وسط مخاوف حقوقية.. حملة أمنية تستهدف سكاناً بلا هوية في إيران
وسط مخاوف حقوقية.. حملة أمنية تستهدف سكاناً بلا هوية في إيران
شهدت مناطق في مدينة سيستان وبلوشستان الإيرانية حملة أمنية غير مسبوقة أثارت موجة من القلق والاستنكار المحلي والدولي، بعد أن داهمت قوات عسكرية وعناصر بلباس مدني قريتي "كريم آباد" و"موتور ملا كريم حاجي بلوش" واعتقلت عشرات السكان، منهم نساء وأطفال، دون أوامر قضائية أو توضيح رسمي حول الأسباب أو أماكن الاحتجاز.
وذكرت شبكة "إيران إنترناشيونال"، اليوم الاثنين، أن العملية بدأت في ساعات الفجر الأولى من أمس الأحد، حيث استخدمت القوات الأمنية أربع حافلات وعشرات المركبات العسكرية والمدنية، وفرضت طوقاً كاملاً على القريتين قبل أن تبدأ حملة تفتيش واسعة للمنازل، تم خلالها اعتقال جميع السكان الذين لا يحملون بطاقات هوية رسمية.
وأوضح شهود عيان أن "القوات العسكرية والعناصر المدنية اقتحمت المنازل دون إبراز أي أمر قضائي، وقامت بإخراج السكان بالقوة وأجبرتهم على الصعود إلى الحافلات العسكرية"، مضيفين أن عدد المعتقلين بلغ نحو 70 شخصاً من مختلف الفئات، منهم نساء مسنات وأطفال وشباب من قومية البلوش.
وأشار شهود آخرون إلى أن القوات استخدمت أكثر من 30 مركبة عسكرية ومدنية من نوع "هايلوكس"، إلى جانب سيارات وحافلات صغيرة، في حين شارك في العملية أكثر من 100 عنصر مسلح قاموا بمحاصرة المنطقة بالكامل قبل تنفيذ الاعتقالات.
صمت يثير الشكوك
من جانبها، لم تصدر السلطات الإيرانية أي بيان رسمي لتوضيح أسباب الاعتقالات أو مكان احتجاز الموقوفين، في حين أكد سكان محليون أن القوات نقلت المعتقلين إلى جهة غير معروفة تحت حراسة مشددة، دون السماح لأحد بالتواصل معهم أو معرفة مصيرهم.
وعبّر سكان القريتين عن استيائهم من هذا الإجراء الأمني، مؤكدين أن "هؤلاء الناس من أبناء المنطقة الأصليين، عاشوا فيها جيلاً بعد جيل، لكن بسبب سياسات التمييز الإداري ورفض منحهم بطاقات هوية، يُعاملون معاملة مواطنين من الدرجة الثانية، بل معاملة الأجانب على أرضهم".
ويعيش آلاف من أبناء قومية البلوش في جنوب شرق إيران أوضاعاً قاسية نتيجة الحرمان من الهوية الرسمية، ما يحرمهم من أبسط حقوق المواطنة، مثل التعليم والرعاية الصحية والعمل والسكن.
ويرى ناشطون أن ما جرى في سيستان وبلوشستان يمثل تصعيداً خطيراً في انتهاكات حقوق الإنسان بحق البلوشيين، مؤكدين أن الاعتقالات الجماعية دون تحقيق أو أمر قضائي تنتهك القوانين المحلية والدولية وتؤكد استمرار النهج القمعي ضد الأقليات في إيران.
دعوات للتحقيق الدولي
أدان نشطاء حقوقيون ومنظمات بلوشية ما وصفوه بـ"الاعتقال التعسفي الجماعي"، داعين الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية إلى فتح تحقيق عاجل في الحادثة، ومطالبة الحكومة الإيرانية بوقف ممارسات التمييز والتطهير الإداري ضد سكان المنطقة.
وقال أحد النشطاء المحليين في تصريح لوسائل إعلام معارضة إن "حرمان آلاف البلوشيين من الهوية لعقود طويلة جعلهم عرضة للاستغلال والقمع، والآن يُعتقلون لمجرد أنهم بلا وثائق رسمية، في حين تتحمل الحكومة مسؤولية هذا الحرمان منذ عقود".
وتعيش عائلات المعتقلين حالة من الخوف والارتباك بعد مرور أكثر من يوم على الحملة، دون أي تواصل مع ذويهم أو معرفة مصيرهم، وسط أنباء عن نقل بعضهم إلى معسكرات مؤقتة في ضواحي المحافظة.
مرحلة جديدة من التضييق
يخشى الأهالي من أن تكون هذه الاعتقالات بداية لمرحلة جديدة من التضييق الأمني على القرى البلوشية التي تشهد منذ سنوات تمييزاً ممنهجاً وتهميشاً اقتصادياً وسياسياً.
وبينما تلتزم السلطات الإيرانية الصمت، تتزايد المطالبات المحلية والدولية بضرورة توضيح مصير المعتقلين ومحاسبة المسؤولين عن هذه الحملة التي وصفتها منظمات حقوقية بأنها انتهاك صارخ لكل القوانين والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية.











