إيبينغ البريطانية تنتفض ضد سياسة إيواء اللاجئين وتخشى على سلامة مجتمعها

إيبينغ البريطانية تنتفض ضد سياسة إيواء اللاجئين وتخشى على سلامة مجتمعها
احتجاجات في مدينة إيبينغ البريطانية ضد سياسة إيواء اللاجئين

تشهد مدينة إيبينغ الهادئة بمقاطعة إسيكس البريطانية حالة من الغليان الشعبي والمحلي، حيث طالب مجلس المدينة بالإغلاق الفوري والدائم لفندقين يُستخدمان لإيواء طالبي اللجوء، ويأتي هذا التصعيد على خلفية "عدد من الحوادث الخطيرة" التي هزت المجتمع في الأسابيع الأخيرة، مثيرة مخاوف عميقة بشأن السلامة العامة وغياب الشفافية في سياسة إيواء طالبي اللجوء.

الحوادث تثير القلق وتكشف عن تحذيرات سابقة

وفقًا لموقع "ذا ستاندرد"، أوضح كريس ويتبريد، رئيس مجلس مدينة إيبينغ، أن تحذيرات متكررة وُجهت إلى وزارة الداخلية بشأن "عدم ملاءمة كلا الموقعين" لإيواء طالبي اللجوء، إلا أنها لم تلقَ استجابة، وشملت الحوادث الأخيرة اعتقال رجل بتهمة الاعتداء الجنسي على تلميذة، وآخر بتهمة إشعال حريق متعمد، وأكد ويتبريد أن كلا المتهمين يقيمان في فندق "بيل" في إيبينغ وفندق "فينيكس" في بوبينغورث، وهما الفندقان محل النزاع.

وقف فوري لاستخدام الفنادق

صوّت أعضاء مجلس مدينة إيبينغ بالإجماع على مقترح يُطالب الحكومة البريطانية بوقف استخدام هذه الفنادق، معربين عن "قلقهم البالغ إزاء غياب الشفافية بشأن من يُؤوى فيها، والمخاطر المحتملة على المجتمع المحلي"، وحذّر المقترح من أن "تصرفات الحكومة متهورة وقد تُعرّض السلامة العامة للخطر"، داعيًا وزارة الداخلية إلى التوقف عن استخدام الفنادق غير المناسبة في البلدات الصغيرة والمناطق الريفية لمعالجة طلبات اللجوء.

وزارة الداخلية تعترف بـ"نظام معطل"

من جانبها، أقرت وزيرة الداخلية إيفيت كوبر بوجود "نظام معطل للهجرة واللجوء"، مؤكدة أن الحكومة تتخذ خطوات تدريجية لإصلاحه، وذكرت كوبر أن الوزارة نجحت في تقليص عدد طالبي اللجوء المقيمين في فنادق بريطانيا بنحو 6 آلاف شخص خلال الأشهر الستة الماضية، وزيادة بنسبة 28% في عدد العائدين من طالبي اللجوء المرفوضين منذ الانتخابات، إلا أنها شددت على أن معالجة هذا النظام المعقد تتطلب وقتًا.

احتجاجات وتأجيج من جماعات يمينية متطرفة

تصاعدت التوترات في إيبينغ في أعقاب احتجاجات مناهضة للمهاجرين شهدها فندق "بيل"، أسفرت عن اعتقال عشرة أشخاص. بدأت الشرارة الأولى لهذه الاحتجاجات عقب اعتقال طالب لجوء إثيوبي وصل مؤخرًا إلى بريطانيا عبر قارب صغير، وُجهت له تهمة الاعتداء الجنسي على فتاة مراهقة، وهي تهمة أنكرها أمام المحكمة الأسبوع الماضي.

ولم تقتصر التظاهرات على إيبينغ، بل امتدت إلى مناطق أخرى، حيث تجمّع عشرات المحتجين خارج فندق "بريتانيا" في منطقة "كاناري وارف"، بعد انتشار مزاعم غير صحيحة عن نقل طالبي لجوء من إيبينغ إلى هناك بتكلفة باهظة. 

نفت وزارة الداخلية تلك المزاعم، مؤكدة أن الفندق مخصص بالفعل لإيواء طالبي لجوء بتكلفة أقل بكثير.

اتهمت السلطات المحلية جماعات يمينية متطرفة، بينها جماعة "هوملاند"، بتأجيج التوترات في المنطقة. وتُعرف هذه الجماعات بنشر الكراهية والتطرف، وقد استغلت صفحة "إيبينغ تقول لا" على فيسبوك لتنظيم المظاهرات، مما فاقم من حدة الاستقطاب في المجتمع، وقد حذّرت رئيسة اتحاد الشرطة، تيف لينش، من أن ما يحدث في إيبينغ يُعد "إشارة تحذير" لاحتمال اندلاع مزيد من الاضطرابات هذا الصيف، مشيرة إلى أن النظام الأمني في البلاد لا يزال هشًا.

قضية إيواء طالبي اللجوء في الفنادق أصبحت نقطة خلاف رئيسية في المملكة المتحدة خلال السنوات الأخيرة، فمع تزايد أعداد الوافدين عبر القوارب الصغيرة، وجدت الحكومة البريطانية نفسها مضطرة للجوء إلى الفنادق كملاذ مؤقت لطالبي اللجوء، وذلك لضمان توفير الإقامة لهم أثناء معالجة طلباتهم، هذه السياسة، رغم أنها تهدف لتلبية الاحتياجات الإنسانية الفورية، أثارت جدلاً واسعًا بسبب التكاليف الباهظة التي تتحملها دافعو الضرائب، فضلاً عن المخاوف المجتمعية في بعض المناطق التي تستضيف هذه الفنادق.

تُعدّ المناطق الريفية والبلدات الصغيرة، مثل إيبينغ، التي تفتقر إلى البنية التحتية والخدمات الكافية لاستيعاب أعداد كبيرة من طالبي اللجوء، أكثر عرضة لظهور التوترات، كما أن الحوادث الفردية، حتى لو كانت معزولة، يمكن أن تُستغل من قبل جماعات اليمين المتطرف لتأجيج المشاعر المعادية للمهاجرين وزيادة الانقسام داخل المجتمع، مما يُشكل تحديًا حقيقيًا للسلطات المحلية والأجهزة الأمنية في الحفاظ على الأمن والنظام العام، تسعى الحكومة البريطانية حاليًا إلى تقليل الاعتماد على الفنادق من خلال تسريع عملية البت في طلبات اللجوء وزيادة عدد العائدين من طالبي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم، في محاولة لإصلاح ما تصفه بـ"النظام المعطل" للهجرة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية