"لحماية البيئة".. دعوات مغربية لتعزيز مشاركة النساء في مواجهة التغير المناخي
"لحماية البيئة".. دعوات مغربية لتعزيز مشاركة النساء في مواجهة التغير المناخي
يتزايد الاهتمام بقضية إشراك النساء في صنع القرار البيئي في المغرب، وسط دعوات متصاعدة لإدماجهن في السياسات المناخية والاقتصادية المتعلقة بالانتقال نحو الاقتصاد الأخضر.
ومع تفاقم تداعيات التغيرات المناخية، برزت الحاجة إلى الاستفادة من قدرات النساء وخبراتهن في مجالات الزراعة، إدارة الموارد، والتكيف مع الأزمات البيئية، خاصة في المناطق القروية.
وأكدت الباحثة في التربية الإحيائية البحرية والناشطة البيئية لطيفة سروخ، أن إشراك النساء في جهود الانتقال المناخي العادل لم يعد خيارًا بل ضرورة، سواء على المستوى الوطني أو الدولي، مشيرة إلى أن المغرب باعتباره فاعلاً بيئياً إقليمياً، قطع خطوات مهمة في هذا الاتجاه، مشيرة إلى أن تحقيق اقتصاد منخفض الكربون لا يمكن أن يتم بمعزل عن النساء، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء المرأة، اليوم الثلاثاء.
وأوضحت سروخ أن العلاقة التاريخية التي تجمع المرأة بالأرض، خصوصًا في العالم القروي، تؤهلها لتكون فاعلة في إدارة التحول البيئي. فالنساء يُسهمن تقليديًا في الزراعة وإدارة الموارد، وبالتالي فهنّ شركاء طبيعيون في سياسات التنمية المستدامة.
سياسات داعمة للمساواة
استعرضت سروخ الأطر القانونية والمؤسساتية التي تبناها المغرب لتعزيز مشاركة النساء في المجال البيئي، من بينها الدستور المغربي لعام 2011 الذي كرّس مبدأ المساواة، إضافة إلى الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة التي تولي اهتماماً خاصاً لدور المرأة في صياغة وتنفيذ السياسات البيئية.
وأبرزت الباحثة المغربية وجود برامج تدريبية في مجالات مثل الطاقات المتجددة، الزراعة الإيكولوجية، وتدوير النفايات، مشيرة إلى أن هذه المبادرات لا تقتصر على الجانب النظري، بل تشمل أيضًا تمكين النساء من المهارات العملية الضرورية لإدارة مشاريع صديقة للبيئة.
ومن بين المشاريع الرائدة التي شاركت فيها لطيفة سروخ، مشروع "Inno Vert" المغربي الإسباني الذي أُطلق بمدينة طنجة، ويهدف إلى تعزيز قدرات النساء والشباب في الاقتصاد الأخضر وريادة الأعمال الخضراء.
وأشادت بمبادرات غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة طنجة تطوان الحسيمة، التي نظمت لقاءات لدعم مشاريع نسائية خضراء.
وتحدثت عن مبادرات أخرى مثل مشروع "FAREDEIC" المدعوم من منظمة "WECF"، والذي مكّن نساء قرويات من تصنيع معدات شمسية بسيطة كالفرن الشمسي. كما ساهمت منظمة "GEDI" في إنشاء تعاونيات نسائية خضراء، ووفرت التدريب والمواكبة في مجالات الطاقات المتجددة والصناعات التقليدية البيئية.
عوائق ثقافية واجتماعية
رغم التقدم الحاصل، حذّرت سروخ من عوائق ثقافية واجتماعية تحد من مشاركة النساء، خصوصاً في المناطق القروية، حيث لا تزال الأدوار التقليدية تحصر المرأة في إطار العائلة، بينما تواجه فتيات كثيرات صعوبة في الوصول إلى التعليم والتدريب المهني.
وأشارت إلى أن النساء يفتقدن في كثير من الحالات إلى التمويل الكافي لإطلاق المشاريع الخضراء، كما أن غياب المواكبة المستمرة منذ مراحل تأسيس المشروع حتى نموه يعمق الفجوة بين الطموح والواقع.
وشددت الباحثة لطيفة سروخ على ضرورة تكثيف الجهود الحكومية والمدنية والدولية لتوفير التدريب، التمكين التقني، والتمويل الميسر للنساء الراغبات في الانخراط في الاقتصاد الأخضر.
ودعت إلى تعزيز دور الجمعيات والمنظمات البيئية في التوعية، والترافع من أجل سياسات عادلة ومراعية للنوع الاجتماعي في مواجهة التغير المناخي.
وأكدت أن بناء مستقبل بيئي عادل ومستدام يتطلب أن تكون النساء في قلب القرار المناخي، وأن يتم تجاوز الخطابات الرمزية نحو ممارسات واقعية تُثمّن خبرات النساء وتُوظفها في تحقيق تحول بيئي وإنساني منشود.