"مجلس حقوق الإنسان": كورونا فرضت قيوداً مكبلة على المجتمع المدني بالعالم
"مجلس حقوق الإنسان": كورونا فرضت قيوداً مكبلة على المجتمع المدني بالعالم
بحزمة من القيود، فرض تفشي جائحة كورونا تحديات جمة على حركة وموارد منظمات المجتمع المدني بالعالم.
ويأتي ذلك وفق تقرير ناقشه مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، في إطار دورته العادية الحادية والخمسين، والمنعقدة خلال الفترة من 12 سبتمبر إلى 7 أكتوبر 2022، بالمدينة السويسرية جنيف.
وجاء التقرير بعنوان "كوفيد-19.. الطريق إلى الانتعاش والدور الأساسي للمجتمع المدني"، والذي يتناول التحديات الرئيسية التي واجهها المجتمع المدني في سياق جائحة كورونا.
وأوضح التقرير أن "المجتمع المدني له أهمية بالغة في توفير معلومات دقيقة عن الاحتياجات على أرض الواقع بعد الأزمات الكبرى، إضافة إلى تصميم تدابير الاستجابة الشاملة والآمنة والتمكينية، وتوفير الخدمات الأساسية والسعي إلى تحقيق الشفافية والمساءلة".
وأضاف: "الجائحة أدت إلى تفاقم التحديات القائمة وتسريع وتيرتها، على شبكة الإنترنت وخارجها على السواء، في ما يتعلق بالحيز المتاح للمجتمع المدني، بما يشمل المدافعين عن حقوق الإنسان".
وكشف أن تلك التحديات تشمل "حملات التشهير وخطاب الكراهية؛ واستخدام التدابير القانونية والإدارية لتقييد نشاط المجتمع المدني؛ إضافة إلى قيود على إمكانية الحصول على الموارد وعلى الحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات وحرية التعبير".
وتابع التقرير: "القيود المفروضة بسبب كوفيد-19 أثرت على طائفة واسعة من الجهات الفاعلة في المجتمع المدني، ما أدى إلى تغيير طريقتها في الوصول إلى المجتمعات التي تستفيد من خدماتها".
وأدت جائحة كوفيد-19 إلى ظهور حواجز تتعلق بإمكانية الوصول إلى المعلومات، ونقص الموارد المتاحة للمجتمع المدني، إلى جانب محدودية فرص مناقشة الخيارات الممكنة للاستجابة للجائحة.
وأوضح أن حكومات أسست فرقا تقنية للتصدي للجائحة، لكن مستوى الشفافية فيها كان ضعيفا واستبعدوا في معظم الأحيان ممثلي المجتمع المدني أثناء المناقشات الافتراضية مع الحكومات بشأن تدابير الاستجابة لفيروس كورونا.
كما أدت الجائحة أيضا إلى تقليص قدرة المرأة على المشاركة في عملية اتخاذ القرارات الرسمية، رغم أن النساء يشكلن 70 بالمئة من العاملين الصحيين، بمن فيهم القابلات والممرضات والصيادلة والعاملون الصحيون.
وأشار التقرير إلى استبعاد المجتمع المدني مراراً وتكراراً من العمليات البالغة الأهمية، رغم دوره الرئيسي في مكافحة الجائحة، حيث كان من الممكن أن تتمكن السلطات من عقد مشاورات مجدية مع المجتمعات المحلية بكل أطيافها المتنوعة.
وفي العديد من البلدان، أفضت تدابير مواجهة كوفيد-19 إلى تزايد الصلاحيات المخولة للسلطات التنفيذية، ما أضعف منظمات المجتمع المدني والمهام الرقابية المهمة التي تضطلع بها.
بالمقابل تفتقر العديد من الجهات الفاعلة في المجتمع المدني على المستوى المحلي إلى البنية التحتية والمهارات اللازمة لنقل عملياتها على شبكة الإنترنت، ولم يقدم أي تمويل إضافي خلال الجائحة، على الأقل في البداية، لتغطية التكاليف ذات الصلة.
ومنحت العديد من البلدان السلطات الشرطية والعسكرية صلاحيات تنفيذ تدابير الطوارئ الصحية، فتسنى بذلك تشديد الرقابة على الحركات والاحتجاجات السلمية وقمعها في بعض الأحيان، إلى جانب فرض غرامات باهظة على المتظاهرين السلميين وشن حملات الترهيب والتشهير ضدهم واحتجازهم.
ووفق تقديرات أممية، اعتمدت أكثر من 60 بلدا منذ بداية الجائحة، تدابير أثرت على الخصوصية، بما في ذلك استخدام تطبيقات تتبع المخالطين، واستخدام بيانات الهاتف المحمول لمراقبة التحركات، والقيام بدوريات على الإنترنت لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها.
وأدت بعض التدابير إلى التأثير على عمل منظمات المجتمع المدني والنشطاء، وتقليص فرصهم في الحصول على الموارد والتمويل على جميع المستويات، وكانت لها آثار قاسية على المنظمات المتوسطة والصغيرة على المستويين المحلي والمجتمعي.
ودعا التقرير إلى ضمان الحصول على الموارد والتمويل لمنظمات المجتمع المدني من دون عوائق لإصلاح الآثار السلبية التي خلفتها الجائحة على أداء الجهات الفاعلة في المجتمع المدني.
وحث الجهات المانحة ومؤسسات الأعمال التجارية، على الاستثمار في إتاحة المشاركة الشاملة والمتنوعة، وتوفير الحيز والوسائل اللازمة لتمكين المجتمع المدني وضمان توفير بيئة لحماية منظمات العمل الأهلي.
وأكد أن ضمان بيئة حماية للمجتمع المدني يتطلب من الدول والجهات الفاعلة الأخرى الاعتراف بالدور الرئيسي للمجتمع المدني التعددي وضمان حماية الخصوصية والكف عن استخدام تكنولوجيات المراقبة.
وأوصى التقرير بـ"الكف عن ممارسة التهديد ومنعه والتصدي له، ويجب التحقيق في التهديدات توجه على شبكة الإنترنت وخارجها بهدف إسكات أصحاب الرأي المخالف، واضطهاد الناقدين".
ودعا إلى إنشاء آليات وبروتوكولات الحماية الفعالة لمواجهة الاعتداءات على الأشخاص الذين يجاهرون برأيهم، وتجهيز تلك الآليات بما يلزم لتراعي النوع الاجتماعي ومعالجة السياقات والاحتياجات الخاصة لمختلف الفئات والجماعات، بمن في ذلك المبلغون عن المخالفات والصحفيون والمدونون.
وطالب التقرير الأممي أيضا بـ"الحماية من الدعاوى القضائية الاستراتيجية ضد المشاركة العامة التي يراد بها إسكات الأصوات الناقدة والآراء المخالفة، ودعم الجهود الرامية إلى إسقاطها؛ لضمان مراعاة استجابات الحماية للبعد المتعلق بالإنترنت".
وكذلك الرصد المنهجي للتهديدات والهجمات عبر الإنترنت والإبلاغ عنها وتوثيق دورها في تقليص حيز المجتمع المدني، والتأهب للاستجابة لحوادث محددة باتخاذ التدابير المناسبة، مع التركيز على رفاه الضحايا.
ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).
يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.