الحكومة الفرنسية تعيد طرح قانون دمج الإعلام العمومي وجدل حول استقلالية الصحافة

الحكومة الفرنسية تعيد طرح قانون دمج الإعلام العمومي وجدل حول استقلالية الصحافة
وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي

 

واصلت الحكومة الفرنسية الدفع بمشروع قانون إصلاح الإعلام العمومي رغم رفضه السابق من الجمعية الوطنية، حيث أعادت وزيرة الثقافة رشيدة داتي طرحه مجددًا أمام مجلس الشيوخ، في خطوة عدّتها نقابات الصحفيين والأحزاب اليسارية محاولة للالتفاف على الرفض الشعبي والبرلماني السابق.

ويقضي المشروع بإنشاء كيان موحد جديد باسم "فرانس ميديا"، يدمج تحت مظلته مؤسسات الإعلام العمومي الرئيسية في فرنسا، مثل: فرانس تلفزيون، راديو فرانس، وفرانس 2، إذاعة فرنسا الدولية (RFI)، ومونت كارلو الدولية.

وبررت الحكومة هذه الخطوة بـ"الحاجة إلى تعزيز القدرة التنافسية وتوحيد الموارد في ظل التغيرات التكنولوجية والمالية التي تواجه القطاع".

واجه المشروع رفضاً واسعاً

قادت نقابات الصحفيين وأحزاب من اليسار والخضر حملة رفض قوية ضد القانون، محذّرة من أنه يمهّد لـتقليص الميزانيات وتسريح العاملين، بما يُفضي فعليًا إلى فرض وصاية حكومية على الإعلام العمومي، وتقييد مساحاته التحريرية.

ورأت هذه الأطراف أن توحيد القنوات والإذاعات تحت مظلة واحدة سيفقدها تنوعها التحريري واستقلالها المهني، ويحوّل الإعلام العمومي إلى أداة طيّعة بيد السلطة، خصوصًا في سياقات سياسية حساسة كالانتخابات.

اشتدت الاتهامات السياسية

اتهم مراقبون الوزيرة رشيدة داتي بالسعي إلى تمرير المشروع في إطار صفقة سياسية مع حزب الرئيس إيمانويل ماكرون، وذلك لخدمة طموحاتها الشخصية، خاصة مع تزايد الحديث عن نيتها الترشح لبلدية باريس.

ورأى معارضون أن استعجال تمرير المشروع يعكس محاولة توظيف الإعلام العمومي سياسيًا، عبر هيكلته بطريقة تُسهل السيطرة عليه من السلطة التنفيذية أو تحجيمه لمصلحة قنوات ومجموعات إعلامية خاصة، تُتهم أحيانًا بترويج خطابات تمييزية أو شعبوية.

تصاعد الغضب.. والشارع الإعلامي يستعد

أعلنت النقابات الصحفية في فرنسا أنها تستعد لتنظيم احتجاجات جديدة في الشارع، دفاعًا عن استقلال الإعلام العمومي، ورفضًا لـ"منطق الدمج الإداري المموّه" الذي يهدد حرية التعبير، حسب وصفهم.

وأكدت أن التعبئة المقبلة ستتوجه إلى الرأي العام الفرنسي لإبراز أخطار المشروع، خاصة في سياق إقليمي ودولي يتزايد فيه قمع الصحافة وتضييق الحريات الإعلامية في عدد من الدول غير الديمقراطية.

تُعد فرنسا من بين الدول الأوروبية التي تمتلك نظام إعلام عمومياً قوياً وتعددياً، يلعب دورًا مركزيًا في التوازن الإعلامي والسياسي، ويُموَّل عبر رسوم عامة أو ميزانيات حكومية مستقلة.

وقد تكررت محاولات إعادة هيكلة هذا القطاع خلال السنوات الأخيرة، بدعوى التحديث والكفاءة، إلا أن كل مقترح للدمج أو التخفيض المالي قوبل بمقاومة شديدة من نقابات الإعلاميين، الذين يرون في هذه التحركات خطرًا على مبدأ الخدمة العمومية للإعلام، وعلى الدور الرقابي للمؤسسات الصحفية في الأنظمة الديمقراطية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية