مسؤول أممي: الخطوات الأخيرة بالملف السوري تطور مهم على طريق العدالة
أمام الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف
أكد رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا، باولو سيرجيو بينيرو، أن الخطوات الأخيرة المتخذة في الملف السوري تمثل تطوراً مهماً في طريق العدالة، وقد تسهم في الكشف عن مصير أكثر من 100 ألف شخص يُعتقد أنهم اختفوا قسريًا أو فُقدوا خلال السنوات الماضية في سوريا.
وأشار بينيرو، في تحديث شفهي يوم الجمعة أمام الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، إلى أهمية إنشاء الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية والهيئة الوطنية للمفقودين، واللتين "من المنتظر أن توفران الدعم والإنصاف للضحايا والناجين وذويهم"، مضيفاً أن هذه المبادرات تهدف لإجراء إصلاحات تضمن عدم تكرار المآسي. وعدّ "هذه المهمة شاقة على أي حكومة" وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
وتحدث عن التحديات التي واجهت السلطات المؤقتة، مشيراً إلى أن حل القوات المسلحة وأجهزة الأمن، دون توفير بدائل واضحة، أدى إلى فراغ أمني، أسهم في وقوع أعمال انتقامية، ولا سيما على الساحل السوري في مارس الماضي، والتي قال إنها كانت "رداً على خمسة عقود من الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الأمن بإفلات من العقاب".
استمرار الاعتقالات والانتهاكات
وحذّر بينيرو من تقارير مستمرة عن عمليات قتل واعتقالات تعسفية طالت أفراداً من الطائفة العلوية، بالإضافة إلى مصادرة ممتلكات الفارين من موجات العنف، ورحب بتشكيل لجنة وطنية للتحقيق في هذه الانتهاكات، وكذلك لجنة رفيعة للحفاظ على السلم الأهلي.
لفت بينيرو إلى هجوم استهدف كنيسة للروم الأرثوذكس في دمشق، مشدداً على أن على السلطات أن تضمن حماية أماكن العبادة، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات التي تهدد سلامة المجتمعات الدينية.
وأشار بينيرو إلى أن الصراع السوري لا يخلو من المظالم الداخلية، لكنه أكد أن التدخلات الخارجية زادت من تعقيده. ولفت إلى موجة غارات إسرائيلية استهدفت مواقع عدة، من بينها مناطق قرب القصر الرئاسي في دمشق، ومواقع عسكرية في درعا وحماة وطرطوس واللاذقية، محذراً من أن "هذه الإجراءات تثير مخاوف جدية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني".
وقال رئيس لجنة التحقيق إن أكثر من مليوني سوري عادوا إلى ديارهم منذ ديسمبر، منهم نحو 600 ألف عادوا من دول الجوار، في حين عاد نحو 1.5 مليون من النزوح الداخلي. لكنه نبه إلى أن أكثر من 7 ملايين لا يزالون نازحين، في ظل تحديات هائلة تتعلق بإعادة الممتلكات ودمار البنية التحتية.
احتياجات إنسانية قياسية
وأكد أن التحول السياسي الجاري في سوريا يتزامن مع ارتفاع قياسي في الاحتياجات الإنسانية، مشيرًا إلى أن ما يقرب من 16.5 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات، بينهم نحو 3 ملايين يواجهون انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي.
ورغم بعض التقدم، مثل رفع جزئي للعقوبات وفتح البلاد أمام الاستثمارات، دعا بينيرو المجتمع الدولي إلى دعم السلطات المؤقتة في جهودها لحماية حقوق جميع السوريين دون تمييز.
تعيش سوريا منذ عام 2011 صراعًا دمويًا أدى إلى مقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين. ومع تعقد الأوضاع بفعل التدخلات الخارجية والانقسامات الداخلية، برزت جهود جديدة من قبل هيئات سورية ودولية لمعالجة إرث الانتهاكات، وسط آمال بإعادة بناء دولة قانون، وإنهاء المأساة الإنسانية الممتدة.
وتأسست لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا في 2011 بقرار من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وتقوم برصد وتوثيق الانتهاكات المرتكبة من كافة الأطراف.