أقدام مبتورة وقلوب لا تنكسر.. بطولة الأمل تعيد الروح للرياضيين الجرحى في غزة

أقدام مبتورة وقلوب لا تنكسر.. بطولة الأمل تعيد الروح للرياضيين الجرحى في غزة
رياضيون في غزة - أرشيف

من على عكازين وعلى أرض ملعب دير البلح في غزة، وقفت فرح يوسف تستعيد ما كان يوماً جزءاً من حياتها، جاءت لتلعب كرة القدم كما كانت تفعل قبل أن تفقد ساقها في حرب عام 2021، كانت تريد أن تتحدى الجرح وأن تقول لكل من يشبهها إن الطريق لا يتوقف عند الألم، رسالتها بسيطة وقوية في آن واحد "أكملوا المشوار، لا تستسلموا، لا تسمحوا للظروف أن تسلبكم أحلامكم".

شاركت فرح في بطولة الأمل لكرة القدم لمبتوري الأطراف التي نظمها اتحاد فلسطين لكرة القدم لمبتوري الأطراف، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة، وهي بطولة جمعت لاعبين ولاعبات حملت أجسادهم ندوب الحرب، لكنهم قرروا أن يجتمعوا على أرض الملعب ليبدؤوا حياة جديدة عبر كرة القدم، ويثبتوا أن الجسد قد يصاب لكن الإرادة لا تُهزم.

كان المشهد مزيجاً من الحماس والإصرار، فلاعبو البطولة فقدوا أطرافهم في حروب متتالية عاشها القطاع، لكن البطولة جاءت لتعيد إليهم مساحة من الحياة.

فرح يوسف

دعم المصابين

تسعى إدارة الاتحاد الفلسطيني لمبتوري الأطراف إلى دعم المصابين وإشراكهم في الأنشطة الرياضية خطوة أولى لدمج آلاف من مبتوري الأطراف الذين تركتهم الحرب الأخيرة بحاجة إلى رعاية خاصة، والبطولة لم تكن مجرد منافسة رياضية، بل كانت رسالة بأن من فقدوا أطرافهم قادرون على العودة إلى الملاعب إذا وجدوا الدعم اللازم.

تحدث الكابتن علي أبو عرمانه مدرب المنتخب الوطني لمبتوري الأطراف عن حلم لم يكتمل، لافتاً أنه كان من المفترض أن يكون المنتخب في جاكرتا للمشاركة في تصفيات غرب آسيا المؤهلة لكأس العالم في كوستاريكا عام 2026، لكن إغلاق المعبر والحرب فرضا واقعاً قاسياً وأجهضا فرصة كان ينتظرها الفريق، ويرى أبو عرمانه في بطولة الأمل محاولة لبعث الروح من جديد بعد عامين من الحرب.

محمد أبو جوفيل لاعب كرة قدم سابق قبل أن يصاب في حرب 2014، بعد البتر عاش خمسة أشهر من الانقطاع والعجز، قبل أن يجد نفسه في فريق لمبتوري الأطراف، واجه تحديات كبيرة في التأقلم مع اللعب بساق واحدة، لكنه واصل الطريق بالتدريب المكثف وبمساعدة لاعبين ذوي خبرة من الخارج، اليوم يقول إنه استعاد جزءاً من حياته فوق أرض الملعب.

أما عبد الله أبو مخيمر لاعب آخر يؤكد أن الرياضة بالنسبة لهم ليست ترفاً بل ضرورة، مطالباً الجهات المختصة بالاهتمام بهذه الرياضة التي تمنح المصابين دافعاً نفسياً واجتماعياً.

6 آلاف حالة بتر

تشير تقارير من منظمات صحية في غزة إلى تسجيل ست آلاف حالة بتر خلال عامين فقط، ويشكل الأطفال ربع هذه الحالات تقريباً، في حين تمثل النساء ما يقرب من ثلاثة عشر في المئة، في وقت تعاني فيه المستشفيات من نقص حاد في المعدات الطبية والأجهزة المساندة، ما يجعل رحلة التعافي طويلة وقاسية.

شهد قطاع غزة خلال السنوات الماضية موجات متتالية من التصعيد العسكري أدت إلى أعداد كبيرة من الإصابات البالغة وحالات البتر، ومع محدودية البنية الصحية والقدرات الطبية، يواجه المصابون صعوبات مضاعفة في الحصول على العلاج والتأهيل.

وتأتي الرياضة بوصفها مساحة إنسانية تمنح مصابي البتر فرصة لإعادة بناء الثقة بالنفس واستعادة جزء من حياتهم، وتعد رياضة مبتوري الأطراف إحدى الأدوات الفاعلة في إعادة دمج الجرحى داخل المجتمع، إلا أنها ما تزال بحاجة إلى دعم مؤسسي وبرامج تدريبية وبنية رياضية متخصصة كي تتحول من مبادرات فردية وبطولات محدودة إلى مشروع وطني شامل يخفف من آثار الحرب المتراكمة في السكان والمصابين.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية