"الإيكونوميست" تدعو الكونغرس لرفض تخفيضات ترامب الضريبية

"الإيكونوميست" تدعو الكونغرس لرفض تخفيضات ترامب الضريبية
الاقتصاد الأمريكي

طالب تقرير نشرته مجلة "الإيكونوميست" الكونغرس الأمريكي بالتصويت ضد تخفيضات الضرائب التي يقترحها الرئيس دونالد ترامب، واصفًا هذه التخفيضات بالمتهورة، محذرًا من أن تجاهل هذا التحذير سيؤدي إلى اصطدام خطِر بأسواق السندات الأمريكية.

وذكرت المجلة البريطانية في تقريرها أنها راقبت تطورًا خطِرًا في سياسة الميزانية الأمريكية التي، رغم كون الولايات المتحدة الملاذ الآمن الأكبر للاستثمارات حول العالم، تعرضت لضغوط شديدة بسبب قسوة وضع الميزانية خلال العام الماضي، حيث اقترضت الحكومة الفيدرالية مبلغًا ضخمًا يصل إلى تريليوني دولار، أي ما يعادل 6.9% من الناتج المحلي الإجمالي، رغم عدم وجود أزمة طارئة استدعت ذلك.

وفي 16 مايو، أقدمت وكالة موديز للتصنيف الائتماني على خفض التصنيف الائتماني الأمريكي من الدرجة AAA، وهو التصنيف الأعلى والأخير الذي كانت تحتفظ به البلاد، وبعد يومين فقط، في 18 مايو، وافقت لجنة الميزانية في مجلس النواب على مشروع قانون وصفه الرئيس ترامب بأنه "ضخم وجميل" لخفض الضرائب، حيث يمول المشروع هذا التخفيض من خلال العجز المالي.

ويتوقع الجمهوريون التصويت على هذا المشروع خلال الأسبوع المقبل في مجلس النواب، ثم إحالته إلى مجلس الشيوخ.

شهدت الأسواق المالية، في 19 مايو، ارتفاع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 30 عامًا إلى أكثر من 5% للمرة الثانية منذ عام 2007، ما يعكس ارتفاع الأخطار المالية في البلاد.

تداعيات ارتفاع الدين العام

أشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة تتمتع بمرونة مالية كبرى مقارنة بدول أخرى، لكن الحزب الجمهوري يبدو عازمًا على اختبار حدود هذه المرونة، حيث ارتفع صافي الدين الفيدرالي إلى ما يعادل 100% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو رقم يعادل تقريبًا ثلاثة أضعاف ما كان عليه قبل عقدين من الزمن.

ويتوقع التقرير أن تدفع الخزانة الأمريكية أكثر من تريليون دولار سنويًا على شكل فوائد ديون، وهو مبلغ يعادل تقريبًا ما تنفقه الحكومة على الرعاية الصحية لكبار السن.

رصد التقرير أن السياسيين الذين من المفترض أن يناقشوا سبل تقليل الإنفاق، يبدون استعدادهم لزيادة الاقتراض بدلاً من ذلك، وحذر من أن عدم إعادة النظر في هذا الوضع قد يؤدي إلى إشعال أزمة مالية حادة.

وكشف التقرير أن بعض الجمهوريين يروجون لميزانيتهم باعتبارها سليمة، لكن الواقع يشير إلى أن إدارتها تتم عبر ممارسات مالية مضللة، يتمثل التأثير الأبرز لمشروع القانون الجديد في تحويل التخفيضات الضريبية المؤقتة التي فرضها ترامب خلال فترته الأولى إلى تخفيضات دائمة، ويرى الجمهوريون أن استمرار هذه التخفيضات ليس عبئًا ماليًا جديدًا.

أضاف مشروع القانون تخفيضات ضريبية جديدة من المتوقع أن تنتهي في عام 2028، ويدعي أن هذه الإجراءات ستقلل التكاليف، ويعني هذا أن انتهاء صلاحية التخفيضات الجديدة يعد بمنزلة توفير، في حين استمرارها لا يكلف شيئًا إضافيًا.

