بريطانيا تؤسس قيادة سيبرانية لمواجهة التهديدات الرقمية المتزايدة

بريطانيا تؤسس قيادة سيبرانية لمواجهة التهديدات الرقمية المتزايدة
تهديدات رقمية - أرشيف

أعلن وزير الدفاع البريطاني جون هيلي، الأربعاء، عن تأسيس قيادة سيبرانية جديدة ضمن خطة استراتيجية تهدف إلى تعزيز قدرة بريطانيا على مواجهة الحرب الإلكترونية المتصاعدة، في ظل ما وصفه بـ"مستوى مستمر ومكثف" من التهديدات الرقمية، التي تتعرض لها البنية الدفاعية للدولة من مصادر مرتبطة بدول معادية.

وأكد هيلي أن الحكومة ستضخ أكثر من مليار جنيه إسترليني (1.34 مليار دولار) في تطوير شبكة استهداف رقمية بحلول عام 2027، ضمن إطار مراجعة استراتيجية جديدة للدفاع، تهدف إلى ربط أنظمة الأسلحة المختلفة وتمكين اتخاذ قرارات عسكرية أكثر سرعة ودقة في مواجهة التهديدات الرقمية المتطورة.

ونقلت وكالة الأنباء البريطانية (PA Media)، أن هذه الشبكة ستسهم في تسريع تنفيذ العمليات وتكامل الوسائل القتالية التقليدية مع الهجمات السيبرانية المنسقة، بما يرفع من كفاءة العمليات الدفاعية والهجومية في البيئة الرقمية.

الفضاء والتقنيات السيبرانية

أوضحت وزارة الدفاع أن القيادة الجديدة ستكون قادرة على تحديد مصادر التهديد اعتمادًا على أجهزة استشعار متطورة تعمل من مواقع متنوعة، سواء على متن السفن الحربية، أو من الفضاء، أو من قواعد أرضية، ومن ثم يتم الرد الفوري باستخدام طائرات "إف-35" الشبحية، أو المسيرات القتالية، أو عبر عمليات إلكترونية هجومية.

وسيتولى قيادة الهيئة الجديدة الجنرال جيم هوكنهال، الذي سيشرف على تنسيق أنشطة الدفاع السيبراني وقيادة الجهود الكهرومغناطيسية، بالتعاون مع القوة السيبرانية الوطنية، التي تقود بدورها العمليات السيبرانية الهجومية للمملكة المتحدة.

وكشف وزير الدفاع أن هذه الخطوة تأتي في ظل تسجيل ما يقرب من 90 ألف هجوم سيبراني استهدفت المؤسسات الدفاعية البريطانية خلال العامين الماضيين، وُجّهت من جهات يُشتبه في ارتباطها بدول أجنبية، ما يعكس حجم الأخطار التي تواجه الأمن الوطني البريطاني على الصعيد الرقمي.

وشدد هيلي على أن “البيئة الأمنية العالمية تتغير بسرعة، وتفرض علينا تطوير أدوات الردع والمواجهة. الحرب السيبرانية لم تعد سيناريو مستقبلياً، بل واقع يومي نشهده بالفعل".

تحوّل في العقيدة الدفاعية

يمثل إنشاء القيادة السيبرانية جزءًا من تحوّل أوسع في العقيدة الدفاعية البريطانية، التي تسعى إلى مواكبة طبيعة الحروب الحديثة، التي لم تعد تقتصر على المواجهات التقليدية، بل تشمل ميادين غير مرئية مثل الفضاء السيبراني والطيف الكهرومغناطيسي.

وتأتي هذه الخطوة بعد تقارير متكررة عن هجمات إلكترونية تستهدف البنية التحتية الحيوية للمملكة، بما في ذلك القطاعات الصحية والمالية، فضلًا عن محاولات لاختراق شبكات عسكرية حساسة.

ويُعد هذا الاستثمار البريطاني الجديد جزءًا من سباق تسلّح رقمي عالمي، تشارك فيه قوى مثل الولايات المتحدة، روسيا، الصين وإيران، حيث تتزايد أهمية الهيمنة على الفضاء السيبراني في تحديد موازين القوى الحديثة.

ويعكس تأسيس القيادة البريطانية التزام لندن بالبقاء في طليعة الدول ذات القدرة على الردع الرقمي الفوري، وتعزيز التكامل بين القوات التقليدية والقدرات التقنية المتقدمة.

توسع المهام السيبرانية

يتوقع محللون عسكريون أن تتوسع مهام القيادة السيبرانية البريطانية خلال السنوات المقبلة لتشمل التدخل الوقائي في شبكات معادية، والتشويش الإلكتروني على منظومات العدو، وشن عمليات تعطل البنية الرقمية للخصوم في حال اندلاع أي صراعات مستقبلية.

وتؤشر هذه التحركات إلى دخول بريطانيا في مرحلة جديدة من التفكير الأمني والعسكري، تُعيد صياغة مفاهيم الحرب والردع على ضوء تحديات القرن الحادي والعشرين.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية