تقرير أممي: انتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان في أفغانستان وسط صمت دولي
تقرير أممي: انتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان في أفغانستان وسط صمت دولي
في ظل انشغال العالم بأزمات متعددة، تتفاقم أزمة حقوق الإنسان في أفغانستان بعيدًا عن الأضواء، حيث يواصل ملايين الأفغان معاناتهم تحت حكم حركة "طالبان"، في ظل تزايد الانتهاكات والاضطهاد، بحسب تقرير صادر الأحد عن بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (يوناما).
وثقت البعثة، التي تتابع عن كثب أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، في تقريرها الأخير حالات عنف قائم على النوع الاجتماعي، وجلد علني، إلى جانب تصاعد مقلق في استهداف الأقلية الإسماعيلية، التي تنتمي للمذهب الشيعي في بلد تغلب عليه الأغلبية السنية وفق شبكة "دويتشة فيله" الألمانية.
اضطهاد متصاعد للأقلية الإسماعيلية
تتركز أغلب التجمعات الإسماعيلية في ولايات الشمال مثل بدخشان وبغلان، حيث تم تسجيل أكثر من 50 حالة إكراه لأفراد من هذه الطائفة على ترك معتقداتهم واعتناق المذهب السني قسرًا. ومن رفض ذلك، تعرض للضرب والتهديد بالقتل والإقصاء الاجتماعي.
ويقول الأكاديمي الأفغاني يعقوب يسنا، وهو أحد أبناء هذه الأقلية: "يُجبرون على إعلان التسنن ليُعترف بهم كمسلمين، أما من يرفض، فيُلاحق بتهم التجديف أو يُعرّض للبطش". وأشار يسنا إلى أنه اضطر لمغادرة البلاد بعد اتهامه بالكفر عقب سيطرة "طالبان" على الحكم، بسبب آرائه الداعية للتسامح والانفتاح.
وأكد يسنا أن الوضع كان صعبًا حتى قبل عودة "طالبان"، إلا أن النظام السابق كان يوفر قدرًا من الحماية القانونية، أما اليوم، "فلم يعد لأبناء الطائفة من يلجؤون إليه لحماية حقوقهم، ويُجبر أطفالهم على تعلم تعاليم المذهب السني في المدارس الدينية التابعة لطالبان".
الأقليات الدينية في مرمى القمع
الناشط الحقوقي عبد الله أحمدي أشار إلى تزايد الضغوط على ما تبقى من الأقليات الدينية في البلاد، مضيفًا أن هناك تقارير تفيد بإجبار الأطفال من الطائفة الإسماعيلية على الالتحاق بمدارس دينية سنية، مع فرض غرامات مالية باهظة على عائلاتهم في حال عدم الامتثال.
وأوضح أحمدي أن استجابة المجتمع الدولي لا تزال خجولة إزاء هذه الانتهاكات، مطالبًا بفرض عقوبات مباشرة على قيادات "طالبان" ومحاسبتهم على الجرائم المرتكبة.
احتفالات محظورة وواقع مأساوي للنساء
في مؤشر آخر على تضييق الحريات الدينية والثقافية، حظرت "طالبان" الاحتفال بعيد النوروز، معتبرة إياه "مخالفًا للشريعة الإسلامية"، رغم كونه جزءًا من التراث الثقافي التاريخي للبلاد.
أما أوضاع النساء، فتشهد تدهورًا مستمرًا، حيث لا تزال الفتيات ممنوعات من التعليم بعد الصف السادس، في ظل عدم صدور أي إعلان رسمي بشأن فتح المدارس والجامعات أمامهن. كما فرضت "طالبان" في مدينة هرات قيودًا جديدة تمنع سائقي عربات "الركشة" من نقل النساء دون مرافقة محرم.
عودة قسرية ومصير مجهول
ورغم الانهيار الإنساني المتواصل، يتعرض اللاجئون الأفغان في دول الجوار لعمليات ترحيل جماعية، فقد أعلنت الأمم المتحدة أن نحو 110 آلاف شخص -بينهم نساء وأطفال- أُجبروا على العودة من باكستان خلال شهر أبريل فقط، إلى جانب موجات ترحيل مماثلة من إيران.
تقول الصحفية الأفغانية مرزية رحيمي، التي فرت إلى الخارج: "نعيش في خوف دائم من الترحيل. لا أعرف ما الذي سأفعله بأطفالي إن أُعدت قسرًا إلى أفغانستان"، مشيرة إلى أنها فقدت عملها كصحفية ولم تعد قادرة على تأمين تعليم ابنتها في ظل الحكم القائم.
ويختتم التقرير الأممي بالتأكيد على أن غياب المساءلة، واستمرار الصمت الدولي، لا يؤديان سوى إلى تعميق معاناة الشعب الأفغاني، وفتح الباب أمام مزيد من القمع والانتهاكات في المستقبل القريب.
يذكر أنه تحت حكم "طالبان"، تغرق البلاد في أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة، وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن 64% من سكان أفغانستان -البالغ عددهم نحو 41.5 مليون نسمة- يعيشون تحت خط الفقر، فيما يعتمد نصف السكان على المساعدات الإنسانية للبقاء، ويواجه 14% مستويات حرجة من الجوع.