"العدالة البيئية": الصيد الجائر يغذي موجات الهجرة من السنغال إلى إسبانيا

"العدالة البيئية": الصيد الجائر يغذي موجات الهجرة من السنغال إلى إسبانيا
مهاجرون من السنغال

حذر تقرير صادر عن مؤسسة العدالة البيئية، اليوم الثلاثاء، من أن ممارسات الصيد الجائر التي تقوم بها السفن الأجنبية قبالة سواحل السنغال، دمرت المخزونات السمكية في البلاد، وأسهمت بشكل مباشر في تصاعد أعداد المهاجرين غير النظاميين المتجهين إلى جزر الكناري الإسبانية.

وأشار التقرير، الصادر عن المؤسسة البيئية غير الحكومية ومقرها لندن، إلى أن أكثر من 57% من الأرصدة السمكية في السنغال وصلت إلى "مرحلة الانهيار"، في ظل استحواذ السفن الأجنبية، خاصة من الصين وإسبانيا، على جزء كبير من عمليات الصيد وفق وكالة "أسوشيتدبرس".

وقالت المؤسسة إنها استندت في نتائجها إلى مقابلات ميدانية مع صيادين في السنغال وإسبانيا، فضلاً عن دراسات سابقة، وتوصلت إلى أن 43.7% من السفن المرخصة في السنغال تسيطر عليها جهات أجنبية. وتستخدم هذه السفن غالبًا تقنيات مدمرة مثل شباك الجر القاعي، ما يسفر عن تدمير النظم البيئية البحرية وتهديد تكاثر الأسماك.

أمن غذائي مُهدد

أكد التقرير أن ممارسات الصيد غير المستدامة أدت إلى انخفاض استهلاك الفرد من الأسماك في السنغال من 29 كجم سنويًا إلى 17.8 كجم فقط، ما يهدد الأمن الغذائي في بلد تعتمد فيه شريحة واسعة من السكان على الأسماك كمصدر رئيسي للبروتين.

وأضافت مؤسسة العدالة البيئية أن استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى انهيار تام للنظم البيئية البحرية في المنطقة، ومزيد من الضغط على المجتمعات المحلية، وبالتالي زيادة تدفقات الهجرة غير النظامية نحو أوروبا.

وحذر النشطاء في السنغال من أن غياب الرقابة الصارمة على الأساطيل الصناعية، إلى جانب الفساد وسوء الإدارة، ساعد على استمرار استنزاف الثروات البحرية، مع غياب الإرادة السياسية الحقيقية لمحاسبة المتورطين.

الهجرة إلى أوروبا

ونقل التقرير عن صيادين مهاجرين سابقين أن الهجرة إلى أوروبا باتت الخيار الوحيد لإعالة أسرهم، بعد أن تضاءلت كميات الصيد المحلي وتراجعت القدرة على كسب الدخل من البحر.

ويُعد قطاع الصيد مصدرًا حيويًا للدخل في السنغال، إذ يوفر وظائف لنحو 3% من القوى العاملة، كما تمثل الأسماك مصدر البروتين الرئيسي لكثير من السكان.

وبحسب بيانات وزارة الداخلية الإسبانية، شهدت الهجرة غير النظامية إلى جزر الكناري تضاعفًا تقريبًا خلال عام 2024، حيث وصل إليها نحو 46,843 مهاجرًا، وتعد السنغال من بين أكثر الجنسيات الوافدة عبر هذا الطريق.

ويُعد طريق الأطلسي من غرب إفريقيا إلى الجزر الإسبانية من أخطر طرق الهجرة في العالم، وقدرت منظمة "ووكينج بوردرز" الإسبانية المعنية بحقوق المهاجرين، عدد من لقوا حتفهم في هذه الرحلات بالآلاف خلال العام الماضي وحده.

وتُعد السنغال إحدى الدول الرئيسية في غرب إفريقيا التي تنطلق منها موجات الهجرة غير النظامية باتجاه أوروبا، وخصوصًا نحو جزر الكناري الإسبانية عبر طريق المحيط الأطلسي، وهذا الطريق، رغم خطورته البالغة، أصبح في السنوات الأخيرة أحد أكثر المسارات استخدامًا، بسبب تشديد الرقابة على الطرق البرية والبحرية الأخرى.

يرجع تصاعد الهجرة من السنغال إلى عدة أسباب متداخلة، أبرزها: الفقر وارتفاع معدلات البطالة، خاصة في أوساط الشباب، وتدهور قطاع الصيد البحري نتيجة الصيد الجائر من قبل سفن أجنبية، مما أدى إلى فقدان آلاف الصيادين المحليين لمصادر رزقهم، وكذلك التغير المناخي وتأثيره على الزراعة والموارد الطبيعية، بالإضافة إلى سوء الحوكمة وانعدام الفرص الاقتصادية في الداخل.

وفقًا لتقارير الحكومة الإسبانية، تضاعفت أعداد المهاجرين السنغاليين القادمين إلى جزر الكناري في عام 2024، لتصبح السنغال واحدة من أكثر الجنسيات المهاجرة عبر هذا الطريق.

وتقدر منظمات حقوقية أن الآلاف لقوا حتفهم في السنوات الأخيرة خلال محاولاتهم الوصول إلى أوروبا على متن قوارب متهالكة، في رحلة قد تستغرق عدة أيام وسط ظروف قاسية.

ورغم جهود الحكومات والمنظمات الدولية لردع الهجرة غير النظامية عبر حملات توعية واتفاقات تعاون، إلا أن استمرار التحديات الاقتصادية والبيئية يدفع الكثير من السنغاليين إلى المجازفة بحياتهم بحثًا عن مستقبل أفضل في أوروبا.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية