واشنطن تُصعّد ضد الاحتكار الرقمي وتطلب تفكيك أنشطة "غوغل" الإعلانية
واشنطن تُصعّد ضد الاحتكار الرقمي وتطلب تفكيك أنشطة "غوغل" الإعلانية
طلبت الحكومة الأمريكية، في خطوة تعكس أعلى مستويات التصعيد ضد عمالقة التكنولوجيا، من قاضٍ فدرالي إصدار أمر قضائي يُلزم شركة غوغل بتفكيك جزء أساسي من منظومتها الإعلانية الرقمية، معتبرة أن الشركة احتكرت السوق عبر ممارسات غير قانونية استمرت لأكثر من عقد.
وجاء الطلب خلال الجلسة الختامية لمرافعات الدعوى التي رفعتها وزارة العدل وعدة ولايات أمريكية، متهمةً غوغل ببناء هيمنة مطلقة على سوق الإعلانات الإلكترونية، ليس فقط عبر منصات البيع والشراء، بل أيضاً عبر التحكم في أدوات المعاملات نفسها، بحسب ما ذكرت وكالة “فرانس برس”، اليوم السبت.
وترى الحكومة أن الوعود التي قدمتها غوغل لإصلاح النظام الإعلاني غير كافية ولا يمكن الوثوق بها، إذ قالت مساعدة المدعي العام غايل سلايتر عبر منصة "إكس": "نحن بحاجة إلى معالجة المشكلة من جذورها، والحل الأمثل هو تفكيك احتكار غوغل، ما يتيح ظهور منافسين جدد".
وتقول وزارة العدل إن غوغل تمتّعت بقدرة استثنائية على التحكم في ثلاثة مستويات حيوية من السوق: المنصات التي يبيع فيها الناشرون مساحاتهم الإعلانية، الأدوات التي يستخدمها المعلنون لشراء الإعلانات، والبنية التي تتم عبرها عمليات المزاد الإعلاني.
هذا النموذج، وفق الادعاء، مكّن الشركة من جمع بيانات ضخمة، والتحكم في الأسعار، وإقصاء المنافسين بشكل تدريجي وممنهج.
غوغل ترفض الاتهامات
من جانبها، رفضت غوغل الاتهامات، ووصفت مساعي الحكومة بأنها "إساءة استخدام للسلطة"، مؤكدة أن أدواتها الإعلانية هي الأكثر تطوراً في السوق وأنها تعمل لصالح الناشرين والمعلنين عبر ضمان كفاءة كبرى وتكلفة أقل.
وتصر الشركة على أن “الفصل التقني بين خدمات الإعلانات مستحيل عملياً”؛ لأن المنظومة الإعلانية تعتمد على تكامل متطور بين البيانات، خوارزميات المزاد، وأدوات التحليل.
ومن المتوقع أن يصدر القاضي الفدرالي قراره خلال الأشهر المقبلة، في حكم يُتوقع أن يكون الأهم في تاريخ قضايا الاحتكار ضد شركات التكنولوجيا منذ قضية مايكروسوفت في مطلع الألفية.
واللافت أن هذه هي ثاني دعوى كبرى تستهدف غوغل هذا العام؛ ففي سبتمبر الماضي رفض قاضٍ طلباً مماثلاً من وزارة العدل لفصل محرك البحث عن أنشطة الشركة الأخرى، وهو ما اعتُبر انتكاسة للحملة الحكومية.
مواجهة "قوة التكنولوجيا"
تأتي هذه التحركات بوصفها جزءً من استراتيجية أمريكية أوسع تهدف إلى إعادة التوازن إلى القطاع الرقمي، بعد سنوات من توسع نفوذ الشركات الكبرى مثل غوغل، ميتا، أمازون، وآبل التي باتت تتحكم بقنوات التجارة والإعلام والإعلان والبيانات.
لكن رغم كثافة دعاوى الاحتكار، ورغم الدعم السياسي من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، فإن النجاحات القضائية ما تزال محدودة، ما يجعل الحكم المرتقب في قضية غوغل اختباراً حقيقياً لقدرة الحكومة على كبح هيمنة شركات التكنولوجيا العملاقة.











