حافية القدمين ترتدي ملاءة بلاستيكية بالية.. "سريلانكية" تروي معاناة عاملة بمزارع الشاي

حافية القدمين ترتدي ملاءة بلاستيكية بالية.. "سريلانكية" تروي معاناة عاملة بمزارع الشاي

في الوقت الذي تكافح فيه الحكومة السريلانكية، أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد منذ الاستقلال في عام 1948، يتساءل المعيلون الأكثر ضعفًا في البلاد إلى أي مدى يمكنهم التحمل ومواجهة هذه الأزمة.

وحتى قبل تفاقم أزمة الأمن الغذائي التي تمر بها البلاد، والمرتبطة بأزمة تكاليف المعيشة، كانت "نجمة" العاملة بمزارع الشاي في سريلانكا، قد خفضت بالفعل وجبات الطعام، وبعد تخلف البلاد عن سداد الديون الدولية لأول مرة على الإطلاق في مايو 2022 والغزو الروسي لأوكرانيا، لم يتغير وضعها المحفوف بالمخاطر وسط مزارع الشاي في المرتفعات الوسطى في سريلانكا.

تقول "نجمة" وهي في مزرعة مساحتها 100 فدان، حيث بدأت العمل وهي تبلغ من العمر 14 عامًا: "نحن نعمل حتى عندما تمطر، وحتى عندما تمتص (العلقات) دماءنا".

وتضيف: "نحن نأكل فقط الخضار والأوراق.. لا نستطيع أكل اللحوم، ومن الصعب علينا حتى إرسال أطفالنا إلى المدرسة، أو حتى تقديم وجبات مناسبة لهم.. نحن نمر بوقت عصيب للغاية".

تتوجه الأم البالغة من العمر 38 عامًا، وهي ترتدي ملاءة بلاستيكية بالية ملفوفة حول خصرها، على غرار باريستا، وسترة كبيرة الحجم تشبه الإسفنج كلحاف حاجز للمطر، إلى المزرعة لتبدأ وردية العمل التي تبلغ 8 ساعات.

وفي أحسن الأحوال، يمكن أن تأمل "نجمة" في كسب 3 دولارات يوميًا، مقابل قطف أوراق الشاي، وذلك على افتراض أنها تفي بحصتها اليومية التي تتراوح بين 16 و20 كيلوغرامًا من الأوراق، أي ما يعادل كيسين كاملين.

تقول "نجمة" حتى لو توصلت إلى هذا الهدف من العمل، الأسعار المتصاعدة أصبحت تعني أنني لا أستطيع سوى شراء أقل من نصف كمية الأرز والدقيق التي كنت أشتريها، ما يجعل من الصعب علي إطعام 10 أشخاص مسؤولين مني ويتشاركون مع كوخا ضيقا.

ويقول رئيس قسم المرونة والتأهب للطوارئ والاستجابة والحماية الاجتماعية في برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة (WFP) روشيني بيريرا: "نحن بحاجة إلى التحرك الآن لضمان عدم تدهور هذا الوضع أكثر، حيث "أشارت أحدث الدراسات الاستقصائية إلى أن هذا يتصاعد أكثر، حيث لا تستهلك الأسر وجبات غذائية كافية في جميع أنحاء البلاد".

واستجابت وكالات الأمم المتحدة وشركاؤها في يونيو لطلب الحكومة للحصول على مساعدة دولية من خلال نداء ساعد المجتمع الإنساني في الوصول إلى أكثر من مليون من الأشخاص الأكثر ضعفاً في سريلانكا بالنقد والغذاء والوجبات المدرسية والأدوية والحماية ودعم سبل العيش، ويهدف إلى جمع ما مجموعه 149.7 مليون دولار للوصول إلى 3.4 مليون شخص محتاج.

وبينما يقوم السريلانكيون بتشغيل الأخبار التلفزيونية لمشاهدة الرئيس رانيل ويكرمسينغ وهو يتعهد علنًا بأنه "لن يُسمح لأحد بالتضور جوعاً" في أزمة الأمن الغذائي التي تلوح في الأفق العام المقبل، أعربت فرق الإغاثة أيضًا عن قلقها العميق بشأن الآثار غير المباشرة للغذاء، ونقص الوقود والأدوية على الجيل القادم من السريلانكيين.

توضح الممثلة القطرية لصندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) في سريلانكا كونلي أديني: "لدينا 215 ألف امرأة ستلد بين يونيو وديسمبر 2022، هذه نسبة كبيرة من النساء بحاجة إلى دعم للأدوية والرعاية".

في إشارة إلى "الصعوبات الشديدة" في الحفاظ على أنشطة التوعية الحيوية للأم والطفل في المجتمعات النائية بسبب أزمة الوقود في وقت سابق من هذا العام، تحذر "أديني" من أن العديد من الأدوية قد نفدت "منذ بدء التحديات" في مارس 2022.

وتصر "أديني" على أن "(السريلانكيين الضعفاء) بحاجة إلى أن يكونوا قادرين على الوصول إلى المرافق الصحية، لضمان عدم عكس المكاسب الممتازة التي حققناها في مجال صحة الأم في سريلانكا".

بالعودة إلى مزرعة الشاي في رامبودا، تصل مجموعة من السياح الغربيين من حين لآخر للقيام بجولة في المصنع والتعرف على كيفية صنع المشروب.. مزيج صاخب وعطري من التجفيف والتغطية والطحن و... بواسطة عدة آلات عمرها عقود يتم تشغيلها بالمعرفة الفنية التي يتم نقلها من الأب إلى الابن.

وسط هذه اللقطات من أراضي الغابات الاستوائية المورقة التي تحيط بمصنع "الشاي" القديم، يبقى الواقع اليومي لمئات الآلاف من عمال مزارع الشاي -مثل "نجمة"- بعيدا كل البعد عن كونه جوا شاعريا.. مشاهدة "نجمة" في العمل الجاد، حافية القدمين على منحدر تل شديد الانحدار، يجعل أي اعتقاد مسبق بأن نتف الشاي هو نشاط لطيف "يتلاشى بسرعة".

بحركة سريعة وقوية في ذراعيها، تنتزع "نجمة" حفنات من البراعم الطازجة من شجيرات الشاي التي يصل ارتفاعها إلى الخصر، قبل أن تدفعها في الكيس الكبير الموجود على ظهرها.. يجب عليها تحديد الأعشاب والأغصان المكسورة والتخلص منها، ويجب عليها توخي الحذر أثناء المرور في الممرات الضيقة، خاصة عندما تتحول الأرض إلى "وحل" في الأمطار، التي جاءت في وقت مبكر من هذا العام.

وتضيف "نجمة" أن إحدى مشكلات العمل عندما يكون الجو رطبًا، هي أن الأوراق الحادة غالبًا ما تدمي الأصابع التي خففت بسبب المطر والنتف المتكرر للشاي.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية