العنف ضد النساء.. مأساة تتجدد يومياً رغم حملات التوعية والفعاليات الدولية

العنف ضد النساء.. مأساة تتجدد يومياً رغم حملات التوعية والفعاليات الدولية
العنف ضد المرأة - أرشيف

في الخامس والعشرين من نوفمبر من كل عام، تستعد النساء حول العالم لإحياء اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، في وقت تتزايد فيه المؤشرات على أن العنف لم يعد حادثاً فردياً أو ظرفياً، بل أصبح ظاهرة بنيوية متجذرة تتقاطع مع السياسة والدين والعادات والتشريعات. 

وعلى الرغم من الرمزية العالمية لهذا التاريخ، فإن كثيراً من الناشطات يؤكدن أن كل يومٍ هو ساحة مواجهة مفتوحة مع أنماط متجددة من العنف، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء المرأة، اليوم الأحد.

وتعمل المؤسسات النسوية في مختلف الدول على تنظيم حملات التوعية والندوات والأنشطة الميدانية، هذه الفعاليات “لا تُقام من أجل الاحتفال، بل لأنها ضرورة ملحّة لرفع الوعي الجماعي وبناء شبكات حماية اجتماعية”. 

وتختلف طبيعة الأنشطة من بلد لآخر، تبعاً للسياق السياسي والأمني، لكن المشترك بينها هو الإصرار على مواجهة العقلية التي تجعل العنف أمراً عادياً أو مبرراً.

العنف داخل الأسرة

تشير منظمات حقوقية إلى أن العنف المنزلي هو الأكثر انتشاراً وصعوبة في التوثيق؛ لأنه يُمارس من أقرب الأشخاص للمرأة، وغالباً يتم تبريره تحت مفهوم “الشرف” أو “الطاعة” أو “الحفاظ على العائلة”.

وترى العديد من المنظمات الحقوقية أن الأسرة في كثير من المجتمعات تُبنى على نموذج سلطوي يُسند للرجل ملكية غير معلنة للمرأة، ما يجعل الجريمة تُرتكب باسم الحماية”. 

وتنتقد المنظمات غياب القوانين الرادعة أو عدم تطبيقها في دول مثل إيران وأفغانستان وباكستان وتركيا والسودان، حيث تسجَّل حالات قتل وعنف بدون محاسبة واضحة.

قوانين شكلية ومجتمعات مترددة

على الرغم من وجود نصوص قانونية تؤكد “المساواة” و”حماية النساء”، فإن التطبيق غالباً ما يصطدم بعادات اجتماعية وذهنيات محافظة. 

وتشير تقارير حقوقية إلى أن كثيراً من الدساتير تشكل غطاءً نظرياً فقط، في حين تستمر الممارسات التقليدية في فرض السلطة على النساء داخل المنزل والشارع وأماكن العمل.

يبدو المشهد أكثر تناقضاً حين يتزامن التقدم العلمي والتكنولوجي مع ارتفاع معدلات الانتحار والعنف ضد النساء، فبحسب تقديرات أممية، تتعرض واحدة من كل ثلاث نساء لعنف جسدي أو نفسي.

تطرف يعمّق الأزمة

في السنوات الأخيرة، أدت النزاعات المسلحة وصعود التيارات الدينية المتشددة واليمين المتطرف إلى تفاقم أوضاع النساء، ففي أفغانستان، مُنعت الفتيات من التعليم بعد المرحلة الابتدائية، في حين تُعتقل نساء في إيران لمجرد مخالفة قواعد الحجاب.

وترى الرئيسة المشتركة لحزب الحياة الحرة الكردستانية (‏PJAK‎‏) ‏زيلان فجين، أن “العقلية السلفية والجهادية لم تستهدف النساء فحسب، بل استهدفت تنوع المجتمعات نفسها، من الإيزيديات إلى العلويات والدرزيات؛ لأنها تعد النساء حامِلات للثقافة”.

وتقول إنه في العراق وإيران وتركيا ودول أخرى، تتداخل المشكلات الاجتماعية مع سياسات رسمية تسمح بزواج القاصرات أو تقيد حرية النساء أو تستخدم المخدرات أداة لتفكيك المجتمع.

وتذكر زيلان فجين أن “السجون في إيران تحولت إلى أدوات للعقاب النفسي والجسدي بحق النساء، مثل سجن قرتشك سيئ السمعة، حيث تُحرم المعتقلات من أبسط مقومات الحياة”.

أزمة بيئية تزيد العبء 

تقول فجين، إن تدهور البيئة، وجفاف المياه، ودمار الغابات بسبب الحروب والسياسات الحكومية، كلها عوامل تجعل حياة النساء أكثر هشاشة، خاصة في المناطق الريفية.

وتضيف: “حين تُدمَّر الطبيعة، تُدمَّر حياة النساء أيضاً، لأنهن يتحملن العبء الأكبر في تأمين الغذاء والماء وإدارة الحياة اليومية”.

وتؤكد الكثير من المنظمات النسوية أن طريق التغيير يبدأ من الداخل، من الأسرة أولاً، ثم من خلال التكاتف والتنظيم الذاتي للنساء. 

وتشدد زيلان فجين على أن “فلسفة (المرأة – الحياة – الحرية) لم تعد شعاراً، بل تحوّلت إلى منهج مقاومة ووسيلة لتحرير المرأة والمجتمع”.

وتختتم فجين حديثها: "ما دامت النساء لا يشعرن بالأمان في بيوتهن وبيئتهن، فلن يتوقف النضال. نحن نحمل إرثاً طويلاً من المقاومة، وسنستمر في بناء مساحات الحرية مهما كانت القيود".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية