غوتيريش: المسؤولية عن الحماية ضرورة أخلاقية ووعد لم يُنفذ بعد
في الذكرى العشرين لمبدأ حماية الشعوب من الفظائع الجماعية
أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن مبدأ "المسؤولية عن الحماية" لم يعد مجرد تعهد سياسي، بل أصبح ضرورة أخلاقية ملحة في عالم يشهد اضطرابات غير مسبوقة وارتفاعًا حادًا في النزاعات المسلحة والانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها غوتيريش في فعالية خاصة عقدتها الجمعية العامة، يوم الأربعاء، لإحياء الذكرى السنوية العشرين لاعتماد مبدأ "المسؤولية عن الحماية"، وهو التزام أُقر في القمة العالمية عام 2005 لحماية الشعوب من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
تصاعد غير مسبوق في العنف وغياب المساءلة
قال غوتيريش إن العالم يشهد حاليًا أكبر عدد من النزاعات المسلحة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وسط انتشار واسع لانتهاكات القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، ما يؤدي إلى "إفلات خطِر من العقاب" على الجرائم الفظيعة.
وأشار إلى أن الأدلة على هذه الجرائم تقابل غالبًا بـ"الإنكار، أو اللامبالاة، أو القمع"، مضيفًا أن الردود الدولية كثيرًا ما تكون "متأخرة، أو غير كافية، أو خاضعة لمعايير مزدوجة"، ما يترك المدنيين في مرمى العنف دون حماية.
غوتيريش: "الحماية تبدأ من الداخل"
واستعرض الأمين العام تقريره السنوي حول المسؤولية عن الحماية، موضحًا أن التجارب أثبتت إمكانية الوقاية من الفظائع عبر الدبلوماسية المبكرة وآليات الإنذار الوطني، داعيًا إلى إدماج هذه الجهود ضمن السياسات الأوسع لحفظ السلام وتعزيز التنمية المستدامة وحقوق الإنسان.
وأكد أن "الوقاية يجب أن تبدأ من الداخل، من خلال أنظمة تحمي الحقوق، وتحتضن التنوع، وتكرّس سيادة القانون"، مشددًا على أن ذلك يتطلب دعمًا دوليًا قائمًا على "التعاون متعدد الأطراف والدبلوماسية القائمة على المبادئ".
فشل المجتمع الدولي
من جهته، وجه رئيس الجمعية العامة، فيليمون يانغ، انتقادًا صريحًا لفشل المجتمع الدولي في الوفاء بوعد "عدم السماح بوقوع فظائع جماعية"، معتبرًا أن مبدأ المسؤولية عن الحماية "انبثق من أهوال رواندا ويوغوسلافيا، لكنه اليوم مهدد بالتحلل تحت وطأة الازدواجية والشلل الدولي".
وتساءل يانغ: "من غزة إلى أوكرانيا، ومن السودان إلى ميانمار، كيف سمحنا لأنفسنا بالتقصير؟"، مشيرًا إلى أن تجاهل الإنذارات المبكرة وفشل مجلس الأمن في التحرك الفوري يقوّض الثقة بالمجتمع الدولي.
دعوات لتحويل التعهدات إلى أفعال
طالب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة بتحويل مبدأ "المسؤولية عن الحماية" من إطار نظري إلى أداة عملية من خلال تعزيز المساءلة عن الجرائم الجسيمة قبل وقوعها، وبناء أنظمة قانونية مرنة تمنع تكرار الجرائم، والتخلي عن الاعتبارات السياسية الضيقة في قرارات الحماية، إضافة إلى العمل الجاد لمنع الفظائع قبل أن تتحول إلى كوارث إنسانية.
وقال يانغ: "الحماية ليست طموحًا أخلاقيًا فقط، بل تتطلب منا أن نتحرك بشكل فردي وجماعي لحماية الأبرياء".
مبدأ "المسؤولية عن الحماية"
تم تبني مبدأ "المسؤولية عن الحماية" (R2P) في القمة العالمية للأمم المتحدة عام 2005، ويقوم على ثلاث ركائز رئيسية:
مسؤولية كل دولة عن حماية سكانها من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية، ومسؤولية المجتمع الدولي في مساعدة الدول على الوفاء بهذه المسؤولية، إضافة إلى التدخل الجماعي المشروع إذا فشلت الدولة في حماية سكانها، سواء عبر الوسائل الدبلوماسية أو، كخيار أخير، عبر إجراءات عسكرية معتمدة من مجلس الأمن.
لكن رغم التوافق الدولي على هذا المبدأ، إلا أن تطبيقه في الميدان ظل محدودًا بسبب الخلافات السياسية داخل مجلس الأمن، واختلاف المعايير بشأن متى وكيف يتم التدخل.