وإلى جانب التخفيضات المخطط لها في دعم الطاقة النظيفة وبرنامج  ميديكيد المخصص للفقراء، يقدم مشروع القانون نوعًا من التشديد المالي الطفيف في بعض المجالات.

التوقعات المالية

رجح التقرير أن المشروع سيؤدي إلى استنزاف ميزانية أمريكا بشكل متزايد، تستند التوقعات الرسمية الحالية إلى فرضية انتهاء التخفيضات الضريبية لعام 2017، مع توقع تقلص العجز المالي، وهو ما قد لا يتحقق إذا ما أصبحت التخفيضات الضريبية الجديدة دائمة.

وسيبقي القانون على العجز المالي عند نسبة تراوح بين 6% و7% من الناتج المحلي الإجمالي، ما سيرفع حجم الدين الوطني بنحو 3 تريليونات دولار بحلول عام 2034.

أوضح التقرير أن تكلفة استمرار التخفيضات الضريبية المؤقتة الجديدة قد تتجاوز 4 تريليونات دولار، وتشمل إعفاءات ضريبية على الإكراميات وأجور العمل الإضافي التي وعد بها ترامب خلال حملته الانتخابية، وأكد أن إقرار هذه الإعفاءات سيجعل من الصعب تعديلها أو إلغاؤها في المستقبل، بغض النظر عن نص القانون.

الرهان على الرسوم الجمركية

رصد التقرير أن الجمهوريين يعولون على مصدرين لتعويض العجز المالي المتزايد، أولًا، عائدات الرسوم الجمركية التي يقدرها البعض بين 1.4 تريليون و2.9 تريليون دولار على مدى عقد من الزمن، لكن هذه التقديرات تشمل رسومًا متبادلة معلقة تخضع لمفاوضات قد تؤدي إلى تخفيضها، وقد تسببت بالفعل في قلق محدود لدى المستثمرين الدوليين حول الأصول الدولارية.

ثانيًا، وضع التقرير آمالًا كبيرة على النمو الاقتصادي لتعويض الفجوة المالية، لكن مشروع القانون الحالي أقل تحفيزًا للنمو مقارنة بإصلاحات الضرائب التي نفذت في ولاية ترامب السابقة، والتي شملت تخفيضًا كبيرًا ودائمًا على ضرائب الشركات.

 وتُعد الإعفاءات الضريبية على الإكراميات والعمل الإضافي مجرد حيل مالية، في حين يتضمن القانون أيضًا زيادة كبيرة في خصم فواتير الضرائب على المستويات الحكومية والمحلية، ما قد يؤدي إلى رفع الضرائب على تلك المستويات.

وعند الجمع مع تأثير الرسوم الجمركية، يتوقع التقرير أن يكون التأثير العام على النمو سلبيًا.

وأوضح التقرير أن الزيادة في العجز المالي التي حصلت عام 2017 ربما وفرت حافزًا مؤقتًا، لكن الاقتصاد اليوم يواجه تباطؤًا في معدلات النمو، ما يعني أن زيادة الإنفاق قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة، مع ما يترتب على ذلك من تأثيرات سلبية.

وفي نهاية تقريرها، أعلنت مجلة "الإيكونوميست" رفضها القاطع لمشروع القانون الضريبي المقترح، معتبرة أن تجاهل العجز المالي وأثره يمثل خطأ جسيمًا، خاصة في ظل تزايد الشكوك حول قدرة الولايات المتحدة على الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والسيطرة على التضخم خلال فترة حكم ترامب.

وأكد التقرير أن الولايات المتحدة بحاجة ماسة إلى خفض الإنفاق وزيادة الضرائب للحد من الاقتراض المفرط، وحذر من أن إنكار السياسيين للواقع المالي سيجعل سوق السندات يفرض الواقع عليهم بطريقة قد تكون صادمة ومؤلمة، مهددًا بحدوث أزمة مالية كبيرة قد تكون غير متوقعة.



 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية