط خلال العام الجاري، مع تزايد الضغوط على كافة القطاعات الاقتصادية الحيوية.
وشدد محافظ البنك المركزي الإسرائيلي على أن مفتاح استعادة النشاط الاقتصادي يكمن في إنهاء الصراع العسكري والتوصل إلى ترتيبات أمنية مستدامة، موضحاً أن تخفيف حالة عدم اليقين سيساعد على إنعاش الاقتصاد الإسرائيلي، بل وسينعكس إيجاباً على اقتصادات دول الجوار أيضًا، بما يرسخ استقرار المنطقة بأسرها.