وسط تصاعد الجدل حول حرية التعبير.. لندن تعتقل 150 متظاهراً مؤيداً لـ"فلسطين أكشن"
وسط تصاعد الجدل حول حرية التعبير.. لندن تعتقل 150 متظاهراً مؤيداً لـ"فلسطين أكشن"
شهدت ساحة البرلمان البريطاني في العاصمة لندن السبت حملة اعتقالات جماعية طالت ما لا يقل عن 150 شخصاً شاركوا في تظاهرة مؤيدة لمجموعة "فلسطين أكشن"، وهي الحركة التي حظرتها الحكومة البريطانية الشهر الماضي بموجب قوانين مكافحة الإرهاب. وأكدت شرطة العاصمة استمرار عمليات التوقيف بين صفوف المحتجين الذين رفعوا لافتات دعم للمجموعة.
تأسست "فلسطين أكشن" عام 2020، وسرعان ما برز اسمها في المشهد الاحتجاجي البريطاني عبر تنفيذ عمليات ميدانية تهدف إلى تعطيل أنشطة شركات مرتبطة بإسرائيل، وعلى رأسها مصانع "ألبيت سيستمز" الإسرائيلية للصناعات الدفاعية. وشهدت مدينة بريستول أبرز تحركات المجموعة حين نجحت في تعطيل إنتاج الطائرات المسيّرة بالمصنع.
الاحتجاج الذي غيّر المعادلة
اتخذت السلطات أولى خطواتها نحو تصنيف "فلسطين أكشن" منظمة إرهابية عقب احتجاج مثير للجدل في قاعدة "برايز نورتون" الجوية في مقاطعة أوكسفورد شاير في 20 يونيو الماضي، حيث دخل نشطاء القاعدة ورشوا طلاء أحمر على محركات طائرتين عسكريتين بريطانيتين، في رسالة رمزية ضد الدعم العسكري لإسرائيل.
بعد هذا الحادث، تقدمت وزيرة الداخلية إيفيت كوبر بمشروع قانون إلى البرلمان لتجريم المجموعة. أقر مجلس العموم المشروع الأربعاء الماضي، تبعه مجلس اللوردات الخميس، قبل أن ترفض المحكمة العليا الجمعة طلباً عاجلاً لوقف القرار، ليصبح الحظر نافذاً في الخامس من يوليو الجاري.
حرب غزة في خلفية المشهد
تأتي هذه التطورات في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، والتي توصف من قبل منظمات حقوقية دولية بأنها إبادة جماعية، شملت عمليات قتل وتجويع وتدمير وتهجير قسري، وتؤكد التقارير الحقوقية أن هذه الحرب خلفت أكثر من 211 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من تسعة آلاف مفقود ومئات آلاف النازحين، وسط مجاعة حصدت أرواح العشرات من الأطفال.
تعكس مواجهة السلطات البريطانية مع "فلسطين أكشن" اتساع الفجوة بين مؤسسات الحكم والحركات الشعبية المناهضة لسياسات إسرائيل، خاصة في ظل تصاعد الانتقادات الدولية للحرب في غزة. ويعيد هذا المشهد إلى الأذهان الجدل المزمن حول حدود حرية التعبير والعمل الاحتجاجي في الديمقراطيات الغربية، إذ ترى الحكومة أن تعطيل عمل المنشآت الحيوية يشكل تهديداً أمنياً، في حين يعتبر المدافعون عن حقوق الإنسان أن هذه الإجراءات تمثل تضييقاً خطيراً على الحق في الاحتجاج السلمي.
ووفقاً لتقارير أممية، شهدت بريطانيا في السنوات الأخيرة نمواً ملاحظاً في أعداد الملاحقين قضائياً على خلفية نشاط سياسي أو احتجاجي يتعلق بالقضية الفلسطينية، ما يطرح تساؤلات واسعة حول مستقبل التضامن الشعبي في ظل القيود الأمنية المتزايدة.