خبراء: الاحتراق الوظيفي قد يؤدي إلى الوفاة
خبراء: الاحتراق الوظيفي قد يؤدي إلى الوفاة
هل تؤدي مهام عملك بروتين ولا ترغب في الحضور معظم الأيام، هل تجد من حولك مملين، وأنك لا تمتلك الشغف الكافي لأداء عملك، وترغب في الاستقالة والهروب بعيدًا؟ انتبه أنت تعاني من "احتراق وظيفي".
والاحتراق الوظيفي (Job Burnout)، وفقًا لتقارير علمية، نوع خاص من الضغط العصبي المرتبط بالعمل، وهو حالة من الإجهاد البدني أو النفسي تتضمن إحساسا بتراجع الإنتاجية وفقدان الهوية الشخصية، نتيجة ضغوط العمل طويلة الأمد التي لم يتم التعرف عليها ومعالجتها.
وينطوي هذا النوع من الاحتراق على إرهاق عقلي أو عاطفي أو جسدي، مصحوبٍ في كثير من الأحيان بإحساس بالتشاؤم واليأس، كما أنه رد فعل على ضغوط العمل الطويلة أو المزمنة.
ويتميز بثلاثة أبعاد رئيسية: الإرهاق، والتشاؤم، والإحساس بضعف القدرة المهنية، وهو ما قد يدفع الشخص إلى كره وظيفته، وضعف طاقته الإنتاجية في العمل، يمكن أن يزيد من هذا الضغط، نمط الحياة العام، وأنماط التفكير كالبحث عن الكمال أو التشاؤم.
الرفاهية تزيد الإنتاج
أظهرت أبحاث نشرت بهذا الشأن أن الرؤساء والموظفين على حدٍ سواء يجب أن يهتموا بجودة بيئة العمل.
ووفقًا لتقارير صحفية، حددت دراسة أجريت عام 2020 في المجلة الدولية للبحوث البيئية والصحة العامة أن مكان العمل السام "يمكن أن يكون ضارًا ويؤدي إلى إجهاد غير ضروري، والإرهاق، والاكتئاب، والقلق بين العمال".
علاوة على ذلك، وجدت الدراسة أن التأثير السلبي على رفاهية الموظف ستنتقل إلى العمال الآخرين وتقلل من جودة العمل الذي يقومون به، وجدت الدراسة أن العكس صحيح أيضًا، أي أن رفاهية الموظف تزيد من أداء العمل، ومكان العمل الذي يدعم الموظفين بنشاط "يجلب الاستدامة إلى الأداء التنظيمي".
ومن ناحية الموظفين، فذكرت تقارير صحفية، أنه يمكن للضغط المتزايد في بيئة العمل السيئة التأثير على العلاقات الشخصية، بالإضافة إلى تدهور الصحة النفسية و قد يلجأ الموظفون أيضًا إلى الأدوية أو استهلاك الكحوليات للتعامل مع الإجهاد.
"جسور بوست" حاورت متخصصين خبراء نفس واجتماع، لمساعدة من توافرت لديهم الأعراض وتقديم النصائح.

احتراق وظيفي
وقالت أخصائية علم النفسي الإكلينكي، آية حسين:" إن ما يصادفه الموظف هو نوعان من بيئة العمل، الأولى سامة والثانية صحية، ولكل منهما مواصفات وشروط، وتتصف الأولى منهما بساعات العمل الطويلة، وعدم وضوح الدور ومهام عمله، قد يكون هناك تنافسية غير منصفة أو بعيدة عن تخصصه، من يستطيع لفت الانتباه أكثر والتسويق لعمله لنيل المديح بغض النظر عن تقديمه ما يستحق هذا المديح، ألّا يكون هناك مردود معنوي أو مادي كالحوافز والمكافآت أو وجود مدير غير قائد أو عادل، فعندما تتوفر هذه الأمور أو بعضها، يبدأ الموظف بالإصابة بما يسمى بـ"الاحتراق الوظيفي".
وعن أعراض الاحتراق الوظيفي أضافت آية في تصريحات لـ"جسور بوست": "يبدأ من فقدان الرغبة في العمل أو حضوره، الغياب والشغور بالضغط العصبي، نوبات غضب وانفعالات غير مبررة تجاه المقربين، ثم تبدأ مرحلة الانسحاب الاجتماعي ويقل إنجازه المهني والشخصي، حتى يصل الأمر إلى أعراض جسمانية كارتفاع ضغط الدم وآلام في الأمعاء، أو سكتة دماغية أو قلبية فجأة، ونسمع كثيرًا عن أناس يموتون فجأة أثناء تأديتهم عملهم، الأمر أنه مصاب باحتراق وظيفي منذ فترة ولم يعالج".

وعن الحلول قالت:" إن ما يجب على الفرد عمله حتى ينعم بعمل صحي، أن يكون على دراية قبل ذهابه للعمل بمهامه الوظيفية وساعات العمل والمرتب والحوافز والإجازات، وأن تكون لديه القدرة على طلب حقوقه والاعتراض متى لم تكن الأمور واضحة، أو طلب منه ساعات عمل أكثر من المتفق عليه، القوانين في إنجلترا تمنع ذلك حتى إذا أعطي للموظف مقابل تلك الساعات الزيادة، لأنها تؤثر على الوقت الذي يقضيه الموظف مع أسرته أو لنفسه، لكننا في مصر يتم الضغط عليان أو نضغط على أنفسنا تحت وطأة الظروف الاقتصادية".
ووجهت نصائح إلى الموظفين “يجب أن تنتبه إلى صحتك وأخذ إجازة متى شعرت بالإعياء وألا تتحامل على ذاتك المرهقة نفسيًا أو جسمانيًا، اللجوء إلى المدير الأعلى متى شعرت بمشكلة أو إلزامك بما لم يتفق عليه، ومن ناحية أخرى يجب عليك الالتزام بمهام عملك وأوقاته، وأن ينجز في مهامه، وأن عليه أن يعلم حقوقه وما عليه، كم عدد أيام الإجازات ومواعيدها، ثم استغلالها في الخروج مع المقربين والأسرة، بحيث لا يصبح وقته 24 ساعة وطوال أيام الأسبوع”.
وعن الحلول القانونية التي يجب اللجوء إليها حال وقوع مشكلة، قالت آية: "من ليست لديهم نقابة يحميهم قانون العمل، ولا بد للموظف أن ينتبه إلى توقيع عقد ينص على كافة حقوقه من مسمى وظيفي ومرتب وعدد ساعات العمل، والتأمين الصحي والاجتماعي، حتى يستطيع قانون العمل حمايته، في اللحظة التي أعي فيها حقوقي وواجباتي أستطيع خلق بيئة عمل صحية والعكس صحيح".
على الإنسان النوم 8 ساعات، والخروج مع الأهل وأن يشغل العمل جزءا من اليوم بما يساوي 30% فقط لا اليوم بأكمله، هناك حياة اجتماعية واهتمام بالصحة النفسية والجسدية.
الابتعاد عن بيئة العمل السلبية ضرورة
وقال أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، طه أبو حسين: "إن الموظف إذا وفرت له بيئة عمل مكتملة من حيث الوقت والمقابل المادي وما يبدع فيه أو يحبه فلا مشكلة إذن، ولكن إذا لم يكن هناك مناخ مناسب أو عمل غير محبب للموظف أو يضطر للتعامل مع ضغوط أو كانت ساعات العمل غير مناسبة، أو يعمل عملا لا يتناسب مع مهارات الموظف، فيكون يعمل في نطاق سلبي، ولا بد للإنسان الابتعاد عن تلك البيئة أو البحث عن عمل آخر، إيجابي يوفر له بيئة صحية".

وتابع: "يتعرض الإنسان لكثير من المشاكل كالضغوط وأنه غير مكتمل ولن يستطيع العيش بتوافق، فلا ينام جيدًا ترتد تلك الضغوط على الأسرة، ويجب على الموظف التواصل مع من يعملون معه واللجوء للنقابة التابع لها، وإما خلق كيان قانوني يتواصلون من خلاله إلى ما يضمن المطالبة بحقوقهم، وعلى المؤسسات (تظبيط) أمورهم المادية وما يتيح للفرد العمل في بيئة عملية جيدة".