"مصايد موت مخفية".. مخلفات الحرب تسرق أحلام الأطفال في سوريا
"مصايد موت مخفية".. مخلفات الحرب تسرق أحلام الأطفال في سوريا
لا تزال مخلفات الحرب في سوريا تمثل فصلاً دامياً من معاناة المدنيين، خاصة الأطفال منهم، حيث تتحوّل حقول اللعب وأراضي الزراعة إلى ألغام مميتة تنتظر الضحايا، وسط غياب برامج فعالة لإزالتها وتأمين المناطق، وتتزايد الحاجة الملحة لتدخل عاجل يراعي الجانب الإنساني ويدفع نحو بناء مستقبل أفضل يسوده السلام والأمان.
في بلدة حيش بريف إدلب الجنوبي، جرت مأساة جديدة حين انفجر لغم أرضي في حقلٍ كان يلعب فيه طفلان من عائلة واحدة، فقُتلا على الفور، وأصيب اثنان آخران بإصابات خطيرة، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان له، اليوم الأربعاء.
الحادث هو جزء من مأساة أكبر؛ فمنذ مطلع 2025، سُجّلت 477 حالة وفاة بين المدنيين نتيجة مخلفات الحرب، بما في ذلك 132 طفلاً، وذلك إلى جانب إصابة 521 شخصاً آخرين، بينهم 235 طفلاً و14 امرأة.
الأكثر تلوثًا بالألغام في العالم
يشكّل البلد أحد أكثر المناطق الملوّثة بالألغام والذخائر غير المنفجرة، لا سيما في مناطق مثل الرقة وإدلب والأرياف.
منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، قُتل أو جُرح أكثر من 900 شخص بسبب هذه المخلفات، وتراوح العدد لدى منظمة AP بين 249 قتيلاً و370 جريحاً منذ ذلك التاريخ، بحسب ما ذكرت وكالة "الأسوشيتد برس".
وأعطت "أنقذوا الأطفال" مؤشرات مروعة عن مقتل أو إصابة 188 طفلاً خلال ثلاثة أشهر فقط، أي بمعدل طفلين يومياً على الأقل منذ ديسمبر 2024.
بينما أشارت اليونيسيف إلى سقوط أكثر من 100 طفل شهرياً، بينها 116 حالة في ديسمبر الماضي فقط، بمعدل يقارب 4 إصابات يومياً.
حياة تحت الخطر
مزارع عمره 21 عاماً فقد ساقه عندما داس على لغم أثناء حصاد الزيتون قرب إدلب، وزراعة الأراضي وألعاب الأطفال أصبحت محفوفة بالموت، فكل خطوة محسوبة ولكنها غالباً تؤدي إلى انفجار.
وتقابل قوات مساعدة تطوعية ومبادرات محلية وجهود مدنية نقصاً في معدّات الأمان والخبرة، ما يضاعف مخاطر التعرض للأذى.
وتطالب منظماتُ حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش، الحكومةَ السورية بإطلاق برنامج إزالة الألغام وبتأسيس سلطة وطنية مختصة بالتنسيق مع الأمم المتحدة.
دعم المنظمات الإنسانية
يعمل في سوريا نحو 240 عامل إزالة ألغام تابعين لمنظمة MAG، وقد أزالوا أكثر من 80 ألف قطعة متفجرة منذ 2016، لكن التكلفة الجارية سنوياً (6 ملايين دولار) لا تكفي؛ فعملية الإزالة تحتاج إلى تعاظم لتصل إلى 25 مليون دولار سنوياً.
وتتواصل الأنشطة لتوعية السكان بخطورة المخلفات الحربية، خصوصاً الأطفال الذين يفتقرون للمعلومات اللازمة عند مواجهتها.