مخلفات الحرب تحصد الأرواح.. مقتل 647 سورياً منذ ديسمبر الماضي
مخلفات الحرب تحصد الأرواح.. مقتل 647 سورياً منذ ديسمبر الماضي
كشفت أحدث بيانات المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم السبت، عن حصيلة مروّعة جديدة لضحايا مخلفات الحرب في سوريا، حيث قُتل 647 مدنيًا منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي وحتى اليوم، نتيجة انفجار ألغام وذخائر غير منفجرة خلّفها أكثر من عقد من الصراع المسلح الذي دمر البلاد وأعاد رسم خريطتها السكانية والإنسانية.
وأوضح المرصد في بيانه، أن بين القتلى 185 طفلًا و42 سيدة، مشيرًا إلى أن الحوادث المميتة توزعت بين مناطق سيطرة الحكومة الانتقالية، ومناطق الإدارة الذاتية التي تهيمن عليها “قوات سوريا الديمقراطية (قسد)”.
وأبرز التقرير أن الألغام والمخلفات المتفجرة تزرع الموت في الحقول والمنازل والطرقات، وتحصد أرواح المدنيين في مشهد يومي يعكس هشاشة الأمن الإنساني واستمرار الخطر الكامن في الأرض.
إرث قاتل للنزاع
تُظهر الإحصاءات أن هذه الألغام ليست مجرد بقايا من حرب مضت، بل إرث قاتل يواصل تدمير مستقبل السوريين، خاصة في المناطق الزراعية والريفية التي يعتمد سكانها على الأرض بوصفها مصدر رزق أساسياً.
ويشير المرصد إلى أن كثيرًا من الحوادث تقع أثناء رعي الأغنام أو جني المحاصيل أو حتى أثناء لعب الأطفال قرب منازلهم.
ويرى محللون أن هذه الكارثة الإنسانية تمثل الوجه الخفي للحرب السورية، إذ لا تُسجّل معظم هذه الحوادث في الأخبار اليومية، لكنها تترك جروحًا عميقة في المجتمع المحلي، وتزيد من أعباء الفقر والنزوح وفقدان الأمان.
دعوات دون استجابة
دعا المرصد السوري مجددًا إلى إطلاق برامج وطنية ودولية لإزالة الألغام والمخلفات المتفجرة، مع التركيز على المناطق الأكثر تضررًا، إلى جانب تعزيز حملات التوعية المجتمعية حول سبل الوقاية.
كما شدد على ضرورة دعم برامج إعادة التأهيل لضحايا الانفجارات، خصوصًا الأطفال الذين يعانون من إعاقات دائمة نتيجة هذه الحوادث.
وأكد التقرير أن سوريا اليوم تُعد من أكثر بلدان العالم تلوثًا بالألغام، إذ تراكمت على أراضيها خلال السنوات الماضية كميات ضخمة من الذخائر غير المنفجرة، سواء من الغارات الجوية أو القصف المدفعي أو المعارك البرية، لتتحول مساحات شاسعة من البلاد إلى حقول موت كامنة تحت التراب.
الأطفال في قلب المأساة
بيّن المرصد أن النساء والأطفال ما زالوا الفئة الأكثر تضررًا، إذ غالبًا ما يكونون خارج دوائر الوعي بالمخاطر أو التدريب على تجنبها.
وتُعد الإصابات في هذه الفئات مدمرة على المستوى الإنساني والاجتماعي، حيث تفقد الأسر معيلين أو تتحول إلى عبء اقتصادي إضافي في ظل تدهور الخدمات الصحية وغياب الدعم النفسي والاجتماعي.
ويحذر الخبراء من أن استمرار هذا الوضع دون تدخل عاجل سيُبقي سوريا رهينة لإرث الحرب حتى بعد توقف القتال، فكل انفجار جديد يذكّر بأن الحرب، رغم صمت المدافع، ما زالت تحصد الأرواح وتُعوق عودة الحياة الطبيعية.
ويؤكد المرصد أن "إنقاذ حياة المدنيين لا يتطلب فقط وقف النزاع، بل يتطلب تطهير الأرض التي تركها الصراع ملوثة بالموت"، في دعوة صريحة للمجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لتكثيف الجهود قبل أن تتحول مخلفات الحرب إلى كارثة مستدامة.










