غرفة "العفّة والحجاب".. أداة رقابة أم مشروع اجتماعي جديد في إيران؟

غرفة "العفّة والحجاب".. أداة رقابة أم مشروع اجتماعي جديد في إيران؟
الحجاب في إيران - أرشيف

أثار إعلان أمين هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في العاصمة الإيرانية، عن تشكيل ما يُعرف بـ"غرفة عمليات العفّة والحجاب"، جدلاً واسعاً في الأوساط الحقوقية والمدنية، بعدما أكد خلال مؤتمر صحفي أن هذه الخطوة تأتي لتعزيز "الرقابة الثقافية والاجتماعية" في المجتمع.

وأوضح المسؤول أن الغرفة ستضم 80 ألف موظف مُدرّب و4575 مُدرّبة ومسؤولة قضائية، داعياً المواطنين إلى التسجيل والمشاركة في ما وصفه بـ"مقر مراقبي الشعب"، وهي هيئة يُفترض أن تعمل على متابعة مظاهر الالتزام بالحجاب والسلوك العام في الأماكن العامة والمؤسسات، بحسب ما ذكرت شبكة "إيران إنترناشيونال"، اليوم السبت.

واعتبر ناشطون ومنظمات حقوقية هذه الإجراءات استمراراً لنهج قمع الحريات الفردية، خصوصاً حرية المرأة في اختيار مظهرها، مشيرين إلى أن ما يحدث ليس سوى إحياء لدوريات الإرشاد التي واجهت في السابق رفضاً واسعاً داخل إيران وخارجها.

ووصف الناشط المدني رضا محسني الخطوة بأنها "جهد منظّم لإحكام السيطرة على الحياة الخاصة للمواطنين"، مضيفاً أن إنشاء غرفة عمليات تضم آلاف العناصر يشير إلى تحول الرقابة من مؤسسية إلى جماهيرية تهدف إلى فرض قيم محددة على المجتمع.

إعادة تدوير "شرطة الأخلاق"

ورأى ناشطون اجتماعيون وحقوقيات أن إنشاء الغرفة الجديدة يأتي ضمن مساعي النظام لإعادة إنتاج تجربة الشرطة الأخلاقية بأسلوب أكثر تنظيماً وشرعية قانونية، بعد أن تراجعت فعاليتها عقب موجة الاحتجاجات التي شهدتها البلاد إثر وفاة مهسا أميني عام 2022 أثناء احتجازها من قبل دورية الإرشاد.

وأكدت الناشطة في قضايا المرأة نرجس باهري أن هذه الخطة ليست سوى "محاولة لتجميل أدوات القمع القديمة"، معتبرة أن إشراك المواطنين في عمليات المراقبة يفتح الباب أمام التجسس الاجتماعي و"تجريم الاختلاف".

ويرى مراقبون أن السياسات الجديدة قد تُحدث انقساماتٍ حادة داخل المجتمع الإيراني، حيث ستخلق حالة من التوتر بين من يساند هذه الإجراءات بدافع ديني أو ثقافي، ومن يشعر بالقيود والتهديد من تنامي هذه الرقابة.

ويحذر الخبير في علم الاجتماع السياسي حسن دلاوري من أن هذا النوع من "الرقابة الشعبية المنظمة" سيؤدي إلى تفكك الثقة الاجتماعية، ويحوّل العلاقات في الأحياء والجامعات وحتى العائلات إلى ساحات للمراقبة المتبادلة، ما يكرّس الخوف والرقابة الذاتية جزءاً من الثقافة اليومية.

أداة للسيطرة لا للإصلاح

وتُشير تحليلات حقوقية إلى أن ما يسمى بـ“مقر مراقبي الشعب” يهدف إلى تحويل المشاركة المدنية إلى وسيلة للضبط الاجتماعي، عبر مراقبة السلوك والزيّ والممارسات العامة تحت غطاء "محاربة العلمانية واللامبالاة الاجتماعية".

ويرى الناشط الحقوقي محمد رضا غفاري أن هذه السياسة "تتجاوز البُعد الثقافي لتصبح أداة سياسية للسيطرة على المجتمع"، موضحاً أن النظام يسعى لتعويض إخفاقاته السابقة في ضبط الشارع الإيراني من خلال إشراك المواطنين في مراقبة بعضهم البعض، بما يخلق شعوراً دائماً بالرقابة والخضوع.

وفي ظل غياب الشفافية واحترام الحريات الفردية، يحذر حقوقيون من أن غرفة عمليات العفّة والحجاب قد تفتح الباب أمام موجة جديدة من الانقسامات والترهيب الاجتماعي، بدلاً من تحقيق ما تصفه السلطات بـ"تعزيز الثقافة العامة".

ويخشى المراقبون أن تتحول هذه المبادرة إلى رمز جديد للوصاية الأخلاقية في إيران، يعيد إلى الأذهان إخفاقات التجارب السابقة في فرض أنماط محددة من السلوك، ويُعمّق أزمة الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى انفتاح اجتماعي لا مزيد من الرقابة والتقييد.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية