وسط جدل حقوقي.. ألمانيا ترفع سقف الضغوط على اللاجئين السوريين
وسط جدل حقوقي.. ألمانيا ترفع سقف الضغوط على اللاجئين السوريين
أعلن وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبريندت عن توجه حكومي واضح لزيادة الضغط على اللاجئين السوريين وتشديد إجراءات التعامل مع ملفاتهم، مؤكدا أن ترحيل أصحاب الملفات الأمنية يأتي على رأس أولويات الوزارة، ويأتي هذا التطور في ظل تحولات سياسية داخلية وتغييرات ميدانية في سوريا، إضافة إلى نقاش مجتمعي يتصاعد حول مستقبل الوجود السوري في ألمانيا بعد أعوام طويلة من النزاع.
وأكد دوبريندت، في تصريحات صحفية أوردتها شبكة "مهاجر نيوز"، اليوم الاثنين، أن ملف عودة المهاجرين وطالبي اللجوء يحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة الألمانية، مشيرا إلى أن برلين قطعت شوطا مهما في مفاوضاتها مع السلطات السورية لترتيب عمليات ترحيل منتظمة.
ولفت إلى أن الوزارة بدأت بالفعل بإعادة فحص طلبات اللجوء التي لم يتم البت فيها بعد، خصوصا تلك المقدمة من الرجال الشباب، متوقعا أن تكون غالبية النتائج غير إيجابية بالنسبة لأصحابها.
الاستقرار في سوريا
أشار الوزير إلى أن الوضع الأمني والسياسي في سوريا لم يعد كما كان في السنوات الأولى للنزاع، وأن التطورات الأخيرة دفعت الحكومة إلى مراجعة رؤيتها بشأن إمكانية العودة، واعتبر أن تحسن بعض الظروف يبرر إعادة النظر في حالات الحماية الممنوحة للسوريين، لا سيما الذين لم يثبتوا وجود مخاطر شخصية محددة.
وفي موقف متشدد لاقى انتقادات من منظمات حقوقية، رفض دوبريندت السماح للسوريين بالسفر المؤقت إلى بلادهم دون فقدان وضع الإقامة في ألمانيا، مؤكدا أن هذه الرحلات تمثل إساءة لاستخدام وضع الحماية، وقال إن الشخص الذي يسافر بسهولة إلى بلده لا يبدو بحاجة إلى حماية دولية، مضيفا أن تقييم الواقع السوري يمكن أن يتم من خلال مصادر المعلومات دون اللجوء إلى الزيارات المؤقتة.
ورأى الوزير أن السماح بما وصفه بالرحلات الاستكشافية قد يفتح الباب أمام استغلال النظام السوري لهذه العودة المؤقتة، متسائلا عن مدى اتساق حماية اللاجئ مع إمكانية سفره إلى البلد الذي فر منه لقضاء عطلة ثم العودة إلى ألمانيا دون تبعات قانونية.
تأتي التصريحات الألمانية في ظل تغيرات جذرية شهدتها الساحة السورية خلال الفترة الأخيرة، فبعد نحو 14 عاما من الحرب الأهلية، شهدت البلاد تحولا سياسيا حادا في ديسمبر الماضي عقب إسقاط النظام السابق بقيادة بشار الأسد على يد تحالفات المعارضة بزعامة ميليشيا هيئة تحرير الشام، قبل أن يجري تعيين أحمد الشرع رئيسا مؤقتا للبلاد في نهاية يناير، ورغم أن هذه التطورات لم ترسخ بعد استقرارا كاملا، فإنها شكلت عاملا جديدا في تقييم سياسات الدول المستقبلة للاجئين.
قلق حقوقي
أثارت السياسات الألمانية الجديدة بشأن المهاجرين موجة واسعة من القلق داخل الأوساط الحقوقية، حيث حذرت منظمات دولية من أن أي عمليات ترحيل قسرية قد تعيد اللاجئين إلى بيئة ما تزال تعاني من الانفلات الأمني والمخاطر السياسية.
وأكدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيانات سابقة أن سوريا لا تزال بيئة غير آمنة للعودة المنظمة، وأن الظروف الحالية لا توفر الحد الأدنى من الضمانات اللازمة لحماية العائدين من الاحتجاز التعسفي أو الاختفاء أو التجنيد القسري أو العنف.
كما شددت مفوضية حقوق الإنسان على أن أي خطوة نحو إعادة اللاجئين ينبغي أن تكون طوعية بالكامل ومبنية على تقييم مستقل وشفاف للوقائع على الأرض.
وفي هذا السياق، طالب خبراء أمميون الحكومة الألمانية بإرفاق أي مراجعة لملفات اللجوء بضمانات صارمة تحمي حقوق طالبي الحماية، مع ضرورة التأكد من خلو المناطق السورية المستهدفة بالعودة من الانتهاكات المستمرة.
السوريون في ألمانيا
استقبلت ألمانيا منذ عام 2015 أحد أكبر أعداد اللاجئين السوريين في أوروبا، ووصل العدد الإجمالي المسجّل إلى أكثر من 900 ألف شخص، وقد اعتمدت برلين طوال سنوات سياسة حماية واسعة شملت لم الشمل والحماية الإنسانية والدعم الاجتماعي.
لكن مع تغير الأجواء السياسية داخل البلاد وارتفاع مطالب الأحزاب المحافظة بتقليص الهجرة، بدأت الحكومة بإعادة تقييم ملفات اللجوء التي لم يجرِ البت فيها تماما، إضافة إلى تشديد شروط التجديد للحماية الثانوية.











