"لوموند": إسرائيل تتجه نحو عزلة دولية باختيارها مساراً خارج حقوق الإنسان

"لوموند": إسرائيل تتجه نحو عزلة دولية باختيارها مساراً خارج حقوق الإنسان
جنود إسرائيليون في غزة

وجّهت صحيفة لوموند الفرنسية، في واحدة من أكثر افتتاحياتها حدة، الخميس، انتقادًا مباشرًا إلى الحكومة الإسرائيلية، معتبرة أن مسار العمل الذي اختارته في غزة والضفة الغربية يضعها خارج صفوف الدول التي تحترم حقوق الإنسان. 

الصحيفة الفرنسية الرصينة لم تكتفِ بوصف الوضع بأنه "غير مقبول"، بل دعت صراحة إلى إجراءات ملموسة من جانب الحلفاء الغربيين الذين قالت إنهم لم يعودوا يملكون ما يربطهم سياسيًا أو أخلاقيًا بائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

خطاب الكراهية يصنع السياسات

قالت لوموند إن تراكم التصريحات التحريضية الإسرائيلية -من الدعوات إلى "تدمير غزة" و"إخلائها"، إلى تأكيد "استمرار الحرب مهما كلّف الأمر"- لم يعد مجرد خطاب سياسي، بل تحوّل إلى سياسة فعلية تُنفذ على الأرض.

ووفقًا للصحيفة، فإن الإجراءات الإسرائيلية، من استخدام سلاح التجويع، وقصف المدنيين، وتهجير نصف سكان غزة، كلها تعزز المخاوف من وصف الإبادة الجماعية، وهو مصطلح لا تملكه سوى العدالة الدولية لتقرره، لكنها تجد اليوم أمامها ملفًا يزداد ثقلاً.

آلاف الضحايا من الأطفال

أشارت الصحيفة إلى أن قنابل أمريكية الصنع تُستخدم في عمليات القصف التي أودت بحياة آلاف الأطفال وشوهت العديد منهم وحرمتهم من الرعاية الصحية، بينما يُجبر المدنيون على النزوح من مناطق تُعلن "آمنة" لتُقصف لاحقًا، ما ينسف أي مظهر من مظاهر احترام القوانين الدولية.

وأكدت لوموند أن تصريحات نتنياهو التي تهدف إلى العلاقات العامة لا يمكنها إخفاء الحقائق أو تغييرها.

تطهير عرقي

تقول الصحيفة إن "خطة الهجرة الطوعية" التي تتبناها حكومة إسرائيل ليست إلا غطاء لسياسة تطهير عرقي، مضيفة أن الوقت قد حان ليتوقف التضامن غير المشروط مع إسرائيل، خاصة بعد هجوم 7 أكتوبر الذي شكل لحظة مفصلية.

وتابعت أن التأييد الأعمى لإسرائيل لم يعد مقبولًا، لا سيما بعد أن أظهرت الحكومة الحالية أنها الأكثر تطرفًا في تاريخ الدولة العبرية، وأن مشروع "إسرائيل الكبرى من النهر إلى البحر" لم يعد مجرد شعار، بل سياسة تُنفذ فعليًا على الأرض.

أشارت لوموند إلى أن الضفة الغربية لم تسلم من هذا المسار، حيث يعيش السكان الفلسطينيون تحت عنف المستوطنين الذين تحميهم قوات جيش فقد الكثير من القيم التي يدعي التمسك بها، كما انتقدت الصحيفة استيلاء إسرائيل على سجلات الأراضي في الضفة الغربية، معتبرة ذلك دليلاً إضافيًا على نية الضم.

صمت المجتمع الدولي

قالت الصحيفة إن ائتلاف نتنياهو لا يُخفي نواياه، بل يتقدم في وضح النهار مستفيدًا من تساهل الحلفاء وصمتهم، والذي وصفته لوموند بأنه "بلغ حد التواطؤ"، وأكدت أن اللامبالاة الدولية تُسهم في اختفاء أسس الدولة الفلسطينية أمام أعين من يدّعون دعمها.

رحبت الصحيفة بالبيان المشترك الصادر عن فرنسا وكندا والمملكة المتحدة في 19 مايو، والذي هدد باتخاذ "إجراءات ملموسة" إذا استمرت الانتهاكات، لكنها أكدت أن التهديد لم يعد كافيًا، وأن الوقت قد حان للبحث بجدية في فرض عقوبات، بما في ذلك تعليق اتفاقية الشراكة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي.

وتنص المادة الثانية من تلك الاتفاقية على أنها تقوم على “احترام حقوق الإنسان ومبادئ الديمقراطية”، وهو ما ترى لوموند أن الحكومة الإسرائيلية لم تعد تلتزم به، وبالتالي فإن مراجعتها أصبحت ضرورية.

ثمن باهظ

اختتمت الصحيفة افتتاحيتها برسالة صريحة مفادها أنه من أجل إنهاء المأساة الإنسانية المستمرة، وإنقاذ المشروع الوطني الفلسطيني، وحماية إسرائيل من نفسها، فإن المسار الذي اختارته سلطاتها لا بد أن يكون له ثمن، وثمن باهظ.

يذكر أن أحداث السابع من أكتوبر أسفرت عن مقتل 1218 شخصًا، معظمهم من المدنيين، وفقًا لأرقام رسمية إسرائيلية، وخُطف خلال الهجوم 251 شخصًا، لا يزال 58 منهم محتجزين في غزة، وتقول إسرائيل إن 34 منهم قُتلوا أو تُوفوا خلال فترة احتجازهم.

كما أسفرت الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة عن استشهاد أكثر من 53 ألف شخص وإصابة أكثر من 121 ألفًا، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقًا لبيانات وزارة الصحة في غزة، والتي تعدها الأمم المتحدة موثوقة وسط أزمة واحتياجات إنسانية هائلة جراء الحصار الإسرائيلي.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية