"فاينانشال تايمز": الاتحاد الأوروبي يدعو للاستثمار في الصناعات الخضراء

"فاينانشال تايمز": الاتحاد الأوروبي يدعو للاستثمار في الصناعات الخضراء
الصناعات الخضراء - أرشيف

دعت مفوضة المنافسة في الاتحاد الأوروبي، تيريزا ريبيرا، الحكومات الأوروبية إلى تعديل طريقة تدخلها لدعم الصناعات الخضراء، مطالبةً بتوجيه التمويل العام نحو شراء حصص في شركات التكنولوجيا النظيفة بدلًا عن تقديم إعانات مالية مباشرة.

وأوضحت ريبيرا، في مقابلة مع صحيفة "فاينانشال تايمز" نشرت، اليوم الأربعاء، أن الاتحاد الأوروبي لا يعارض دعم التكنولوجيا الصديقة للبيئة، لكنه يرفض أن يتم ذلك عبر آليات تُخلّ بقواعد المنافسة، أو تمنح امتيازات غير متكافئة لبعض الشركات أو الدول.

عارضت ريبيرا محاولات المفوض الفرنسي للصناعة ستيفان سيجورنيه تمرير إعفاءات من قواعد الدعم الحكومي تسمح بشراء المنتجات الأوروبية حصريًا، وتقديم إعانات حكومية مباشرة لمصنّعي البطاريات، وتوربينات الرياح، والألواح الشمسية.

تقويض تكافؤ الفرص

وأكدت أن هذه السياسات ليست فقط مخالفة للقانون الأوروبي، بل تُعد من العوامل التي تخلق تشوّهات في السوق، ما يهدد بتقويض تكافؤ الفرص بين الدول الأعضاء التي تختلف قدراتها المالية بشكل كبير.

وشددت ريبيرا على أن الطريق البديل يكمن في تملّك الحكومات حصصًا في الشركات، مضيفةً: "إذا نجحت هذه الاستثمارات، يُمكن استرداد الأموال العامة وتحقيق منفعة مجتمعية من خلال الأرباح".

وتستعد المفوضية الأوروبية لاعتماد توجيهات جديدة بشأن قواعد المساعدات الحكومية، وذلك ضمن مجموعة سياسات صناعية تُعلن اليوم الأربعاء، تهدف إلى تحقيق توازن بين أهداف الاتحاد الأوروبي المناخية وجهوده لتعزيز قدرته التنافسية.

ويتوقع أن توسّع هذه التوجيهات إطار الدعم المسموح به للتحول الأخضر، في وقت تتزايد فيه الفجوة التنافسية بين أوروبا، والولايات المتحدة، والصين، خصوصًا في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا منخفضة الانبعاثات.

التزام بالتحول الأخضر

أكدت ريبيرا أن هذه الخطوات تعكس التزام بروكسل بالتحول الأخضر، لكنها تراعي في الوقت نفسه التباينات المالية بين دول الاتحاد، وتحافظ على قواعد المنافسة والشفافية.

وطمأنت ريبيرا المستثمرين بأن الاتحاد الأوروبي يوفّر بيئة مستقرة وجاذبة، تتميز بالقدرة على التنبؤ والثقة، قائلة: "نحن نوفر الاستقرار والموثوقية، ونمتلك الإرادة السياسية لدمج الاستثمارات العامة والخاصة في التحول الأخضر، خاصةً في مجالات الطاقة وإزالة الكربون والتصنيع النظيف".

أشارت إلى أن أوروبا أصبحت أكثر جاذبية للمستثمرين في وقت تتزايد فيه الشكوك حول برنامج الإعفاءات الضريبية في الولايات المتحدة.

واستشهدت بتقارير تُفيد بأن عددًا من الشركات قد علّق أو ألغى استثمارات في مصانع بطاريات أمريكية، بسبب غموض آليات الدعم التي أُطلقت خلال إدارة بايدن، مضيفة: "هل تفكرون في استثمار بمجال البطاريات؟ أوروبا ترحب بكم.. نمتلك اقتصادًا منفتحًا وحديثًا، ونقاط قوة لا يُستهان بها".

دعم بدون تشويه السوق

نفت ريبيرا وجود تناقض بين السياسات الصناعية الجديدة والمبادئ التقليدية للمنافسة في الاتحاد الأوروبي، مؤكدة أن المطلوب هو تكييف أدوات المنافسة لتخدم الأهداف الاستراتيجية الكبرى.

قالت: "لا أعتقد أن هناك توترًا، بل أرى ضرورة عاجلة لوضع سياسات صناعية تتجاوز الدعم الحكومي المباشر، وتُركّز على أدوات فعّالة مثل تطوير السوق الموحدة وتحديث قواعد المشتريات العامة".

وتطرقت ريبيرا إلى بعض التعديلات المرتقبة في هذه القواعد، مثل إدراج بنود تُفضّل المنتجات الأوروبية ضمن المشتريات العامة، لكنها شددت على أن كل ذلك يجب أن يجري ضمن إطار شفاف لا يُخلّ بالمنافسة.

أولويات الاقتصاد الأوروبي

شددت ريبيرا على أن استخدام أدوات سياسة المنافسة ينبغي أن يتم لخدمة أولويات الاقتصاد الأوروبي، مثل تحديث الصناعة، وتسريع التحول في الطاقة، وتعزيز ظروف تصنيع التكنولوجيا النظيفة.

وقالت: "يجب أن نستخدم سياستنا الصناعية بطريقة مسؤولة، تضمن تكافؤ الفرص في السوق الموحدة، وتُشجع على بناء اقتصاد أكثر مرونة واستدامة".

وختمت بالإشارة إلى أن الطريق الأمثل للاتحاد الأوروبي في هذا السباق العالمي يتمثل في بناء شراكات فعالة بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز ثقة المستثمرين، والاستثمار في الابتكار الأخضر، بدلًا عن الركون إلى الإعانات غير المستدامة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية