"لا تنسوا غزة".. آخر كلمات الصحفي أنس الشريف قبل أن يصمت صوته
"لا تنسوا غزة".. آخر كلمات الصحفي أنس الشريف قبل أن يصمت صوته
في السادس من أبريل 2025، كتب الصحفي الفلسطيني أنس جمال الشريف وصيته الأخيرة، وهو يدرك أن الموت قد يسبقه إليها، واليوم، بعد استشهاده أثناء تغطيته الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، خرجت وصيته إلى العلن، لتسرد قصة رجل جعل الكاميرا والقلم درعاً وصوتاً لشعبه.
ولد أنس في مخيم جباليا للاجئين، حاملاً حكاية اللجوء منذ طفولته، وحلم العودة إلى بلدته عسقلان المحتلة، "المجدل"، ظلّ يسكن قلبه حتى اللحظة الأخيرة، ومع كل يوم من الحرب، كان يخرج بكاميرته إلى الشوارع المحاصرة، يوثّق الألم، ويمنح الحكايات وجوهاً وأسماء.
"إن وصلتكم كلماتي.."
في وصيته، كتب أنس: "إن وصلتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي"، لم يكن يكتب عن خوف، بل عن قناعة أن صوته سيبقى بعده، دعا العالم ألا تسكته القيود ولا توقفه الحدود، وأن تبقى فلسطين وأطفالها المظلومون في القلب، أولئك الذين سحقت أجسادهم القنابل والصواريخ.
وصية لأمه وزيتونة لا تنحني
خصّ الشريف والدته بالدعاء، وأوصى بأسرته الصغيرة: زوجته أم صلاح "بيان" التي شبّهها بجذع زيتونة لا ينحني، وطفليه شام وصلاح، راجياً أن يكونوا لهم سنداً بعد الله. لم تكن وصيته مجرد كلمات، بل نداء إنساني يربط الفقد بالوفاء، والرحيل بالمسؤولية تجاه من تبقى.
رحيل على المبدأ
اختتم أنس كلماته مؤكداً أنه يموت ثابتاً على المبدأ، طالباً الدعاء له بالمغفرة والقبول، ومذكّراً الجميع: "لا تنسوا غزة.. ولا تنسوني من صالح دعائكم". ومع رحيله، رحل جسده عن الأرض، لكن صوته بقي يصدح بما أراد: أن تبقى الحقيقة حيّة، وأن تبقى غزة حاضرة في القلوب.
أنس جمال الشريف، مراسل صحفي فلسطيني، عُرف بتغطيته الميدانية للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وبتوثيقه المعاناة الإنسانية في مخيمات اللاجئين والمناطق المنكوبة، منذ اندلاع الحرب الأخيرة قبل أكثر من عام ونصف العام، كرّس وقته لنقل صورة ما يجري إلى العالم، متحدياً القصف والخطر.
اغتيال الصحفيين في غزة أصبح ظاهرة مقلقة، إذ وثّقت منظمات حقوقية مقتل عشرات الإعلاميين منذ بدء الحرب، في انتهاك واضح لحرية الصحافة وحق الشعوب في معرفة الحقيقة.