البولنديون يصوتون اليوم في انتخابات رئاسية ترسم مستقبل البلاد الأوروبي

البولنديون يصوتون اليوم في انتخابات رئاسية ترسم مستقبل البلاد الأوروبي
انتخابات الرئاسة في بولندا

بدأ الناخبون في بولندا، صباح اليوم الأحد، التوجه إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي توصف بأنها الأشد تنافسًا منذ سنوات، والتي يُتوقع أن ترسم ملامح مستقبل البلاد داخل الاتحاد الأوروبي، وتؤثر بعمق في قضايا اجتماعية مثيرة للجدل مثل حق الإجهاض وحقوق الأقليات.

أكدت وكالة الأنباء الفرنسية، أن مراكز الاقتراع فتحت أبوابها عند الساعة الخامسة صباحًا بالتوقيت المحلي، على أن تُغلق عند السابعة مساء بتوقيت غرينتش. 

وتجري هذه الانتخابات في بلد يشكّل عضوًا رئيسيًا في الاتحاد الأوروبي ومنضويًا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، كما يُعد من أبرز الداعمين العسكريين والسياسيين لأوكرانيا منذ بدء العملية العسكرية الروسية في فبراير 2022.

ويتنافس في هذه الجولة الحاسمة مرشحان يمثلان تيارين سياسيين متناقضين:

المؤيد للغرب، رافال تشاسكوفسكي (53 عامًا)، عمدة العاصمة وارسو، والمحسوب على التيار الليبرالي الداعم للاندماج الأوروبي، والمدعوم من ائتلاف الحكومة الحالية بزعامة رئيس الوزراء دونالد توسك.

المحافظ القومي، كارول ناوروتسكي (42 عامًا)، المؤرخ السياسي المدعوم من حزب "القانون والعدالة" اليميني الشعبوي، والمقرب من الرئيس المنتهية ولايته أندريه دودا.

الفارق داخل هامش الخطأ

كشفت نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة عن سباق شديد التقارب بين المرشحين، إذ حصل ناوروتسكي على نسبة 50.1% من نيات التصويت، مقابل 49.9% لمنافسه تشاسكوفسكي، وهي أرقام تعكس انقسامًا سياسيًا حادًّا داخل المجتمع البولندي وتقع ضمن هامش الخطأ الإحصائي، ما يجعل نتيجة الاقتراع غير محسومة حتى اللحظة.

ومن المتوقع أن تُعلن نتائج الاستطلاعات الميدانية عقب إغلاق الصناديق مباشرة، إلا أن النتائج الرسمية لن تُعلن قبل يوم الاثنين.

ويُرتقب في حال فوز رافال تشاسكوفسكي أن تشهد بولندا تحولًا لافتًا نحو تعزيز علاقتها بالمؤسسات الأوروبية، بما يتماشى مع سياسات رئيس الوزراء دونالد توسك، الرئيس السابق للمجلس الأوروبي، الذي أعاد بولندا إلى مسار ليبرالي بعد فوز ائتلافه في الانتخابات التشريعية أواخر 2023.

وقد يُسهم هذا الفوز في الدفع بقوانين جديدة تسمح بالاعتراف القانوني بالعلاقات المدنية للأزواج من نفس الجنس، إضافة إلى تخفيف القيود الشديدة المفروضة على الإجهاض، وهو ملف يثير انقسامًا اجتماعيًا حادًا، خصوصًا بعد أن فرضت المحكمة الدستورية عام 2020 حظرًا شبه كامل على عمليات الإجهاض.

استعادة الحكم القومي

أما في حال فوز كارول ناوروتسكي، فإن ذلك سيعيد حزب "القانون والعدالة" إلى واجهة المشهد السياسي، بعد أن فقد الحكم البرلماني في انتخابات 2023. 

ويرى مراقبون أن مثل هذا الفوز قد يدفع نحو انتخابات برلمانية مبكرة، لا سيما مع إصرار الحزب على استعادة زمام السلطة التنفيذية كاملة.

ويُعرف عن حزب "القانون والعدالة" تبنيه خطابًا محافظًا متشددًا، ويُتوقع أن يعمد ناوروتسكي إلى ترسيخ توجهات أكثر قومية، تشمل تشديد السياسات المتعلقة بالهجرة، ومراجعة علاقة بولندا بالمفوضية الأوروبية في ملفات حساسة مثل استقلال القضاء وحرية الإعلام.

انقسام واختبار ديمقراطي

تعكس الانتخابات الحالية التوتر السياسي الذي يعيشه المجتمع البولندي، المنقسم بين معسكر محافظ قومي يعلي من شأن السيادة الوطنية والهوية الكاثوليكية، ومعسكر ليبرالي يسعى إلى تعزيز الانفتاح السياسي والاندماج الأوروبي.

ويُنظر إلى هذه الانتخابات على أنها اختبار حقيقي لقدرة بولندا على الحفاظ على المسار الديمقراطي، وسط تحذيرات أوروبية من إمكانية تراجع التزامات وارسو بالقيم المشتركة في حال عاد التيار القومي إلى السلطة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية