بين الحرب والبحر.. ليبيا ترحّل مئات السودانيين الفارين من الجحيم

بين الحرب والبحر.. ليبيا ترحّل مئات السودانيين الفارين من الجحيم
مهاجرون غير شرعيين في ليبيا- أرشيف

 

في مشهد يعكس مأساة اللجوء المستمرة على تخوم الصحراء والبحر، أعلنت سلطات مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا ترحيل 700 مهاجر سوداني، جرى ضبطهم في مناطق جنوب شرق البلاد والمنطقة الوسطى، ضمن حملات أمنية واسعة لملاحقة المهاجرين غير النظاميين.

أحكام وأوبئة

وفي بيان صدر السبت، برّر جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية عمليات الترحيل بأن بعض هؤلاء المهاجرين "ثبتت إصابتهم بأمراض خطِرة ومعدية كالتهاب الكبد والإيدز"، فيما ضبط آخرون بتهم التهريب والهجرة غير الشرعية، أو صدرت بحقهم أحكام قضائية وإجراءات إبعاد أمنية.

غير أنّ وراء هذه الأرقام والبيانات الرسمية تكمن حكايات إنسانية مؤلمة، لنساء ورجال هربوا من جحيم الحرب الدائرة في السودان منذ أكثر من عام، وتسللوا عبر دروب الموت في الصحراء الكبرى، أملاً في ملاذٍ آمن أو لقمة عيش كريمة.

ليبيا.. نقطة عبور محفوفة بالموت

لطالما شكّلت ليبيا بموقعها الجغرافي الهش نقطة عبور رئيسية لموجات اللاجئين والمهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء، الساعين لعبور البحر المتوسط صوب أوروبا، وفي ظل الفوضى الأمنية والانقسام السياسي، تحوّلت مراكز الاحتجاز إلى محطات طويلة لمعاناة آلاف العالقين، وسط اتهامات متكررة للسلطات ومجموعات مسلّحة بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المهاجرين، بينها الاحتجاز التعسفي والتعذيب والابتزاز.

هذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها ليبيا ترحيل أعداد كبيرة من المهاجرين السودانيين وغيرهم؛ فقد سبق أن تم ترحيل مهاجرين من تشاد وبنغلادش منذ مطلع الشهر الجاري، في حين تلتزم الأطراف الدولية المعنية غالبًا بالصمت، رغم التحذيرات الحقوقية بشأن إعادة أشخاص قد يواجهون خطراً حقيقياً على حياتهم في بلدانهم الأصلية.

هؤلاء السودانيون المرحّلون، ومعظمهم من الفارين من مناطق النزاع المستعر منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، يجدون أنفسهم محاصرين بين لهيب الحرب في الداخل السوداني، وقسوة الصحراء، وخطر البحر، وجدران مراكز الاحتجاز الليبية في الخارج.

ورغم أن البعض كان يحلم فقط بالعمل في ليبيا لإعالة أسرته، فإن انعدام المسارات القانونية للهجرة وفوضى السلاح جعلتهم فريسة سهلة لشبكات التهريب والابتزاز.

أزمة الهجرة غير الشرعية في ليبيا وأزمة النزوح السوداني

تُعد ليبيا منذ سقوط نظام القذافي عام 2011 نقطة انطلاق رئيسية للهجرة غير الشرعية نحو أوروبا، إذ تشير تقديرات المنظمة الدولية للهجرة إلى وجود أكثر من 700 ألف مهاجر ولاجئ من جنسيات مختلفة داخل ليبيا.

وفي موازاة ذلك، فاقمت الحرب السودانية المستمرة منذ أكثر من عام، كارثة النزوح في الإقليم؛ حيث أعلنت الأمم المتحدة في تقاريرها الأخيرة أنّ عدد اللاجئين السودانيين الذين فرّوا إلى دول الجوار، (تشاد، مصر، جنوب السودان، وإثيوبيا)، تجاوز 1.9 مليون شخص، فيما نزح داخليًا نحو 6.7 مليون شخص داخل السودان ذاته.

وتتحدث تقارير المنظمات الحقوقية عن انتهاكات جسيمة تطول المهاجرين في ليبيا، بما في ذلك: الاحتجاز التعسفي في ظروف سيئة، العنف الجنسي، وسوء المعاملة. وتطالب منظمات دولية مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية بإصلاح شامل لسياسات الهجرة في ليبيا وتوفير حماية إنسانية للمهاجرين واللاجئين.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية