في أوسلو.. أصوات إيرانية تبحث عن مستقبل جديد لحقوق الإنسان بعد سقوط النظام

في أوسلو.. أصوات إيرانية تبحث عن مستقبل جديد لحقوق الإنسان بعد سقوط النظام
إيران

في العاصمة النرويجية أوسلو، اجتمع ناشطون وسياسيون وخبراء قانونيون من داخل إيران وخارجها لبحث سؤال صعب.. كيف يمكن بناء دولة تحترم حقوق الإنسان والديمقراطية بعد زوال النظام الحالي في طهران؟

المؤتمر الدولي الذي حمل عنوان "حقوق الإنسان في إيران في مرحلة ما بعد النظام" عُقد السبت 18 أكتوبر برعاية منظمة حقوق الإنسان في إيران، ليكون مساحة للنقاش حول شكل العدالة، ومستقبل الدولة، وطبيعة التحالفات التي يمكن أن تقود إلى انتقال سلمي وشامل وفق "إيران إنترناشيونال".

شيرين عبادي: من الشعارات إلى التطبيق

المحامية الإيرانية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، شيرين عبادي، كانت أبرز المتحدثين في المؤتمر، وقدمت رؤية نقدية لمسار المعارضة في إيران، مؤكدة أن الوقت حان للانتقال من الشعارات العامة إلى التطبيق العملي لمفاهيم الحرية والديمقراطية.

قالت عبادي في كلمتها إن "التفاهم حول القيم لا يكفي، بل يجب التوصل إلى اتفاق واضح حول كيفية تطبيقها"، مضيفة أن "حقوق الإنسان لا تُصان بالشعارات، بل بوضع آليات تنفيذية تضمنها لكل مواطن".

ورداً على مخاوف البعض من أن يؤدي إسقاط النظام إلى تكرار تجربة الثورة الإيرانية عام 1979، شددت عبادي على أن "الشعب الإيراني يجب ألا يخاف من التغيير، بل من الجمود الذي يقتل الأمل في المستقبل".

نقاشات خلف الأبواب المغلقة

المؤتمر، الذي يُعد الخامس من نوعه، يمتد على مدار يومين ويضم أربع جلسات رئيسية بمشاركة 18 متحدثاً من داخل إيران وخارجها، وتُخصص جلساته الختامية ليوم الأحد في حوارات مغلقة بين ممثلي أحزاب وتيارات سياسية معارضة.

وتأتي هذه النسخة امتداداً لأربعة مؤتمرات سابقة تناولت قضايا العدالة الانتقالية وضمان الحقوق المدنية وإدارة المرحلة الانتقالية في إيران، ما يعكس اتجاهاً متنامياً نحو بلورة رؤية مشتركة لمستقبل البلاد بعد النظام الحالي.

حوار بلا تحالف سياسي

مدير منظمة حقوق الإنسان في إيران، محمود أميري مقدم، قال إن المؤتمر يهدف إلى "فتح حوار محترم في بيئة محايدة بين القوى المعارضة المختلفة"، مشدداً على أن الهدف ليس تشكيل تحالف سياسي جديد، بل "خلق مساحة للتفاهم حول مبادئ أساسية، أهمها المساواة في الحقوق لجميع الإيرانيين بغض النظر عن الانتماءات القومية أو الدينية".

العدالة الانتقالية وتجنب دوامة الانتقام

من جانبه، دعا ممثل الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، آسو حسن‌ زاده، إلى ترسيخ قيم العدالة السياسية وقبول التعددية، معتبراً أنها السبيل الوحيد لمنع عودة الاستبداد بعد التغيير.

أما زعيم حزب كومله الكردستاني، عبدالله مهتدي، فشدد على أن "مرحلة الانتقال يجب أن تكون سلمية وعادلة"، مؤكداً ضرورة تبني معايير العدالة الانتقالية الدولية وتجنب أي نزعات انتقامية أو تصفية حسابات حزبية.

الديمقراطية تبدأ قبل التغيير

الأمين العام للحزب الدستوري الإيراني، فواد باشايي، أكد في مداخلته أن "بناء الديمقراطية لا يبدأ بعد سقوط النظام، بل من اليوم"، داعياً القوى السياسية إلى تجاوز الانقسامات والعمل المشترك، وأضاف أن "جيلين من الإيرانيين دفعا ثمناً باهظاً، ولا يمكن انتظار التغيير، في حين تُعاد إنتاج بنية القمع بأشكال جديدة".

تأسست منظمة حقوق الإنسان في إيران عام 2005 في أوسلو، ويقودها ناشطون إيرانيون في المنفى، وتعد من أبرز المؤسسات المستقلة التي توثق الانتهاكات وتدعو إلى محاسبة المسؤولين عنها في إيران.

شهدت البلاد خلال السنوات الأخيرة موجات احتجاج واسعة مطالبة بإصلاحات سياسية ووقف القمع، لا سيما بعد وفاة الشابة مهسا أميني عام 2022، التي شكلت نقطة تحول في الوعي الشعبي الإيراني وأطلقت موجة من المطالب بالمساواة والحرية والعدالة.

ويأتي انعقاد مؤتمر أوسلو في لحظة حساسة بالنسبة للمعارضة الإيرانية، التي تسعى إلى بلورة رؤية مشتركة لمرحلة ما بعد النظام، وسط إدراك متزايد بأن نجاح أي تحول سياسي في إيران لن يكون ممكناً دون ضمان العدالة وحقوق الإنسان لجميع مكونات المجتمع.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية